تعويضات عقارية معطلة في مكة بـ 5 مليارات
قدّر مختصّون حجم العقارات المنزوعة ملكيتها في مكة المكرّمة لمصلحة المشاريع التطويرية الحكومية والخاصّة بنحو 60 مليار ريال.
وأشار المختصّون إلى أن هناك نحو خمسة مليارات ريال من التعويضات الخاصّة بالأوقاف ما زالت معطّلة لدى الجهات المعنية نظراً لبطء الإجراءات الخاصّة بها.
وقال طلال بن عبد الوهاب مرزا رئيس الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرّمة ''إن الأهمية التنموية والاقتصادية للأوقاف وحاجتها إلى التطوير والتنظيم دعت الغرفة إلى تأسيس لجنة للأوقاف، حيث تضم نخبة مميزة من المتخصّصين، سعياً إلى أن تكون مكة المكرّمة نموذجاً يُحتذى به في مجال العمل الوقفي''.
وأكد أن ترك آلية الإشراف والرقابة على الأوقاف للمحاكم يؤكد بجلاء أهمية هذه الموارد المهمة في حياة الأمة وأبنائها.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
قدّر مختصون في مكة المكرمة حجم الأوقاف التي تم نزع ملكيتها لمصلحة المشاريع التطويرية الحكومية منها والخاصة بنحو 60 مليار ريال من إجمالي حجم التعويضات للعقارات خلال الأعوام الثلاثة الماضية، والتي بلغت أكثر من 80 مليارا، مشيرين إلى أن هناك نحو خمسة مليارات ريال من التعويضات الخاصة بالأوقاف ما زالت معطلة لدى الجهات المعنية نظراً لبطء الإجراءات الخاصة بها.
وكان الدكتور عبد العزيز الخضيري وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة، قد أطلق البارحة الأولى إشارة الموافقة على تحقيق مطالب النظار في عقد ورشة عمل ترصد العوائق والحلول، مطالباً أن تكون لمدة 12 ساعة وخلال نصف شهر من الآن، وذلك خلال اللقاء الذي نظمته لجنة الأوقاف في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة.
وخلص اللقاء بطلب من الحاضرين إلى عقد ورشة عمل سريعة تكون أشبه بجراحة عاجلة لواقع الأوقاف الذي يعاني بطء الإجراءات وتعطل تسلّم النظار والواقفين لمستحقات التقدير التي قدرت بأكثر من خمسة مليارات ريال، مما فوت فرصة شراء الأوقاف البديلة نظراً للارتفاع الجنوني لأسعار العقار في مكة المكرمة في ظل الضخ الحكومي وتزايد الطلب وقلة المعروض.
من جهته، قال طلال بن عبد الوهاب مرزا رئيس الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة: "إن الأهمية التنموية والاقتصادية للأوقاف وحاجتها للتطوير والتنظيم دعت في الغرفة إلى تأسيس لجنة للأوقاف، حيث تضم نخبة مميزة من المتخصصين، سعياً وراء أن تكون مكة المكرمة نموذجاً يحتذى به في مجال العمل الوقفي"، مؤكداً أن ترك آلية الإشراف والرقابة على الأوقاف للمحاكم يؤكد بجلاء أهمية هذه الموارد المهمة في حياة الأمة وأبنائها.
وأشار نواف آل غالب رئيس لجنة الأوقاف في غرفة مكة المكرمة، إلى أن من أهم العوائق التي تعترض العمل الوقفي بطء الإجراءات، خاصة فيما يتعلق بشراء البدل للأوقاف المنزوع ملكيتها للمصلحة العامة من خلال إعطائها صفة الاستعجال، مبيناً أن حجم العقارات التي نزعت لمصلحة المشاريع التطويرية في مكة المكرمة بلغت 80 مليار ريال منها 60 ملياراً لمصلحة الأوقاف.
وقال آل غالب: "مكة المكرمة تمر اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين بنقلة نوعية في مجال العمران والتشييد لم يشهد لها التاريخ مثيلا، التي منها التوسعة غير المسبوقة في المنطقة المركزية"، مفيداً أن بعض صكوك الأوقاف التي تتركز حول الحرم المكي قديمة ولم تضف عليها الارتفاعات والمساحة الإجمالية، مما تسبب في تأخير تسلّم تعويضاتها، وبالتالي أدى إلى تأخر شراء البديل.
وتابع: "إن المكرمة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين أخيرا باستثناء بعض الأوقاف من تطبيق تعليمات الاستحكام الواردة في نظام المرافعات الشرعية وصرف تعويضاتها بموجب صكوكها القديمة لإيجاد البديل المناسب لها عن طريق المحكمة الشرعية وفق الإجراءات النظامية والمتعبة لاعتبارات شرعية تعد من الخطوات المهمة التي خدمت العمل الوقفي، وأن جميع نظار الأوقاف والمستحقين في مكة المكرمة يأملون في أن تشملهم هذه المكرمة لاستمرار الصدقة الجارية على الواقفين وعدم انقطاعها أو تعطلها ولدفع عجلة التنمية في هذه البلاد المباركة".
وأوضح آل غالب، أن الارتفاع المطرد في سعر العقار في مكة المكرمة بسبب قلة المعروض يجعل من الأهمية تسهيل إجراءات الأوقاف لشراء البديل المثمر، خاصة أن التأخير يؤدي لانخفاض القوة الشرائية لقيمة تعويضات هذه الأوقاف نتيجة تأخر صرفها وبقائها في مؤسسة النقد، مما يحمل هذه الأوقاف أعباءً مالية ويضعف منافستها في الشراء في مكة المكرمة.
وزاد: "تسبب التأخير في صرف مستحقات الأوقاف من التعويضات في عزوف كثير من الملاك عن البيع على الأوقاف نظراً لطول الإجراءات ورغبة الملاك في البيع بأعلى سعر وأسرع وقت، وقد يؤدي هذا إلى أن تفقد الأوقاف فرصة استمرارها ومساهمتها في التنمية"، منبها إلى أهمية تشكيل جمعية عمومية لنظار الأوقاف في مكة المكرمة وتحقيق التواصل مع الخبراء والمتخصصين في الإدارة والتنمية سعياً وراء عدم اندثار الأوقاف.
وقال آل غالب: "إذا كانت التنمية المستدامة قد عرفت بأنها تلبية احتياجات الأجيال الحالية دون استفادة مقدرة للأجيال المقبلة على تحقيق وتلبية احتياجاتها، فإن هذا التعريف يوضح أن عنصر الزمن الحاضر والمستقبل وتلبية الحاجة العاجلة والآجلة هما قوام هذا النوع من التنمية، وقد حقق الوقف هذه العناصر".
وأشار إلى أن لجنة الأوقاف في غرفة مكة المكرمة تهدف إلى تحقيق نشر ثقافة الوقف وإعداد إحياء النماذج الوقفية الناجحة وابتكار أفكار وقفية لمجالات تعنى بالتنمية في شتى مجالات الحياة المختلفة والتواصل مع الجهات المعنية لنقل الخبرات وإبراز التجارب الوقفية الناجحة بمنهجية مؤسسية خاصة في الجوانب المالية والإدارية وحصر أبرز البحوث والدراسات العلمية الخاصة بالوقف للاستفادة منها وتشكيل رابطة بين نظار الأوقاف بمكة المكرمة لتنسيق التواصل مع الجهات ذات العلاقة وتحقيق التكامل والتدريب على الإدارة الوقفية الناجحة.
وتضمن اللقاء طرح تجربتين نموذجيتين للأوقاف، الأولى لوقف الشريف غالب بن مساعد التي خصصت لها خطة استراتيجية، وأخرى تطبيقيه للرقي بالأوقاف، والتجربة الثانية للجنة التنسيقية لأوقاف بلاد ما وراء النهر قدمها الدكتور حبيب مرزا، وأوضح فيها أن حاجة حجاج الجمهوريات المستقلة للسكن بعد استقلالها بعد 70 عاماً من انقطاع الحج بسبب الاستعمار أدى إلى تفكير أهل تلك البلاد في بناء أوقاف لإيواء وسكن الحجاج، فيما تطلب في ظل تنامي هذه الأوقاف إلى لجنة تنسيقية بينهم حيث جمعت اللجنة التي أنشئت عام 1427 هـ نظار أوقاف 12 وقفاً خيرياً تخدم ألفي حاج سنوياً.
كما تناول اللقاء حزمة مداخلات لتقوية مفاصل الأوقاف، حيث طالب القاضي سعد المهنا بمزيد من التسهيلات لقطاع الأوقاف، مثل التسهيلات التي تقدم للمدن الصناعية وكبار المستثمرين، لأن عائدات الأوقاف ربما تتفوق على كيانات اقتصادية قدمت لها تسهيلات واستثناءات.
ونصح المنها بألا يتم التركيز على الأوقاف المعطلة أو التي تواجه التأخير، بل إلى طرق أبواب تطوير الأوقاف الناجحة وتبادل التجارب، معتبراً مكة المكرمة والمدينة المنورة مركز ثقل للأوقاف المملكة، طارحاً فكرة تنظيم معرض للتجارب الوقفية الناجحة وآلية التطوير.
وألمح الشيخ يوسف الأحمدي عضو لجنة الأوقاف والمتخصص في الشأن العقاري، إلى أن مساحة العقارات المزالة حول الحرم المكي تمثل المساحة الحقيقية في عهد الدولة العباسية، مما يصور حجم تنامي العقارات في مكة المكرمة، مطالباً بعقد ورشة عمل تشرف عليها إمارة المنطقة وتشترك فيها الجهات المعنية بتنظيم الأوقاف مع النظار ولجنة الأوقاف، للوصول إلى أبرز المعوقات تحقيقاً لحلها خاصة أن هناك خمسة مليارات ريال هي حجم التقديرات التي تحتفظ بها مؤسسة النقد بسبب بطء الإجراءات في تسليم التعويضات، مشيراً إلى تخصيص عشرة ملايين ريال لبناء مركز للعناية بالأوقاف في مكة المكرمة. فميا اعتبر الدكتور صالح الحويس مستشار أوقاف، التعدي على "عين زبيدة" صورة لواقع بعض الأوقاف التي تعاني التعديات، مبيناً أن عدم وجود صك شرعي لحرم العين أدى إلى اتساع مساحة التعدي. وشبّه الدكتور نجم الدين أنديجاني اللقاء بحلم تحقق ليجمع نظار الأوقاف مع المسؤولين في الجهات ذات العلاقة، مبيناً أن من بين العوائق التأخر في تقدير عقارات الأوقاف، مشيراً إلى أن خمس عقارات وقفية في مركزية مكة المكرمة يشرف عليها لا تزال في دائرة التأخير. وذكر المحامي محمد صفي الدين السنوسي أن النظار بحاجة ملحة لدليل ارشادي تتبناه اللجنة يلخص مهام النظار ورسالتهم ودورهم، ويضم قاعدة معلومات للهواتف لتحقيق التواصل بينهم.