نموذج جديد لمعرفة حالات الإنفلونزا باستخدام «جوجل»
طور باحثان أمريكيان أنموذج على الكمبيوتر يستطيع التنبؤ باندلاع الحالات الوبائية التي تصل إلى مستوى الذروة في الإصابة بالإنفلونزا في مناطق معينة قبل سبعة أسابيع من الانتشار الوبائي للمرض. وقد تمكن الباحثان من ذلك بجمع البيانات التي ترصد عمليات البحث التي يجريها المستخدمون في محرك جوجل حول الإنفلونزا، وربطها مع أحدث تقنيات التنبؤات بالطقس والحالة الجوية. ويأمل الباحثان أن يعمل النظام الذي قاما بتصميمه على مساعدة السلطات الصحية والجمهور العام ليكون الناس مستعدين لحالات اندلاع الإنفلونزا الموسمية على نحو أفضل من ذي قبل.
وهذان الباحثان هما جيفري شامان، وهو أستاذ مساعد في قسم علوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة، التابعة لجامعة كولومبيا في نيويورك، وأليشيا كارسْبِك، وهي مختصة بالأرصاد الجوية في المركز القومي لأبحاث الطقس والغلاف الجوي في بولدر في ولاية كولورادو. وقد تحدث الباحثان عن أنموذجهما الجديد في تقرير نشر على الإنترنت بتاريخ 26 تشرين الثاني (نوفمبر) في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، قبل صدور الطبعة الورقية من المجلة.
يشار إلى أن الذروة الموسمية لاندلاع وباء الإنفلونزا تختلف اختلافاً هائلاً من سنة لسنة، ومن منطقة لمنطقة. ففي المناطق المعتدلة من نصف الكرة الشمالي يمكن أن يندلع الوباء بمعدلات الذروة في أي وقت خلال الفترة ما بين تشرين الأول (أكتوبر) ونيسان (أبريل).
وقال شامان في بيان صحافي إن أنموذجهما يعطي ''نافذة تتيح الاطلاع على ما يمكن أن يحدث من أسبوع لأسبوع في الوقت الذي ترتفع وتهبط فيه نسبة الإصابات بالإنفلونزا''.
ويضيف أنه يستطيع رؤية مستقبل تسير فيه هذه التنبؤات بوباء الإنفلونزا جنباً إلى جنب مع تقارير النشرة الجوية على محطات التلفزيون المحلية. ويضيف أن ظروف الإنفلونزا، شأنها في ذلك شأن الطقس، تتغير بحسب المنطقة. على سبيل المثال، ربما تبلغ مدينة أتلانتا معدلات الذروة قبل أسابيع من مدينة أنكوريج (في ألاسكا).
وقال: ''حيث إننا جميعاً معتادون على نشرة الأرصاد الجوية، فإننا حين نسمع أن هناك فرصة بنسبة 80 في المائة لسقوط أمطار، فسيكون لدينا جميعاً شعور حدسي حول ما إذا كان يجدر بنا أن نحمل أو لا نحمل معنا مظلة عند الخروج''.
وتابع: ''أتوقع أننا سنكتسب مستوى مماثلاً من الارتياح والثقة في التنبؤات حول وباء الإنفلونزا، وأننا سنكتسب حدساً حول ما يجدر بنا فعله من أجل وقاية أنفسنا، استجابة للتوقعات المختلفة حول مستوى انتشار الوباء''.
ويبين الباحثان إن من شأن ذلك تحفيز الناس ليكونوا أكثر وعياً وإدراكاً لكيفية شعورهم وليتخذوا الاحتياطات المناسبة، من قبيل تلقي لقاح الإنفلونزا، وأن يتوخوا المزيد من الحذر حين يكونوا بالقرب من أناس يعطسون ويسعلون.
وكذلك يمكن للتنبؤات التي من هذا القبيل على صعيد آخر أن تساعد السلطات على أن تخطط مسبقاً ليكون لديها مخزون مناسب من اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات، وفي حالة اندلاع وباء شديد أن تتخذ قرارات مهمة، من قبيل إغلاق المدارس أو عدم إغلاقها، حسب طبيعة الوضع.
وقد طبق شامان وكارسْبِك في أنموذجهما مبادئ مستخدمة في التنبؤات الجوية. ومن هذه المبادئ، قام الباحثان بعمل موالفة دقيقة مع بيانات الملاحظات والمتابعة المأخوذة من حالات فعلية، وبالتالي ''دفع الأنموذج ليتوافق مع الواقع وتقليص الأخطاء في عمليات المحاكاة ضمن الأنموذج''، على حد تعبير شامان.
ومن أجل اختبار أنموذجهما، استخدم الباحثان البيانات الخاصة بمواسم الإنفلونزا خلال الفترة 2003 – 2008 في مدينة نيويورك.
وقد حصلا، عن طريق الاتجاهات العامة للإنفلونزا في جوجل، على ''بيانات تقارب الوضع الفعلي في الزمن الحقيقي''، والتي يمكن عن طريقها تقدير معدلات اندلاع الوباء استناداً إلى عمليات البحث المرتبطة بالإنفلونزا في منطقة معينة. وحين وضعا البيانات ضمن الأنموذج، وقاما بمقارنة الأنموذج مع الأنماط الفعلية لحالات اندلاع الوباء، وجدا أن بمقدور الأنموذج التنبؤ بحالات الاندلاع قبل وقوعها بأكثر من سبعة أسابيع.
وخلُص الباحثان إلى أن عملهما يمثل ''خطوة أولى في سبيل تطوير نظام إحصائي متين من أجل تنبؤات عملية بالوقت الحقيقي للإنفلونزا الموسمية''.
وتقول آيرين إكستراند، من المعهد القومي للعلوم الطبية العامة، التابع للمعاهد القومية للصحة في الولايات المتحدة، والذي ساهم في تمويل الدراسة: ''إن التنبؤ بالإنفلونزا ينطوي على إمكانية إحداث تخفيض لا يستهان به في تحسين مقدرتنا على الاستعداد والتحضير لحالات الإنفلونزا الموسمية التي تصيبنا كل عام''.
هذا وتشير البيانات إلى أن نحو 35 ألف شخص يلقون حتفهم سنوياً في الولايات المتحدة نتيجة الإصابة بالإنفلونزا، في حين أن الإنفلونزا تقضي سنوياً على ما بين ربع مليون إلى نصف مليون شخص في مختلف أنحاء العالم.
يريد شامان الآن اختبار الأنموذج في مناطق أخرى في الولايات المتحدة، على اعتبار أنه ''لا توجد ضمانة بما أن الأنموذج أثبت نجاحه في نيويورك فإنه سيكون ناجحاً بالمثل في ميامي. ''يشار إلى أن وزارة الأمن الداخلي قدمت كذلك مساعدة مالية للمساهمة في تمويل الدراسة.