دعوة مؤسسات المجتمع المدني للدخل لحل قضايا العضل في السعودية
سجلت 15 محكمة من محاكم المملكة 103 قضايا عضل منذ بداية العام الهجري 1434هـ حتى الأربعاء الماضي، بينما بلغ إجمالي عدد قضايا العضل المسجلة خلال العام الماضي 1433هـ في كل المحاكم السعودية 373 قضية.
وكشفت إحصائيات أعلنتها وزارة العدل عبر حسابها الرسمي في "تويتر"، عن أن عدد قضايا العضل (رفض الولي تزويج موليته) بلغت حتى الأربعاء الماضي 32 قضية في محافظة جدة و27 قضية في منطقة الرياض، و18 قضية في مكة المكرمة، والدمام 6 قضايا، فيما بلغ عدد قضايا العضل أربعة لكل من محاكم الطائف وأبها وتبوك، بينما شهدت محاكم الخرج والقنفذة وبريدة والخبر وخميس مشيط وصبيا وسامطة وأبوعريش قضية واحدة لكل محكمة منها.
وكان إجمالي عدد قضايا العضل المسجلة خلال العام الماضي 1433هـ في كل المحاكم السعودية قد بلغ 373 قضية، 20 قضية منها في محكمة المدينة المنورة، فيما بلغت 95 قضية في منطقة الرياض، و81 قضية في جدة و65 قضية في مكة المكرمة و31 قضية في الدمام، وعشر قضايا لكل من الأحساء وأبها وتسع قضايا في الطائف وثمان في القطيف.
وتساوى عدد القضايا في بريدة والخبر بسبع قضايا لكل منهما، والخرج وتبوك بخمس قضايا وعنيزة وجيزان وحائل وسكاكا بأربع قضايا لكل منطقة، وخميس مشيط وصبيا بثلاث قضايا، وينبع والرس بقضيتين والجبيل وعرعر ونجران بقضية لكل منطقة.
من جانبه، أكد لـ "الاقتصادية" المحامي خالد الدعجان عضو جمعية حقوق الإنسان في المدينة المنورة، أن من أهم أسباب انتشار ظاهرة العضل الجهل والعناد والجشع، وقال "مع تطور الزمان كان الأولى بالمجتمع الذي انتشر فيه العلم أن تتلاشي منه هذه الظاهرة، ولكن نراها في المحاكم بازدياد التي تصل للمحكمة قد تكون وصلت إليها بعد جهد جهيد.
وأشار إلى أن هناك فتيات حبيسات منازل لا يستطعن الشكوى وبث الهموم، وقال إن على مؤسسات المجتمع المدني دورا كبيرا في الإصلاح والتوعية، فكم من طامع في مال ابنته؛ كونها موظفة يعضلها من كل خاطب بحجج واهية، أو يطلب مطالب من الزوج على حساب مصلحة ابنته، وكم من أخ يمنع أخته من الزواج بحجة أن لها ورثا يخاف أن يذهب مع زوجها الجديد، أو ولي منع موليته من الزواج بحجة عدم التكافؤ في النسب، وأكد الدعجان أن المجتمع سيدفع نتيجة هذه الأعمال المشينة، مطالباً القضاة بالبت والتعجل في مثل هذه القضايا بالرفق واللين ومحاولة إدخال مؤسسات المجتمع المدني للإصلاح والتقريب.
من ناحيته، قال محمد الشاماني مدير الخدمة الاجتماعية بصحة المدينة، إن العضل يعتبر إحدى صور العنف الأسري، وهو مؤشر على القصور في أداء الوظيفة الأسرية، وهو لم يصل إلى حد الظاهرة الاجتماعية، ولكن ارتفاع الأعداد في السنوات الأخيرة مؤشر على زيادة وعي الفتيات بحقوقهن، وهو يعود لعدة أسباب، منها عوامل ذاتية تخص الأسرة مثل الاستحواذ على الراتب، وعوامل اجتماعية تتعلق بالعادات والتقاليد، وطالب الشاماني بمزيد من الدراسات الاجتماعية للوصول إلى تشريعات اجتماعية وقانونية تحفظ حقوق الفتيات.
فيما ذكر الدكتور غازي بن غزاي المطيري أستاذ كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، أن العضل عن الزواج هو أساس المشكلة التي تأخذ عدة أوجه، سواء كانت للشباب أو الشابات الذين يريدون الزواج ويجدون معارضة من الأهل، مطالباً بوضع تشريعات وقوانين لمعاقبة من يعتدي على الحقوق ويعرض المجتمع للانفكاك والفساد.
ونصح الدكتور المطيري الشباب والشابات بأن يسلكوا الطرق المشروعة في الاختيار والبعد عن التهور- بحسب وصفه- والتعرض لما لا يحمد عقباه، ولا سيما فيما يمس سمعة الشخص والأسرة، مشيراً إلى أن الأمور لو تمت بطرق تحت الأضواء المكشوفة لربما حلت قبل أن تصل للمحاكم، مشيراً إلى أن الأساليب الملتوية هي أحد أسباب تمنع الآباء عن الموافقة كذلك العادات والتقاليد البالية التي لا تستند إلى دليل من الكتاب والسنة.
وأشار إلى أن قضية العضل اجتماعية وأسرية وتربوية ودعوية وأخيراً قضائية، وأن هذا العدد الكبير للقضايا التي سجلتها المحاكم يحمل حلولاً في ذاته، وينبغي أن ينظر إليه بنظرة أخرى، حيث إن كثرته دليل على الرغبة في الزواج.
ودعا المطيري الآباء للتفكير بعقلية الشباب، وألاّ يقفوا أمام رغبات بناتهم بحجة العادات والتقاليد والنظر بمصلحة الفتاة الشرعية والواقعية بغض النظر عما يقوله الناس، مشيراً إلى أن الزواج شرف ونبل في الأخلاق بدلاً من الممارسات الخاطئة، وأن كثيرا من الآباء لا يستشعر تلك المشاعر، مطالباً بضرورة التدخل الذكي المباشر من الجهات المعنية، ولا بد من تشريع جديد وجريء يتفق مع الشريعة يقضي على هذا البلاء الذي يتحكم به الأولياء ظلماً وعدواناً، داعياً بالوقت ذاته إلى فتح باب الاجتهاد بهذه المسألة، وأن ينتهي الأمر إلى تشريع يعاقب كل من يقف أمام فتاته بغير حق.