توقف صادرات النفط السعودي استنتاج مبني على أساس خاطئ
قال خالد الفالح، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، إن المملكة العربية السعودية ترحب بطفرة الإنتاج من النفط الصخري في الولايات المتحدة، لأنها تطمئن المستهلكين بخصوص موثوقية إمدادات النفط.
وقال في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز" إن ثورة النفط الصخري ساعدت على تهدئة المخاوف بشأن الاعتماد المفرط على الشرق الأوسط، وشجعت الحكومات على أن تصبح أقرب إلى "الواقعية والمنطق" بخصوص سياسة الطاقة.
وأدت طفرة النفط الصخري التي رفعت إنتاج الخام في الولايات المتحدة بنسبة 50 في المائة تقريباً منذ 2008، إلى تعزيز آمال بأن أمريكا الشمالية ستتوقف عن كونها مستورداً صافياً للنفط، ما يدفع بالأسعار العالمية إلى أدنى ويقلص نفوذ منظمة أوبك على السوق.
لكن الفالح قال خلال زيارة قام بها أخيرا إلى الولايات المتحدة، إنه يرحب بالارتفاع في الناتج الأمريكي. وقال: "بالنسبة إلينا هذا يعزز ويؤكد لدى الجمهور ولدى الإجماع العالمي ما كنا نعرفه أصلا".
وتابع : "سيكون النفط لفترة طويلة من الزمن الوقود المفضل من حيث أدائه الإجمالي، ونحن بحاجة إلى إدارته، وبحاجة إلى الاستثمار فيه".
وأرامكو السعودية، باعتبارها شركة النفط الوطنية السعودية، تمتلك أكبر كمية من الاحتياطي التقليدي من النفط في العالم، وتكمن مصلحة أرامكو في تعظيم قيمة هذه الكميات على الأمد الطويل. ويقول الفالح: "دائماً ننظر إلى أنفسنا على أننا موجودون في هذه الأعمال لأجيال مقبلة، ونريد أن نموضع الصناعة من أجل الازدهار والانسجام مع المجتمع على المدى الطويل".
وحين تقلل طفرة النفط الصخري من مخاوف أمن الإمدادات وتجعلها تحتل مكانة ثانوية، فهي تساعد بذلك على تشجيع خيارات التكنولوجيا والسياسة الاقتصادية على نحو "يحبس" الطلب على النفط.
وعلى المدى الطويل تعتقد أرامكو السعودية أن الإنتاج الأمريكي، رغم أنه مهم بالنسبة لأمريكا الشمالية، إلا أنه لن يأخذ سوقها. فهي تتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط من نحو 90 مليون برميل يومياً في العام الحالي إلى 110 ملايين برميل يومياً في ثلاثينيات هذا القرن، في الوقت الذي يتراجع فيه الإنتاج من الحقول القديمة (التي وصلت ذروة إنتاجها) بنحو 4 - 5 في المائة سنوياً.
وعلى هذه الخلفية، تتوقع أرامكو السعودية أن يكون الحد الأعلى للإنتاج من النفط الصخري الأمريكي في حدود 6 - 7 ملايين برميل يومياً، وهذا سيترك مجالاً كبيراً أمام البلدان المنتجة الأخرى، ومن بينها السعودية.
كذلك يهدف البرنامج الاستثماري لأرامكو السعودية إلى زيادة الثقة في مدى توافر الإمدادات. ويقول الفالح إن إجمالي الطاقة الإنتاجية للمملكة لن يُرفع فوق الرقم المستهدف وهو 12.5 مليون برميل يومياً، وإن الحقول الجديدة التي ستبدأ الإنتاج أو تزيد منه ستطيل في عمر الاحتياطيات الأقدم. مثلا، بدأ حقل منيفة في الإنتاج في الشهر الماضي، وفي تموز (يوليو) سيصل إنتاجه إلى نصف مليون برميل يومياً، وبحلول نهاية السنة المقبلة يرتفع إلى 900 ألف برميل يومياً.
وسيتم رفع الإنتاج من حقل خريص، الذي بدأ العمل في 2009، من 1.2 مليون برميل يومياً إلى 1.5 مليون برميل في 2016/2017، أما حقل شيبة الذي بدأ في 1998، فسيُرفع إنتاجه من 750 ألف برميل يومياً إلى مليون برميل في 2017.
ويرى الفالح أن هذه المشاريع ستجعل من الممكن إتاحة المجال "للاسترخاء" بالنسبة لحقلي الغوار وأبقيق، والوصول إلى "نقطة دنيا جديدة" من الإنتاج من خلال تقليل عمليات الحفر في الآبار الجديدة.
وقال: "نتطلع إلى أن تستمر عمليات الإنتاج إلى القرن المقبل، ونريد أن نضمن أنها تمتلك هذه النقطة الدنيا لفترة طويلة من الزمن". ونفى كذلك ما يقال عن أن "حد الماء" – أي نسبة الماء الذي يُنتَج مع النفط – كان يتصاعد في الحقول القديمة، وهو ما يمكن أن يكون علامة على أن تلك الحقول تشهد تراجعاً حاداً، وقال إن حد الماء مستقر عند 30 في المائة.
هناك مصدر آخر مهم للقلق، وهو الطلب السعودي المتصاعد على النفط السعودي نفسه. فإذا استمرت الاتجاهات العامة الحالية، ستكون السعودية خلال 20 سنة أو نحو ذلك تستهلك جميع إنتاجها من النفط ولن تتوافر لديها أية كميات للتصدير، حسبما تشير بعض التقديرات. لكن الفالح يجادل بأن تقدير قيم الأرقام المستقبلية على أساس الأرقام الحالية يقوم على أساس باطل. ويقول إن الطلب (المحلي) كان يتصاعد بسرعة بسبب النهضة العمرانية والتطور الصناعي، وهما عاملان لن يستمرا بالمعدل الحالي إلى ما لا نهاية. "السعودية ليست الصين. نحن لا نعمل على إضفاء الطابع الحضري على مليار شخص من المناطق الريفية".
كذلك تقوم المملكة بتطوير مصادر أخرى لتوليد الكهرباء، مثل الطاقة الشمسية والغاز، مع إمكانية استخدام الطاقة النووية.
ورفعت أرامكو السعودية منذ فترة إنتاجها من الغاز من ستة مليارات قدم مكعبة يومياً قبل بضع سنوات إلى ثمانية مليارات قدم مكعبة في الوقت الحاضر، وتسعى إلى إنتاج عشرة مليارات قدم مكعبة يومياً بحلول 2017.
وهذا يعني الاستفادة من مصادر جديدة، بما في ذلك أول بئر للشركة في البحر الأحمر، وتطوير احتياطيات غير تقليدية، بما في ذلك الغاز الصخري.
وحفرت أرامكو السعودية آباراً للغاز الصخري في شمال غرب المملكة، ويقول الفالح إنه رغم أن الاختبارات لا تزال في مرحلة مبكرة، إلا أن الغاز تدفق بمعدلات جيدة.
ويواجه إنتاج الغاز الصخري في المملكة عدة تحديات، منها الافتقار إلى البنية التحتية اللازمة لتجميع الغاز. وحتى مع ذلك يرى الفالح أن أول كمية من الغاز غير التقليدي يمكن تسليمها إلى محطات توليد الكهرباء خلال سنتين أو ثلاث سنوات.
وإذا كان بمقدور السعودية أن تجعل إنتاج الغاز الصخري ناجحاً، فإن مساهمتها المحتملة في إمدادات الطاقة العالمية ستكون أكبر حتى من ذي قبل. ويقول الفالح: " في العادة يكون حجم المصادر غير التقليدية ضعف حجم المصادر التقليدية في حوض معين. بالتالي، الحسابات البسيطة تقول لك إن لدينا قاعدة ضخمة من المصادر، من الناحية النظرية".