سوق الأطفال الاستهلاكية تجتذب علامات تجارية شهيرة

سوق الأطفال الاستهلاكية تجتذب علامات تجارية شهيرة
سوق الأطفال الاستهلاكية تجتذب علامات تجارية شهيرة

تتطلب وظيفة ميريل سولزِنجر منها أن تكون ''أكثر الأشخاص إمتاعاً في الغرفة''. عليها أن تلوي وجهها، وأن تركض في دوائر، وأن تكون بصورة عامة ''غير لطيفة''، فهذا كله جزء من العمل اليومي.

وهي ليست مهرجة، رغم أنها في بعض الأيام تشعر أنها كذلك، وإنما هي مختصة في ''شجار الأطفال''. ويتطلب عملها أن تنتزع من الأطفال الرضَّع الابتسام، أو البكاء لأجل صور ولقطات تستخدم في أغراض الإعلان وفي مواد صحافية.

هذه المرأة المتفائلة، البالغة من العمر 48 عاماً، تصف عملها بأنه يؤدي إلى استنزافها جسدياً وعقلياً. لكن ما يساعدها عليه هو أنها راقصة سابقة ومتزلجة وسباحة وممارسة لليوجا. وتقول: ''أظل واقفة على قدميَّ طوال اليوم، أركض وأقفز، وأركض وأقع على الأرض من أجل إضحاك الأطفال، كما أن هواياتي الرياضية تعطيني القوة المعنوية لأن أتحلى بالصبر''. وهي تجد أن هناك أوجه تشابه كثيرة بين التزلج والشجار. وتقول: ''يمكن لأصغر موجة أن تحملك على أجمل وجه إذا كنتَ تعلم كيف تستمتع بها. ويستطيع أكثر الأطفال حياءً، أو أكثرهم شقاوة أن يعطوك أفضل اللقطات إذا كنتَ تتحلى بالصبر''. وما يمكن أن يساعد كذلك أن تقوم بتقليد صوت البطة، أو غمغمة القرد.

وفي حين أنها تحب الأطفال، إلا أنها لم ترغب أبداً في إنجاب أطفال. وتقول: ''إنني أحصل على أفضل ما في الأطفال – منظرهم جميل، وتراهم مبتسمين. ثم يذهبون إلى البيت. وتقول الأمهات لي: من أين لك هذا الصبر والمقدرة لتجعلي طفلي يفعل هذا الأمر أو ذاك؟ فأقول لهم: لأنه ليس طفلي''.

ومع نمو منتجات الأطفال، فإن وزناً تجارياً ثقيلاً يقع على الكتفين الممتلئتين لصاحبة ''الموهبة'' مع الأطفال. ووفقاً لشركة منتِل، فإن مبيعات منتجات الأطفال الاستهلاكية في الولايات المتحدة بلغت 2.7 مليار دولار في 2011. ومن المتوقع أن تنمو السوق بنسبة 15 في المائة بين 2011 و2016، لتصل إلى 3.1 مليار. وتقول شركة الأبحاث إن عدد السلع المنزلية التي يدخل في وصفها كلمة ''طفل'' ارتفع بنسبة 80 في المائة بين 2008 و2012 – ومن 180 منتَجاً جديداً إلى نحو 330 منتَجاً في السنة الماضية.

ومجلات الأمومة والطفولة التي تخاطب الأم العاملة ونمط حياة الآباء والتربية ''الخضراء'' لم تعد مقصورة على أرفف أكشاك الصحف، وإنما كذلك على الإنترنت وفي تطبيقات الجوال. وكلها تتطلب وجود الصور. ويقول لي ساوذي، المدير الفني لمجلة ''جونيور آند براكتِكَل بارِنتِنْج'': ''هناك طلب متزايد على مزيد من صور الأطفال، والمزيد من اللقطات، والمزيد من المنتجات والأزياء''.

وفي السنوات الأخيرة قامت علامات تجارية شهيرة، مثل هوجو بوس وكلويه وفِندي ومارك جاكوبي وستيلا مكارتني، بإضافة منتجات للأطفال. مثلاً يبلغ ثمن فستان بيربري لطفلة حديثة الولادة 110 جنيهات استرلينية بسعر التجزئة، في حين أن المعطف المبطن من ماركة ديور يباع بنحو 400 جنيه. وفي الشهر الماضي استضافت لندن أول أسبوع عالمي للأزياء مخصص للأطفال. كذلك إذا أردتَ أن تضفي على جسم طفلك رائحة جميلة فهناك عطور، مثل بيبي تَتْش من بيربري وبِتي إيه ماما من بولغاري، وقريباً ستنضم إلى المجموعة دولتشي إي جابانا.
إن الجاذبية العاطفية للأطفال في الدعايات لها قوة كبيرة، كما تقول باتي وِليمز، وهي أستاذة مشاركة للتسويق في كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا: ''فهم يستثيرون على الفور نوعاً من التعاطف والاحتضان، خصوصاً من الآباء والأمهات. وتمتلك صور الأطفال قوة عاطفية وقدرة على اجتذاب المُشاهد والمحافظة على انتباه المتفرج''.

#2#

ومهمة سولزِنجر هي نزع فتيل الضغط من التوقعات المالية الواقعة على عاتق الأطفال الرضَّع. وتقول: ''الأطفال بحاجة إلى بيئة هادئة. وهم بحاجة إلى ألا يكون من حولهم عصبياً. إنهم مثل الاسفنج. إذا كنتَ مُستثاراً فتكون هذه حالهم كذلك. وأنا أطلب من البالغين أن يتصرفوا باسترخاء. ليس من المناسب إذا كان البالغون حول الأطفال أن يكونوا متوترين، لأن رد فعلهم في النهاية سيكون البكاء''. وهي غالباً ما تأخذ الطفل خارج مسرح التصوير لقضاء وقت هادئ إلى أن يهدأ البالغون. وحتى تستطيع أن تُبكي الطفل، فمن الممكن أن تأخذ اللعبة منه، أو تشجع أحد والديه على اللعب معه ثم يخرج بعدها.

مع ذلك في الوقت الذي تزداد فيه الفرص بخصوص منتجات الأطفال والأمومة والطفولة، فقد تم تقليص ميزانيات الإعلان والمواد الصحافية الدعائية، وفي أحيان كثيرة يُلغى دور مُشاجِر الأطفال.
ومن رأي سولزِنجر أن هذا اقتصاد زائف. ''كل شخص في المجموعة لديه عمل. وهذا يعني أن لدينا عقليات مختلفة. يريد مبتكر الأزياء أن يواصل تكبير القميص إلى الأدنى. ولا يستطيعون القيام بعملي، وهو تبويز الوجه وإبقاء الطفل سعيداً في الوقت نفسه''.

كذلك تعني القيود الاقتصادية أن أيام المصورين المتخصصين قد ولت. وتقول: ''عليهم الآن أن يقوموا بكل شيء، فهم غير معتادين على العمل مع الأطفال ولا يُدخِلون في حساباتهم غفوات الاستراحة في اليوم. ولم يحضروا مناديل مبللة للأطفال''. ويتألف جزء من عملها في تثقيف المصورين. وتقول: ''أحياناً يكون أمامهم أطفال من عمر سنة أو سنتين على طرف الطاولة ولا يفكرون في وضع وسائد وقاية على الأرض، أو يشغلون موسيقى الأطفال، لكن بصوت مرتفع. نحن لا نريد ذلك، وإنما نريد بعض الهدوء حتى أستطيع أن أتفاهم مع الأطفال بهدوء''.

ولأنها تعمل لحسابها الخاص، فهي تتلقى أجرها بمعدل يومي، ويأتي معظم دخلها من الدعاية بالصور والإعلانات التلفزيونية، وأقل أجرها يأتي من المواد الصحافية الدعائية وأعمال الكتالوجات. وتقول إن معدل أجرها مماثل لأجر المصور في عالم الأزياء.

وقبل عملها مع الأطفال عملت سولزِنجر مديرة استوديو لمصورين تجاريين، إلى جانب كونها مساعدة مصور، وبالتالي هي على علم ببعض الجوانب الفنية للقطات وتقول: ''أعلم أين يحتاج الطفل إلى أن ينظر حتى تحصل على الإضاءة السليمة''. وبعض العاملات في هذا المجال يأتين من التدريس، وهي نشأت في نيويورك، حيث لا تزال تعيش، ودرست الأنثروبولوجيا الاجتماعية. ويعمل والدها في أبحاث علم النفس، وأحياناً تتصل بأمها، وهي اختصاصية في تطور الأطفال، طلباً للنصيحة.

ولا تشعر سولزِنجر بالارتياح حين تتحدث عن تحويل الطفولة والأمومة إلى تجارة، لأنها ليست أماً. وتقول: ''سمعت الكثير من الأشياء المختلفة وسيكون عليَّ أن أترك هذا الأمر إلى علماء الاجتماع الذين يستطيعون أن يقوموا بدراسات مبرمجة''.

لكنها ترفض تماماً العمل على لقطات تشجع الجانب الجنسي للفتيات الصغار، وتقول: ''على أية حال، هؤلاء المصورون لا يغلب عليهم أن يصبحوا من مشاجري الأطفال، وهم لا يريدون من الطفلات الابتسام، وإنما يريدون منهن الظهور بمظهر البالغات، وهذا يغيظني''.

وهي تقر بأن الأطفال الذين تعمل معهم موجودون لبيع سلعة ما، لكنها مع ذلك ''تحب أن تعتقد أنهم يتعلمون شيئاً ما. الأطفال الصغار يسيرون أحياناً في خطواتهم الأولى أمام الكاميرا في الوقت الذي نحاول فيه أن نعلمهم الوقوف''.وتضيف: ''الأطفال الأكبر سناً يستطيعون أن يروا ما إذا كانوا يريدون فعلاً القيام بذلك. وهو أمر يستطيعون تحقيقه بأنفسهم – وهذا يجعلهم يشعرون بالسرور''.
وبصورة عامة يتركها الآباء وحدها لتتابع العمل، رغم أنها تسببت ذات مرة في خيبة أمل جدة أحد الأطفال التي كانت مصممة على أن حفيدتها التي تبكي دون توقف ستكون نجمة. ''في النهاية اضطررت لأخذها من يدها وإخراجها من مسرح التصوير''.
عمر يتأثر فيه الأطفال بسهولة

''من المرجح أكثر أن يستمع الآباء إلى شركات الإعلان أكثر من استماعهم إلى أهليهم''، كما تقول أجنِس نيرن، مؤلفة كتاب ''الأطفال المستهلكون''، وهي أستاذة مادة التسويق في كلية إي إم ليون للأعمال في فرنسا. ولأن آباء الأطفال الصغار في الغالب لم يعودوا يعيشون بالقرب من عائلاتهم، فإنهم يبحثون عن التوجيه والهداية من مصادر تجارية. كذلك الأطفال مستهدفون. فالحملة في سبيل طفولة خالية من العوامل التجارية، وهي مجموعة أمريكية، تدعي أن الطفل حين يبلغ السادسة يستطيع تكوين صور عقلية لشعارات الشركات ورموزها الجالبة للحظ. وتقول إن الشركات تركز على الأطفال لإنشاء الولاء للعلامات التجارية. والأمثلة على ذلك تشتمل على الأميرة الصغيرة رومبر، من جون دير، وأونسيس من هارلي دافيدسون.

الأكثر قراءة