اقتصاد الإمارات يخرج من شرنقة الأزمة العالمية ويتجه للنمو في 2013
بدأ الاقتصاد الإماراتي بإظهار بوادر التعافي الاقتصادي منذ النصف الأول من 2012 متجاوزا تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها الثقيلة تحديدا على دبي التي تعتبر المحرك الاقتصادي غير النفطي للبلاد.
فبعد سلسلة من الأزمات المتعلقة بديون الشركات الكبرى التابعة لحكومة دبي وتدخل أبوظبي لإنقاذها بعدة حزم مالية، عادت قاطرة النمو إلى التحرك من جديد وإن بصورة أقل تسارعا مما كانت عليه قبل صيف 2008.
ووفقا لصندوق النقد الدولي فإن التعافي بدأ يتحقق بالفعل منذ 2011، حيث نما إجمالي الناتج المحلي في الدولة بنحو 9 .4 في المائة في 2011 متجاوزاً النسب المتوقعة، وذلك بفضل الارتفاع في إنتاج النفط.
وقال الصندوق إن الاقتصاد غير النفطي للإمارات سجل نمواً بنحو 7 .2 في المائة في 2011 بدعم من الأداء القوي على مستوى التجارة والسياحة والصناعة، على الرغم من ارتفاع مستويات المعروض من العقارات.
كما أبدى الصندوق تفاؤلاً حيال مستقبل النمو الاقتصادي للدولة الذي أكد أنه تعافى كلياً من تبعات الأزمة المالية العالمية، ويتوقع الصندوق أن يصل نمو اقتصاد الإمارات إلى 2.8 في المائة في 2013، مشيرا إلى أن القطاع غير النفطي سيقود النمو في العام الجاري مع استقرار نمو القطاع النفطي هذا العام، وتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي غير النفطي للدولة إلى 8 .3 في المائة في 2013.
ووفقاً لتقديرات الصندوق يتوقع أن تصل قيمة الناتج المحلي للإمارات إلى 438 مليار دولار هذا العام وأن ترتفع إلى 539 مليار دولار في 2013، وذلك مقابل 136 مليار دولار في 2011.
#2#
وقدر صندوق النقد الدولي إجمالي عائدات الإمارات من صادرات النفط والغاز ومنتجات البترول بنحو 667 مليار دولار خلال الفترة من عام 2012 حتى عام 2017.
من جانبه، توقع تقرير ''إيكونومست إنتلجانس يونت'' أن يسجل النمو الاقتصادي في الإمارات نموا يناهز 5.3 في المائة في 2013 على أن يزداد معدل النمو بدءا من عام 2014 وصاعدا معززا بزيادة النشاط غير النفطي، واعتبارا من 2015 حتى 2017 مدفوعا بإنتاج وأسعار نفطية أعلى، وتوقع أن يتوسع حجم الصادرات النفطية في وقت لاحق من فترة التوقع في أعقاب الاستثمار في توسعة الطاقة الإنتاجية.
وهنا رجح سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد أن يواصل الاقتصاد الإماراتي نموه في 2013 بنحو 4 في المائة، ليصل الناتج المحلي الاسمي للدولة إلى 38 .1 تريليون درهم (378 مليار دولار) مقابل 3 .1 تريليون درهم (354 مليار دولار) المتوقع لعام 2012 و339 مليار دولار في 2011 ما يؤكد قوة اقتصاد الإمارات ونجاحه في التغلب على تداعيات الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون الأوروبية.
معهد التمويل الدولي ومقره واشنطن توقع من جانبه أن تقود دبي النمو الاقتصادي في الدولة بنسبة نمو تصل إلى 4.2 في المائة في 2013، لكن التقرير توقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي للإمارات إلى 3.2 في المائة في 2012 و2013 نظرا للنمو المتباطئ في القطاع النفطي، كما توقع أن يسهم قطاع النفط في 1.3 في المائة من النمو في أبو ظبي.
#3#
وقال التقرير إن اقتران ذلك بعائد 5 في المائة مفترض على الاستثمار، سيؤدي إلى مزيد من النمو في ميزانيات صناديق الثروة السيادية إلى ما مجموعه 580 مليار دولار نهاية 2012، فيما ستزداد الأصول إلى 630 مليار دولار في نهاية 2013.
وأضاف معهد التمويل الدولي ''إن الإصلاحات الهيكلية في الإمارات خلال السنوات القليلة القادمة، وتقوية المؤسسات الاتحادية، وتعزيز الشفافية، والحوكمة، ستساعد على تسريع النمو غير النفطي إلى أكثر من 4 في المائة على المدى المتوسط''.
تقرير ''ميد'' حول الاقتصاد الإماراتي لم يبالغ في التوقعات عندما رجح أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارات بواقع 2.8 في المائة في 2013 مقارنة بـ 2.3 في المائة في 2012 وأن يرتفع إجمالي الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في 2013 إلى 394.5 مليار دولار من 386.4 مليار في 2012، و360.1 مليار في 2011، و297.6 مليار في 2010.
وأشار تقرير ''ميد'' إلى ظهور مؤشرات على تعاف اقتصادي في دبي، فقد ارتفع إجمالي الناتج المحلي لدبي بنسبة 3.2 في المائة في عام 2011، مقارنة بانكماش 2.2 في المائة في 2010.
ومن المتوقع أن تركز خطة دبي المعدلة لعام 2015، التي ستتخذ مقاربة أكثر واقعية تجاه النمو، على المجالات الأساسية لاقتصاد دبي، مثل النقل، السياحة، والتصنيع. ويتوقع أن تحقق الإمارة نموا في 2012 يصل إلى 2.5 في المائة.
وتوقعت ''ميد'' أن ينمو اقتصاد أبو ظبي خلال عام ?2013، بفضل فرص تجارية ضخمة تتجاوز قيمتها مبلغ ?276 مليار درهم، مشيرة إلى أن هذه الفرص ناشئة في قطاعات البنية التحتية، النقل، الرعاية الصحية، التعليم، الصناعات الثقيلة، الكهرباء والماء، العقارات والبناء، المصرفية والمالية، والنفط والغاز.
وقال وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبو ظبي، محمد عمر عبد الله إن اقتصاد الإمارة يمرّ بمرحلة جديدة من التقدم والتحسّن بسبب تنوّعه، بما يتوافق ويتماشى مع رؤية أبو ظبي الاقتصادية ?2030. وتوقع التقرير أن يبلغ إجمالي الناتج المحلي ?3.9 في المائة في عام ?2012، ليزداد تدريجاً ويصل إلى ?6.5 في المائة في عام ?2016، مع استمرار نمو استثمارات القطاع الخاص بعد تنفيذ البنية التحتية في المناطق الحرة ومناطق أخرى من الإمارة.
من جهتها، توقعت وكالة التصنيف العالمية فيتش أن تسجل الإمارات أداء اقتصادياً قوياً في العام الجاري، حيث قالت الوكالة إن النمو الاقتصادي في الإمارات سيحقق أداء أفضل في عام 2013، مؤكدة أن أسعار الخام ستكون أبرز عوامل دعم النمو في العام المقبل.
وأشادت الوكالة الدولية بانتعاش القطاع العقاري في الدولة عموما ودبي خصوصا، منوهة بارتفاع معدلات الإيجار في دبي بنسبة تتجاوز 12 في المائة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2012 مستفيدة من النشاط المستجد في قطاعات السياحة والتجارة والنقل.
وقال سامي القمزي مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، إن دبي ما زالت رغم الأوضاع الاقتصادية العالمية تحتفظ بحيويتها وموقعها الاستراتيجي، باعتبارها واحدة من أفضل الأماكن للعيش ومزاولة الأعمال التجارية، حيث قفزت الإمارات إلى المرتبة 26 عالمياً ضمن 183 دولة في تقرير ممارسة الأعمال لعام 2013 الصادر عن البنك الدولي، وذلك بعد تقدمها سبعة مراكز مقارنة بالمرتبة 33 خلال العام الماضي، وتقدمت الدولة بذلك 24 مركزاً في مؤشر بدء الأعمال، ليصل إلى المرتبة 22 مقارنة بالمرتبة 46 خلال العام الماضي، محتلة بذلك المركز الأول على مستوى العالم العربي في هذا المؤشر.
وأوضح أن البنك الدولي قام باعتماد إجراءات التسجيل والترخيص التجاري في دبي كمعيار لمؤشر بدء الأعمال في الإمارات، حيث يتم تطبيق أفضل الممارسات لتحسين هذه الإجراءات التي تشكل عاملاً أساسياً في تأسيس الأعمال، لافتا إلى أن المحركات الرئيسة في دبي المتمثلة في التجارة، والسياحة، والخدمات اللوجستية، وجذب الاستثمارات والصادرات وإعادة الصادرات شكلت حجر الأساس في تصدر الإمارة مركزاً عالمياً متميزاً، إذ تشير التقديرات إلى أن اقتصاد دبي سينمو بمعدل يفوق 4 في المائة خلال عام 2012. إلى جانب ذلك، ارتفعت صادرات دبي بمعدل الضعف في قيمتها الإجمالية لعام 2011 وعلى مدى الأشهر الستة الأولى من عام 2012.
وأضاف أن دبي أظهرت قدرتها على استقطاب المستثمرين وأصحاب الشركات من جميع أنحاء العالم لما تتمتع به من استقرار وبيئة اقتصادية آمنة ذات مزايا تنافسية في دخول أسواق جديدة من خلالها، حيث تمكنت من جذب 113 شركة عالمية بمجمل 115 مشروعا، واستثمارات ورؤوس أموال أجنبية ممثلة في شراكات استراتيجية تصل قيمتها إلى 16.5 مليار درهم خلال النصف الأول من عام 2012.
وأكد أن القطاع السياحي في دبي لا يزال إحدى ركائز الإمارة، حيث ازداد عدد السياح في دبي بنسبة 10 في المائة، وإيرادات الفنادق بمعدل 19 في المائة خلال النصف الأول من 2012، وزار الإمارة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2012 نحو خمسة ملايين سائح، ومن المتوقع أن تستقبل دبي خمسة ملايين سائح في النصف الثاني من العام 2012.
وأردف قائلا: إن دبي لا تزال عصباً حيوياً في حركة المسافرين عبر مطار دبي الدولي، إذ زاد تدفقهم بنسبة 13.7 في المائة في النصف الأول من عام 2012، ما يجعله أكثر المطارات ازدحاما في النصف الأول من العام الجاري، ومن المتوقع أن يستقبل المطار ما يزيد على 75 مليون راكب بحلول عام 2015، ما يجعله أكبر محطة لنقل المسافرين على مستوى العالم.
في المقابل أكد عبد الفتاح شرف الرئيس التنفيذي لـ ''إتش إس بي سي الإمارات'' أن مؤشرات النمو والتعافي الاقتصادي في الإمارات ودبي تبدو واضحة بالفعل، خاصة على مستوى قطاعات النمو الأساسية في الدولة وعلى رأسها التجارة والسياحة والضيافة. وقال: ''لمسنا نمواً لافتاً في حجم الطلب على الاستثمار في قطاع الضيافة سواء من قبل المستثمرين المحليين أو من الخارج، ما يعكس عودة قوية لمستويات الثقة، إضافة إلى ذلك نرى تحسناً واضحاً في أداء أسواق العقارات في الدولة''.
وتوقع البنك أن يواصل اقتصاد الإمارات نموه في 2013 بنحو 4 في المائة، ليصل الناتج المحلي الاسمي للدولة إلى 1,38 تريليون درهم (378 مليار دولار) مقابل 1,3 تريليون درهم (354 مليار دولار) في عام 2012، و339 مليار دولار في 2011.
وقال سايمون ويليامز، كبير المحللين الاقتصاديين في البنك: رغم أن الاقتصاد الإماراتي أكثر عرضةً لتأثيرات التباطؤ الاقتصادي في منطقة اليورو، مقارنة ببقية دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، فقد أظهر بعض المتانة والمرونة على مدى الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2012، ما دفع البنك لزيادة تقديراته للنمو في عام 2012 إلى 3,7 في المائة وتوقعاته لعام 2013 إلى 4 في المائة.
الخبير الاقتصادي طلال أبوغزالة، رئيس مجموعة طلال أبو غزالة الدولية، رئيس الائتلاف الدولي لتقنية المعلومات والاتصالات في الأمم المتحدة، قال: إن الاقتصاد الإماراتي سيحقق نمواً إيجابياً العام الجاري سيصل إلى نسبة 6 في المائة، متجاوزا بذلك التقديرات الدولية، مشيراً إلى أن قوة اقتصاد الإمارات ونجاحه في التغلب على تداعيات الأزمة المالية العالمية وأزمة الديون الأوروبية، ستساعده كثيرا على ذلك.
وقال أبوغزالة إن نسبة نمو اقتصاد الإمارات مستمرة في الزيادة في اتجاه تصاعدي، بعد تراجعها بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية، بينما لا تزال نسب نمو أغلبية البلدان الأوروبية تتراجع وتحقق معدلات تقترب من الصفر أو تقل عنه.
وأكد أن الاقتصاد الأساسي أو الحقيقي المتمثل في الأنشطة الإنتاجية الرئيسة للدولة لم يتأثر سلباً بالأزمات المالية العالمية، إذ إن سوق المال فقط هي التي تأثرت بالأزمات كنتيجة طبيعية لتأثر أسواق المال في العالم، مشيراً إلى أن اقتصاد الإمارات نجح في استيعاب الأزمات المالية، بسبب القيادة الحكيمة، إضافة إلى قوة وسلامة القرارات المالية التي اتخذها المصرف المركزي.
وأوضح أن تأثر الإمارات بالأزمة العالمية جاء من حقيقة أنها تمثل مركزاً مالياً عالمياً مرموقاً، لافتاً إلى أن اقتصاد الدولة الحقيقي لم يتأثر ولم يتم إغلاق أي منشآت اقتصادية، خصوصاً المنشآت الصغيرة والمتوسطة نتيجة الأزمة.
وأوضح أن تداعيات الأزمة المالية العالمية كانت ضخمة للغاية على أغلبية بلدان العالم المتقدم، إذ أغلقت شركات وبنوك ومؤسسات عملاقة لم يكن يتصور أحد إغلاقها على الإطلاق، مشيراً إلى أن الوضع في الإمارات أفضل كثيراً.
ولفت أبوغزالة إلى أهمية اتخاذ إجراءات تصحيحية تزيد اقتصاد الإمارات قوة تمكنه من مواجهة أي أزمات أخرى، موضحاً أن أول هذه الإجراءات يتمثل في ضرورة استقلال سوق المال في الإمارات عن أسواق المال العالمية، بحيث يكون لسوق المال الإماراتية قدر كبير من الاستقلال في اتخاذ القرارات، إضافة إلى ضرورة التركيز على المشروعات الإنتاجية وعدم التركيز على النشاطات التبادلية، مثل أسواق المال والعملات والمضاربات العقارية، وإعطاء أولوية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إذ إن اقتصادات الدول القوية تعتمد بصفة رئيسة على مشروعاتها الصغيرة والمتوسطة، وهذه المشروعات تمثل ما يصل إلى 80 في المائة على الأقل من حجم المشروعات في الدول المتقدمة.
وقال إن اقتصادات العالم لن تتمكن من التغلب نهائياً على تداعيات الأزمة المالية العالمية إلا في غضون عشر سنوات على الأقل، ما يتطلب إجراءات حاسمة ومتجددة بصفة مستمرة.
فيما توقع مؤيد مخلوف المدير الإقليمي لمؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي هي عضو في مجموعة البنك الدولي، والتي تمثل ذراع القطاع الخاص في المجموعة، نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5 في المائة عام 2013.
وأشاد مخلوف بجهود الإمارات في تنويع قاعدة اقتصادها الذي يتزامن مع رفع إنتاجها النفطي، حيث توقع أن ترفع الإمارات إنتاجها النفطي من 2.5 مليون برميل من النفط يومياً إلى 3.5 مليون برميل يومياً بحلول 2018، وكذلك بجهود الإمارات في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، قائلاً إن الإمارات لعبت دورا قياديا ومتميزا في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهي بالفعل مثال يحتذى به في المنطقة في هذا الدعم الذي يعكسه وجود الكثير من المؤسسات الداعمة مثل صندوق خليفة لدعم مشاريع الشباب، ومؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.