القراءة أهم!

القراءة أهم!

[email protected]

بحثت كثيرا عن الأبيات الشهيرة في موروثنا الشعري:
أعلمه الرماية كل يومٍ
ولما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي
فلما قال قافيةً هجاني
واجتهدت لأصل إلى نقطة التقاء مع تساؤلات عرضية، إلا أن اختلافات كثيرة ظهرت عن القائل والمناسبة حرمتني من لذة الاستشهاد، فروايات ذكرت أن الأبيات لمالك بن فهم عندما قتله ابنه خطأً لاعتقاده أنه أحد الأعداء، وإن كانت كذلك فما علاقة القوافي والأوزان بالموضوع، كما أن البيتين يحملان "تعمد" الرماية، وهو ما ترفضه الروايات التي تنسب البيتين إلى مالك بن الفهم، وهناك من نسبها إلى معن بن أوس، وآخرون إلى معن بن زائدة.
البيتان يعبران كثيرا عما أود الحديث عنه في مسألة الشعر وحقيقته التي يجب أن نتعامل معها كما هي، لا كما يجب أن يفرضها علينا الرعيل الأول من "ناقليه"، وهي الفكرة التي جعلت من الشعر "قالبا" أشبه بالقوالب الخرسانية الجاهزة، "تتنفس" قليلا وقت صبها، إلا أنها سرعان ما تتجمد، لتظل على حالها هذا بقية عمرها!
لم يكن جمال الشعر في قالبه أبدا، ولن يكون، حتى لو كان الشكل (القافية والوزن) هو المعيار الرئيس لنا في المشهد الشعري الخليجي، واتخذت هذه النظرة نظرة عمومية، فروح الشعر هي المحرك الأساس لأي "آه" تفاعلية تخرج من حنجرة مستمع "متذوق"، معانيه الداخلية هي التي تحكم لا القافية ولا الوزن، موسيقاه.. وعندما نقول الموسيقى فهي الإيقاع المترابط من أول كلمة في نص ما إلى آخر كلمة، بوقفاته وامتداداته وحتى ملامح وجه الشاعر عندما تؤثر على طريقة إلقائه كلمة من عقد قصيدته.
لا تجعلوا الشعر مركبا جبسيا يعتمد على الشكل، تعاملوا معه بما يحمل مضمونا لا شكلا، وإلا سيأتي من يهجونا بعد ذلك، لأننا علمناه كيف يركب الكلمات و"يهجو"، ولم نعمله كيف يكتشف حقيقة الشعر المتجردة من غرض، السحر المغيب خلف القوالب الجامدة، ولنتعلم كيف نقرأ الشعر قبل أن نكتبه!

الأكثر قراءة