صهيب المطوف الصغير عمل مراسلا بين الرجال والنساء وعمره 10 سنوات

يعمل المطوفون في مكة المكرمة حاليا على تدريب جيل جديد من الشباب السعودي في مهنة الطوافة لخدمة الحاج خلال المواسم، وهي المهنة التي أشتهر بها أهالي مكة المكرمة منذ القدم، وحرص الأهالي خروج أبنائهم معهم الي المشاعر المقدسة لمعرفة أدق تفاصيل الطوافة وكيفية التعامل مع الحجاج. "الاقتصادية" التقت المطوف الصغير، الذي بدأ مهنة الطوافة في العاشرة من عمره حتى وصل إلى منصب نائب المدير العام في شركة والده، يقول صهيب علي بدأت العمل في الطوافة، عندما كان عمري في العاشرة كان في ذلك الوقت والدي يقوم مع عدد من أصدقائه باستئجار مخيمات الأهالي من وزارة الحج ليقوموا بعد ذلك بخدمة الحجاج، كنت في ذلك الوقت كلفت بالعمل في أن أكون مراسلا بين مخيمات الرجال والنساء وكانت مهمتي في ذلك الوقت حلقة الوصل بين الحاج وزوجته أو قريبته، كذلك كنت أقوم بإيصال المستلزمات إلى داخل مخيمات النساء.
صهيب نموذج لشاب سعودي مكافح تشرف بالعمل في خدمة الحجاج، ويقول هذه المهنة أصبحت تمشي في عروقنا ونتشوق إلى أن يأتي الحج لنتشرف بخدمة ضيوف الرحمن.
توجهت أنظار العديد من الشركات، إلى ذلك الشاب وطلب منه عدد من شركات حجاج الداخل العمل لديها، ولكنه رفض ليكون بجوار والده والذي علمه الصنعة ليتفوق ويكون من الشباب المتميزين في خدمة الطوافة. يقول صهيب "مهنة الطوافة مرت بمراحل عديدة كنا في السابق نعاني لكي نقوم بخدمة متميزة لضيوف الرحمن.
لكن اليوم ومع التنظيمات الجديدة للمخيمات وإنشاء مؤسسات الطوافة وشركات حجاج الداخل أصبحت المهنة تدار بكل احترافية ومهنية وأصبح التعامل إلكترونيا بدءا بتسجيل الحاج وتسكينه، وانتهاء بتفويجه وعودته إلى بلاده سالما معافا، صهيب الذي عمل مطوفا مازال يدرس في جامعة أم القرى قسم الشريعة، واختار ذلك التخصص كما يقول لخدمة حجاج بيت الله الحرام في أمور دينهم.
يتذكر صهيب العديد من المواقف مع الحجاج حينما كان مسؤولا عن السكن قبل نحو عشر سنوات، عندما فوجئ بإحدى حافلات الحملات الوهمية أمام بوابة المخيم، مدعيا أنه من حجاج تلك الحملة وكان المخيم ممتلئا بالكامل والحجاج غاضبين، يريدون الدخول ولم يكن متواجدا آنذاك إلا هو مما دعا أحد الحجاج الغاضبين إلى رفعه من عنقه إلى الأعلى وتوجه بقية الحجاج إليه لضربه لعدم إيجاد مكان لهم واستطاع أن يتخلص منهم بأعجوبة بدراجة نارية.
وأثنى صهيب على جهود إدارة حجاج الداخل لهذا العام، وأفاد بأنها أفضل فترة إدارية مرت على إدارة حجاج الدخل بالإضافة إلى فهمهم الكامل لإدارة الحج. وتوقع صهيب العمودي مزيدا من التسهيلات من هذه الإدارة في العام المقبل.
ومهنة الطوافة عريقة في التاريخ، ويقوم بها نخبة من سكان مكة المكرمة، وتشير كتب التاريخ إلى أن السلطان قايتباي عندما جاء مكة أوجد من يخدمه من أهالي أم القرى، وقد تطورت المهنة في عهد الملك عبد العزيز, وكان المطوفون في السابق يقومون برحلات إلى مختلف الدول الإسلامية للاتفاق مع الحجاج على أداء الفريضة معهم, إلى أن صدر نظام المطوفين المؤقت عام 1355هـ وهو أول تنظيم شامل يعرف بالمهنة ووظائفها ومواصفات المطوف والمهام التي يقوم بها وآليات التعامل والخدمات وتم تعديله في عام 1367هـ.
صدر نظام خاص بوكلاء المطوفين ومشايخ الجاوة عام 1365هـ وفي عام 1371هـ صدر قرار الملك عبد العزيز بإلغاء الرسوم التي كانت تؤخذ من الحجاج، وكان لهذا القرار صدى كبير على المسلمين حيث بدأت أعداد الحجاج تتضاعف، وفي عام 1398هـ صدر قرار بإنشاء مؤسسات الطوافة التي تعتبر تطويرا لخدمات المطوفين، وكانت أول مؤسسة طوافة هي مؤسسة حجاج تركيا وتأسست عام 1402هـ، وسبقها في التأسيس مكتب الوكلاء الموحد في جدة عام 1395هـ وتوسعت مؤسسات الطوافة عقب صدور تعليمات الطوافة 1405-1406هـ فأصبح هناك 9 مؤسسات طوافة تضم قرابة15 ألف أسرة وهي امتداد للأسر نفسها التي كانت تعمل في الطوافة قبل ذلك تحت إشراف وزارة الحج، كما صدر تنظيم لمؤسسات حجاج الداخل لخدمة الحجاج الذين داخل البلاد.
وكان المطوفون غالباً من القضاة والفقهاء القادرين على الإرشاد السليم على كل المذاهب ولكن دور المطوف تنامى خلال فترة حكم المماليك من مجرد المرشد الديني إلى المضيف في السكن، ثم المسؤول عن الإعاشة ثم الموفر لوسائل النقل وهكذا. ومع تنامي المردود المادي للطوافة و تداخل منافعها, تحولت بشكل رئيس من الفقهاء والقضاة ووصلت إلى الوجهاء والأعيان .