نحو وضع نظام للتعليم العام يسهم في تطويره
كان ظهور أول تنظيم للتعليم في السعودية عندما أنشئت مديرية المعارف عام 1344هـ، وكانت بمنزلة إرساء حجر الأساس لنظام التعليم للبنين، وفي عام 1346هـ صدر قرار تشكيل أول مجلس للمعارف، والهدف منه الإشراف على التعليم في منطقة الحجاز. ومع قيام المملكة اتسعت صلاحيات مديرية المعارف ولم تعد وظيفتها قاصرة على الإشراف على التعليم في الحجاز، بل شملت الإشراف على جميع شؤون التعليم في المملكة كلها. وفي عام 1371هـ تم إنشاء وزارة المعارف، وكانت امتداداً وتطويراً لمديرية المعارف، وأسند إليها التخطيط والإشراف على التعليم العام للبنين في مراحله الثلاث (الابتدائي - المتوسط - الثانوي). وفي عام 1380هـ تم إنشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات. ومع تطور التعليم جرى ضم الرئاسة العامة لتعليم البنات إلى وزارة المعارف عام 1423هـ، وبعد عام تم تحويل اسم وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم.
واليوم، ونحن ندلف إلى النصف الثاني من عام 1434هـ، نجد أنه مضى على تولي الوزارة مهمة الإشراف على قطاع التعليم العام للبنين والبنات بمراحله الثلاث أكثر من عشر سنوات، وأحدثت الوزارة خلال هذه الفترة نقلات تطويرية ملموسة في كثير من الجوانب والأبعاد من بينها الإدارية والتعليمية والمالية والبشرية والتجهيزات المدرسية، لكن لا يزال هناك جانب لم يجد نصيبه من الاهتمام والتطوير على الرغم من أهميته في تطوير قطاع التعليم العام في أي دولة من دول العالم، وهو الجانب النظامي The Legal Framework فلا يزال قطاع التعليم يفتقر إلى إطار نظامي متكامل وحديث، ولا يحتاج هذا القول إلى أدلة إثبات، فيكفي أننا نكاد نكون البلد الوحيد الذي ليس لديه نظام أساسي (قانون) للتعليم العام مقر من السلطة التنظيمية، كما أنه لم يصدر أي نظام ينظم أي مجال من مجالات هذا القطاع عدا نظام تعليم الكبار ومحو الأمية عام 1392هـ ونظام إنتاج المواد التعليمية المساعدة وتسويقها عام 1425هـ.
لقد أصاب الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم حينما قال، إن التطوير لا يمكن أن يأتي في يوم وليلة، وإن الوزارة تحتاج إلى وقت، وإنها تسير الآن في الاتجاه الصحيح، والوزير وزملاؤه منسوبو الوزارة يبذلون جهودا مقدرة، وفي إطار تقدير تلك الجهود، أقترح قيام الوزارة بتكليف فريق يضم مجموعة من خبراء التعليم والقانون، يتولى مراجعة اللوائح والسياسات وغيرها من الأدوات النظامية لدى الوزارة، خصوصا لائحة المرحلة الابتدائية ولائحة المرحلتين المتوسطة والثانوية ولائحة المدارس الأهلية التي مضى عليها وقت طويل وصدر معظمها، إن لم يكن كلها، قبل صدور النظام الأساسي للحكم وسياسة التعليم التي تتضمن أهدافاً تحتاج إلى تطوير لتتواكب مع توجهات الدولة ومستجدات العصر، ويعمل الفريق على الاستفادة من قوانين التعليم في الدول الأخرى، خصوصا الدول المجاورة، تمهيدا لرفع نظام للتعليم العام لإصداره من مجلس الوزراء بعد مراجعته وتطويره من مجلس الشورى وفقا للإجراءات النظامية اللازمة لإصدار الأنظمة.
ولعل من نافلة القول الإشارة إلى أن توفير إطار نظامي متكامل ومحدث لقطاع التعليم العام سيسهم في نقل العمل التربوي والتعليمي من مرحلة العمل الاجتهادي والمستوى المنخفض في التنظيم والشفافية إلى مرحلة العمل المؤسساتي والمستوى المرتفع في التنظيم والشفافية، الذي تسير الوزارة في اتجاهه الصحيح ويعد من أشد احتياجاتها أهمية في المرحلة القادمة، ومن المؤمل أن يصدر قرار بتشكيل المجلس الأعلى للتعليم في القريب العاجل ليتمكن من القيام بالمهام المنوطة به، خصوصا فيما يتعلق بالجانب النظامي.