إحصاءات العنف ضد الأطفال في السعودية «مخيفة»
بدأت ظاهرة العنف ضد الأطفال في الازدياد في المجتمع السعودي خلال الآونة الأخيرة، مع ارتفاع عدد الحالات التي يتم تسجيلها في عدة جهات مختصة بذلك.
وحول تلك الظاهرة الخطيرة، أكدت الدكتورة انتصار عاشور رئيسة فريق الحماية من العنف والإيذاء بصحة جدة ومساعد مدير الخدمات الطبية في مستشفى الولادة والأطفال، أن العام الماضي 1433هـ شهد 340 حالة عنف ضد الأطفال ووفاة طفلين جراء العنف في جدة، مبينة أن العنف يحصل في كل طبقات المجتمع، وليس هناك طبقة معينة ينتشر فيها، وأشارت إلى أنه يتم متابعة حالات العنف من قبل الفريق وذلك من خلال الزيارات المتكررة في العيادة الاجتماعية والنفسية.
فيما أوضح الدكتور خالد العوفي استشاري الطب النفسي ومساعد المشرف العام للخدمات الطبية في مستشفى الأمل في جدة ورئيس وحدة الطب النفسي في صحة جدة أن العوامل المسببة للإيذاء والإهمال بالنسبة للطفل تكمن في صعوبة بعض الأطفال أو المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه أو الأطفال المصابين بالتخلف العقلي أو المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، لافتاً إلى أن هناك عوامل تتعلق بالوالدين كالاضطرابات النفسية أو استخدام المخدرات, أو تعرض أحد الوالدين للإيذاء في طفولته.
وأشار إلى أن الاعتداء الجسدي على الطفل يكون عادة بالضرب أو بالحرق أو بالكسر والخلع أو الخنق بحيث لا يمكن تفسيره, وغالبا يكون غير متطابق مع تاريخ الإصابة حسب ادعاء الوالدين. وتابع: "العنف الجسدي غالبا ما يكون ظاهرا على جهتين متقابلتين مثل الوجه والظهر والبطن وغالبا ما يأخذ شكل الأداة المستخدمة في الإيذاء مثل السلك أو حرقة سيجارة أو المكواة"، مبينا أن الأعراض، التي تظهر على الأطفال بعد العنف هي الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة وضعف الثقة بالنفس وعدم الثقة في الكبار, والشعور بالتحطيم الدائم والعدوانية والسلوك الايذائي أو الانتحاري تجاه الذات.
وقال العوفي: "الإحصائيات عن العنف الجسدي ضد الأطفال مخيفة، ويحصل العنف الجسدي بنسبة 32 في المائة في الأطفال أقل من 5 سنوات, بينما 27 في المائة في الأطفال بين 5-10 سنوات, و27 في المائة في الأطفال بين 10-15 سنة و15 في المائة في الأطفال بين 15-18 سنة، مبيناً أنه أثناء فحص الطفل المعنف في قسم الطوارئ قد يظهر عليه ما يلي: الخوف, الرعب, الانسحاب, تقلب المزاج, العدوانية, الحزن والاكتئاب أو القلق, قلة الثقة بالنفس, التأخر في النمو, السلوك الإيذائي أو الانتحاري تجاه الذات, الصعوبة في بناء العلاقات مع الآخرين, المحاولة لتغطية الجروح, والخوف من الاعتراف بسبب الإيذاء.
من جهته، بيّن عبد الله آل طاوي مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة أن العنف الأسري ضد الأطفال لا يتحدد بمكان أو زمان أو بطبقة معينة في المجتمع, وأن أكثر أنواع العنف، التي تصل إلى الشؤون هي العنف على النساء والأطفال.
وزارد أن الوزارة تحرص على حل مشاكل العنف الأسري عن طريق الإجراءات المتبعة عند وجود قضية عنف الطفل, مشيرا إلى أن هناك لجانا مصغرة في المستشفيات ولجانا للحماية مكونة تدرس أي حالة عنف ومتى ما كانت هذه الحالة بحاجة لإدخالها دار الحماية يتم ذلك على ألا تتجاوز مدة وجودها داخل الدار ثلاثة أشهر يتم خلالها معالجة الوضع، كما أن أي حالة عنف يتعرض لها الطفل تحال إلى المحكمة.
أما الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز الشدي عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان والمتحدث الرسمي للهيئة فقال: "إن عدد القضايا التي تصل للهيئة عن العنف ضد الأطفال هو عدد قليل جداً، ويعود ذلك إلى وصول هذه القضايا إلى الجهات الحكومية الأولى قبل أن يتطور الوضع وتصل للهيئة، التي تضمن أن تقوم كل جهة بدورها وواجباتها على أكمل وجه، وتقوم بمراقبة الجهات المعنية بحقوق الإنسان وحقوق الطفل للقيام بواجباتها".
ويرى أن الأحوال الاقتصادية لبعض الأسر أو إدمان المخدرات لأحد الأبوين قد ينتج عنها عنف أسري, مؤكدا أن التشتت الأسري هو أهم الأسباب التي ينتج عنها العنف، خاصة العنف ضد الطفل، وأوضح أن أكثر أنواع العنف المنتشرة في المجتمع هو الإهمال، سواء في التعليم أو الصحة ثم يأتي بعده العنف الجسدي، مشيرا إلى أن الوعي بحقوق الطفل في السعودية متدن كثيراً.