مدرسة الأحساء الأميرية.. معلم سياحي يحكي تاريخ 74 عاما
تعد مدرسة الأحساء الأميرية أحد أهم المعالم السياحية في المنطقة، وخاصة للزائرين الذين يرغبون في التعرف على نشأة وتاريخ رجالات التعليم في الأحساء التي زخرت منذ القدم بعدد كبير من الكتاتيب تجاوز عددهم الـ20 لتعليم الصبيان، فاستطاع المعلمون الأوائل من رجال الدعوة إثراء النشاط الثقافي والديني في المنطقة وخرّجوا كثيرا من العلماء والقضاء.
ويقول لـ''الاقتصادية'' خالد الفريدة باحث آثار إن مدرسة الأحساء الأميرية تم افتتاحها في محرم 1360 تحت رعاية الأمير سعود بن جلوي أمير الأحساء وبحضور الأمير عبد المحسن بن عبد الله بن جلوي نيابة عن الأمير سعود، وقد حضر الافتتاح كوكبة من رجال العلم بالأحساء والأهالي ومحمد بن علي النحاس مدير المدرسة الذي تمكن من إنشاء مبنى المدرسة كمقر دائم لها وباسم مدرسة الأحساء الأميرية، وذلك بعد أن تم إغلاق مدرسة الأحساء الأميرية والواقعة في مبنى الحميدية بجوار سوق القيصرية ليكون مقرا للشرطة.
تلقى طلاب المدرسة بداية علوم الدين وعلوم الحساب والرياضيات والعلوم التجارية وكانت المدرسة تضم عددا من الطلاب، إضافة للطلاب المسجلين ما بين عام 1356 حتى عام 1360 والذين درسوا في بيت النعيم ومدرسة الأحساء الأميرية. وقد تخرجت أول دفعة من المدرسة وعددهم 70 طالباً سنة 1362.
ويضيف الفريدة: مبنى المدرسة يغلب عليه الطراز الإسلامي، حيث شيد مدخل المدرسة الشرقي وفقاً لفن العمارة العربي الإسلامي بحيث يبرز عن الجدار الشرقي للمبنى باتجاه الشرق مشكلاً شرفة يرقى إليها الداخل عبر سلمي درج على جانبي المدخل ويتوج المدخل أربعة عقود: اثنان مقابلان للباب المؤدي إلى داخل المدرسة يحملهما ثلاثة أعمدة، والآخران متقابلان يعلوان نهاية درج المدخل من أعلى وتتخلل جدران المبنى الخارجي من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية نوافذ كبيرة مستطيلة الشكل تطل من خلالها غرف المبنى على الشارع ويتوسط المبنى من الداخل فناء مربع الشكل تقريباً تحيط به من الجهات الأربع أروقة تحملها عقود نصف دائرية تتوج صفوف الأعمدة المطلة على الفناء بحيث تبرز فنون العمارة المحلية المستقاة من فنون العمارة العربية والإسلامية ويوجد بهذه الأروقة عدة أبواب تنفذ من خلالها إلى قاعات الدراسة، كما يظهر للداخل إلى المدرسة عبر بابها الرئيس على جانبي المدخل مباشرة غرفتان متقابلتان، كان يشغل هاتين الغرفتين طلاب السنوات (الخامسة، والسادسة) وبعد هاتين الغرفتين توجد قاعتان كبيرتان متقابلتان إحداهما شمالية مخصصة لأعضاء هيئة التدريس بالمدرسة وجنوبية مخصصة للرسم. وكانت تزين حيطان الصفوف المتقدمة مثل الصف الخامس والسادس خريطة أو أكثر من خرائط القارات السبع لأغراض تدريس مادتي التاريخ والجغرافيا.
ويشير الفريدة إلى أن هناك عددا من المعلمين البارزين قاموا بالتدريس في المدرسة من أبرزهم حمد الجاسر، عبد الله بن عبد الرحمن الملا، يوسف بن راشد المبارك، عبد الرحمن بن محمد القاضي، عبد اللطيف بن عبد العزيز المبارك، عبد الله بن عبد الرحمن الباز، حمد بن عبد الرحمن العمر، عبد الله بن محمد بونهية، السيد محمد الخليفة، محمد بن عبد الرحمن الطويل النعيم، عبد الجليل بن علي الحلبي، عبد القدير عنبر، عبد المحسن بن حمد المنقور، عبد العزيز بن منصور التركي، عبد الرحمن بن إبراهيم الحقيل، محمد بن جنيدل، محمد علي النحاس، إبراهيم الحسيني، محمد بن عبد الهادي العبد الهادي، عبد الله بن عبد الرحمن المبارك، عبد الله بن علي المبارك، عثمان المعارك، عبد اللطيف بن عبد الله بودي، ومحمد بن عبد العزيز الجيبان.
#2#
أما أهم الطلبة الذين تلقوا تعليمهم في المدرسة فمنهم الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز آل سعود، الأمير سعد الفيصل بن عبد العزيز آل سعود، الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن جلوي، الأمير عبد العزيز بن سعود بن جلوي، الأمير فيصل بن فهد بن جلوي، الأمير محمد بن فهد بن جلوي، إضافة إلى عدد من الوزراء والسفراء ورجال الأعمال ورؤساء ومديري الدوائر الحكومية والشركات منهم محمد بن عبد العزيز بن زرعة، محمد بن عبد اللطيف بن محمد آل ملحم، عبد العزيز بن عبد الله السالم، حسن بن مشاري الحسين، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن العمران، صالح بن عبد العزيز السالم، محمد بن عبد الرحمن الباز، أحمد بن عبد الرحمن المانع، عبد اللطيف العجاجي، صالح بن عبد الرحمن المزروع، عبد الرحمن بن عبد الله الوهيبي، وعبد المحسن بن حمد المنقو، يوسف بن محمد الجندان، عبد العزيز بن سليمان العفالق، عبد الله بن سعد الراشد.
وشكل عام 1019 البداية الحقيقية للتعليم شبه النظامي في الأحساء، وذلك عندما فكر الأهالي في إنشاء مدارس لها مقرات مستقلة وأوقفوا عليها المزارع والمساكن والأموال، وقد أنشئت عدة مدارس كانت تعتمد في الصرف على ما تم إيقافه عليها، ومن أهم تلك المدارس مدرسة القبة وقد تأسست عام 1019 في حي الكوت، مدرسة الشلهوبية تأسست عام 1183 في حي الكوت، مدرسة الشهارنة تأسست عام 1200 في حي الرفعة، مدرسة الشريفة تأسست عام 1305 في حي الكوت، مدرسة بن قرين تأسست عام 1312 في الكوت. واهتمت هذه المدارس بتدريس العلم الشرعي من حديث وفقه وعلوم اللغة وهي مدارس شبه رسمية.
وشهدت الأحساء ظهور المدارس النظامية أيام الوجود العثماني الثاني، حيث أسست مدرسة الراشدية عام 1319 في وسط حي الكوت، حيث بنيت بشكل مميز ظهر فيه الطرز المعمارية الجميلة على شكل مبنى منعزل حوله فناء يشابه المدارس الحديثة، وقد اقتصر التعليم فيها على مبادئ القراءة والكتابة باللغة التركية وبعض العلوم الدينية والرياضية والاجتماعية، على أبناء الأتراك والمقربين منهم.
وبعد فتح الأحساء عام 1331 على يد المغفور له الملك عبد العزيز أقفلت المدرسة الراشدية، وفي عام 1343 قام الشيخ حمد بن محمد النعيم بتأسيس مدرسة النجاح في حي النعيم بالنعاثل في الهفوف لتدريس أبناء أسرة الشيخ وجيرانه، وبعد أن لمس الشيخ إقبال طلبة العلم على المدرسة فكر في توسيع المدرسة لتستوعب عددا أكبر من الطلاب وكان له ذلك بمساعدة من الشيخ عبد الله بن إبراهيم القصيبي الذي تبرع بمنزله الكائن في حي القرن في الهفوف بجوار دروازة القرن ليكون مقراً للمدرسة، وانتقل الشيخ حمد النعيم بطلابه البالغ عددهم 300 طالب إلى المبنى الجديد، وانضم بعض الشيوخ لمساعدته في التدريس منهم الشيخ عبد الرحمن المزروع، وتم تسجيل طلاب جدد بالمدرسة، وكان من بين المدرسين في بيت النعيم الشيخ حمد الجاسر والشيخ عبد الله عبد الرحمن الملا والشيخ يوسف بن راشد المبارك والشيخ مشعان بن ناصر المنصور، وفي عام 1351هـ توفي الشيخ حمد النعيم - رحمه الله - وانفرط عقد المدرسة وحلت فترة ركود بالتعليم حتى عام 1356هـ حين أرسلت الحكومة محمد بن علي النحاس لافتتاح مدرسة في الأحساء، حيث تم افتتاح أول مدرسة حكومية نظامية في الأحساء عرفت باسم مدرسة الأحساء الأميرية، حيث سجل فيها 40 طالباً وفي خلال عدة أسابيع بلغ عدد طلابها 160 طالباً.
ويعقد في كل عام اللقاء السنوي للخريجين من مدرسة الأحساء الأميرية ويحضره عدد كبير من خريجي الدفعات الأولى بالمدرسة وعدد من رجال الأعمال ورجال التعليم في المنطقة الشرقية وجاءت فكرة هذا اللقاء من رجل الأعمال سعد الحسين الذي عبر بدروه عن أهمية مثل تلك اللقاءات في زيادة الترابط بين أبناء الجيل الواحد وفرصة للتواصل بينهم واستعادة ذكريات الماضي وهم على مقاعد الدراسة، مؤكداً أن اللقاء له إيجابيات عديدة من خلال مساهمته في لم شمل الرعيل الأول من خريجي المدرسة واستمرار التواصل بينهم، ولا تزال مثل هذه اللقاءات مستمرة بحيث يتكفل كل شخص باستضافة اللقاء، ويسهم هذا اللقاء في استعادة ذكريات الماضي وحيوية الشباب في تلك المدرسة وفصولها الدراسية، وما كان يتخللها من أنشطة وبرامج ومنافسات بين الطلبة.
ويعتبر عبد الله بن سعد الراشد أحد خريجي الدفعة الأولى من مدرسة الأحساء الأولى من أهم الداعمين لفكرة هذا اللقاء السنوي، ومما يتذكره الراشد عندما طرحت آنذاك فكرة إنشاء (الجمعية التعاونية لمدرسة الأحساء الثانوية كشركة مساهمة عن العام 1956) برأسمال ألف ريال، حيث تم تحديد قيمة السهم بخمسة ريالات لكل مساهم.