القلق يسيطر على العمالة مع اقتراب انتهاء المهلة
ينبض قلب الإنسان 80 نبضة في الدقيقة في حالته الطبيعية، لكن قلب هارون محمد المثقل بالهموم أصبح ينبض مع بدء العد العكسي لانتهاء مهلة تصحيح الأوضاع بعد أقل من ثمانية أيام وبدأ أن قلبه ينبض ضعف عدد دقات القلب الطبيعية.
ويقول هارون لـ "الاقتصادية" بينما هو متكئ على جدار أسمنتي عال "لليوم الخامس على التوالي:" أتواجد في هذا المكان بجانب السفارة فقط من أجل الحصول على بعض الوثائق لأتمكن من نقل خدماتي لصاحب عمل بعد أن رفض كفيلي منحي تنازلاً دون مقابل مادي".
ويضيف الشاب الهندي هارون محمد 25 عاماً وحبات العرق تتساقط على جبينه الذي يقع على زاوية عمودية مواجهة لأشعة الشمس "مع اقتراب انتهاء المهلة التي أقرتها السلطات السعودية يزداد الضغط والقلق وتتلاشى جميع أحلامي بالحصول على عمل أعول به أسرتي المكونة من 11 شخصاً". ويقدر عدد الجالية الهندية في السعودية بـ 2,4 مليون شخص بحسب تصريحات هندية رسمية.
ويرى هارون بصيص أمل في الأيام القليلة المتبقية للفترة التصحيحية لأوضاع العمالة الوافدة لإنهاء إجراءاته، كما يحدوه أمل بأن تصح الأخبار المتداولة عن نية السعودية تمديد المهلة حتى يستطيع عدد كبير من العمالة تصحيح أوضاعهم التي تراكمت على مدى سنوات طويلة على حد قوله.
وأوضحت السفارة الهندية في الرياض أن أكثر من 50 ألف هندي تسلموا وثائق سفر جديدة من أجل مغادرة المملكة بشكل نهائي وينتظرون دورهم في الترحيل عبر السلطات السعودية.
ويتابع هارون حديثه بنبرة حزينة وهو يمسك بكومة من الأوراق شبه الممزقة والتي بللها العرق "علينا تقبل الواقع مهما كانت مرارته، إذا لم أتمكن من تصحيح وضعي فسأعود لبلادي وأحصل على تأشيرة عمل جديدة لا خيار أمامي سوى هذه الطريقة".
ويبدو أن معاناة هارون محمد سمة يتشارك فيها آلاف العمالة الوافدة التي ما زالت تفترش الأرصفة والطرقات بجانب سفاراتها وعند مقار الجوازات ومكاتب العمل من أجل تصحيح أوضاعها قبل انتهاء المهلة المقررة.
ووسط زحام شديد بالقرب من مكتب الجوازات جنوبي جدة، يحاول رجل طاعن في السن اقتطاع جزء من الظل الذي توفره مظلة أحد الشباب السعودي ممن يقدمون خدمات تعبئة الاستمارات وتصويرها. اقتربنا من الرجل وسألناه ماذا يفعل تحت لهيب الشمس ودرجة الحرارة تلامس 50 درجة مئوية، فقال "أحاول نقل خدماتي إلى إحدى الشركات بعد أن طلب مني كفيلي البحث عن غيره، وقد شارفت إجراءاتي على الانتهاء بحسب ما أخبرني معقب الشركة".ووفقاً للاحصائيات يعيش في المملكة أكثر من ثمانية ملايين عامل معظمهم من الهند، بنجلادش، باكستان، الفلبين، واليمن.
ويضيف العم أبو أحمد - كما عرف نفسه – وهو يمني الجنسية "أعمل في السعودية منذ أكثر من 30 عاماً، لاسيما مجال المقاولات، لقد عايشت نمو وتطور البلاد واعتبرها بلدي". العم أبو أحمد يعتب - وهو يمرر يديه على لحيته البيضاء الكثة - على استغلال بعض الكفلاء للعمالة التي تحت كفالتهم، ويستطرد "مع الأسف معظم الكفلاء يطلبون أموالاً كبيرة من أجل الحصول على تنازل، بل إنني أعرف شخصاً طلب منه كفيله مبلغاً من المال ليقضي إجازته الصيفية خارج السعودية". وكانت وزارة العمل قد كشفت أمس الأول أن عدد المستفيدين من المهلة التصحيحية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتصحيح أوضاع المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل من المنشآت والعمالة والأفراد؛ بلغ منذ بدء فترة المهلة التصحيحية حتى الأسبوع الثامن 1.581.227 مستفيدًا.