هاكر «موريتاني» يضع بلاده على خريطة الحرب الإلكترونية

هاكر «موريتاني» يضع بلاده على خريطة الحرب الإلكترونية

وسط تصاعد لا حدود له من الحروب الإلكترونية على المستوى الدولي وهجمات القرصنة الفردية، وضع ''هاكرز'' موريتاني بلده على خريطة الحرب الإلكترونية باختراقه مع مجموعة يقودها نحو 746 موقعا خلال يومين فقط، زاعما أنه يهدف إلى خدمة الإسلام من وراء عمله هذا.
الصراع التقني على شبكة الإنترنت الذي يصطلح على تسميته حربا إلكترونية يتضخم يوما بعد يوم، فمن أعمال تجسسية إلى اختراقات وتخريب بين دول كبرى كالولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي.
ففي نواكشوط، تلك المدينة التي تقع بين المحيط الأطلسي والقطاع الغربي من الصحراء الكبرى، ينسق عاشق لموسيقى الهيب هوب بين مجموعة متنوعة من متسللي الإنترنت الذين يستهدفون مواقع إلكترونية في شتى أنحاء العالم خدمة للإسلام. يفتح جهاز الكمبيوتر الخاص به ويحيي متابعيه على موقع الفيسبوك للتواصل الاجتماعي بعبارة ''صباح الخير جميعا'' بالإنجليزية قبل أن ينشر روابط لمواقع إلكترونية يبلغ عددها 746 تسللوا إليها في الساعات الـ 48 الأخيرة، وذلك بحسب تقرير نشرته عنه وكالة رويترز.
يطلق على نفسه اسم ''مهاجم موريتانيا'' تيمنا باسم الجمهورية النائية الواقعة في غرب إفريقيا التي يقود منها مجموعة شبابية تتوزع عناصرها في مناطق متفرقة من المغرب وجنوب شرق آسيا والغرب، ويقول مهاجم موريتانيا إن جماعة المتسللين التي أسسها وتحل اسم ''أنونجوست'' تناضل من أجل الإسلام باستخدام الوسائل السلمية، وقال عبر صفحة على فيسبوك - أكد خبير في الأمن الإلكتروني أنها صفحته - ''لسنا متطرفين''، وأضاف ''أنونجوست فريق يتسلل من أجل قضية، ندافع عن كرامة المسلمين''.
وخلال سلسلة حوارات عبر موقع فيسبوك، تحدث الشاب البالغ من العمر (23 عاما) عن حبه لموسيقى الهاوس والهيب هوب وأغراض جماعته التي استهدفت عددا من المواقع المختلفة، بدءا بشركات أمريكية وبريطانية صغيرة وانتهاء بقطاع النفط.
ويمثل الشاب جيلا جديدا من الإسلاميين غربيي الطراز الذين يروجون للاتجاه الديني المحافظ والقيم التقليدية، ويرفضون من يعتبرون أنهم يساندون الصهيونية والهيمنة الغربية، وفي نيسان (أبريل) شنت جماعة أنونجوست هجوما إلكترونيا عطل عديدا من المواقع الحكومية الإسرائيلية ولفت انتباه خبراء الأمن على مستوى العالم.
وقال بيير لويجي باجانيني، المحلل الأمني ورئيس تحرير مجلة ''الدفاع الإلكتروني'': ''تعتبر أنونجوست واحدة من أنشط جماعات نشطاء التسلل الإلكتروني في الربع الأول من عام 2013''. ويورد أرشيف إلكتروني للمواقع التي تم اختراقها يحمل اسم ''هاك دي.بي'' أكثر من 10400 نطاق اخترقتها جماعة ''أنونجوست'' في الأشهر السبعة الماضية. ما كان ليخطر على بال أحد أن تصبح موريتانيا، تلك الدولة الصحراوية التي يقع جزء منها في المغرب العربي والجزء الآخر في إفريقيا جنوب الصحراء، قاعدة للتسلل الإلكتروني، ويبلغ عدد سكانها 3.5 مليون نسمة فيما لا تتجاوز نسبة مستخدمي الإنترنت 3 في المائة.
ويعيش غالبية السكان في العاصمة نواكشوط التي تحولت من بلدة لا يسكنها أكثر من عشرة آلاف نسمة قبل 40 عاما إلى مدينة مترامية الأطراف يرثى لحالها، يسكنها مليون نسمة وفي ضواحيها تصارع المنازل المقامة من الصفيح والطوب، الكثبان الصحراوية ويتوقف البدو الرحل لترتوي جمالهم بالماء.
في الأشهر الستة الماضية أشار خبراء إلى زيادة أنشطة التسلل الإلكتروني من موريتانيا ودول مجاورة. وقال كارل هيربيرجر نائب رئيس قسم الحلول الأمنية في شركة رادوير، إن هذا يعكس جزئيا دور مهاجم موريتانيا في الربط بين جيوب المتسللين، وأضاف ''هذا الشخص (مهاجم موريتانيا) شخص يجمع الكثير من هذه الجماعات معا''.
ويقول مهاجم موريتانيا إنه يمارس نشاطه بين مقاهي الإنترنت ومنزله، ويؤكد أنه يؤدي الصلوات الخمس. تلقى مهاجم موريتانيا تعليما جيدا ويتحدث الفرنسية والعربية إلى جانب لغات أخرى ويحدث صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي بانتظام بتفاصيل عن أحدث عمليات اختراق المواقع وحسابات البريد الإلكتروني، وهو يرفض أن يذكر مصدر رزقه.
وتصاحب تهديداته الإلكترونية في أحيان كثيرة صور وجوه مبتسمة وينشر روابط لأشهر الأغاني الراقصة ومقاطع فيديو لطيفة على موقع ''يوتيوب''. لكن رسالته هي دعوة إسلامية عمرها قرون للعودة إلى النقاء الديني، ويهدف مهاجم موريتانيا إلى الترويج ''لصحيح الإسلام'' من خلال استهداف خوادم في دول يعتبرها مناهضة للشريعة الإسلامية. وأضاف ''لا إسلام دون شريعة''، ويجتذب علماء الدين الموريتانيون ومدارس تحفيظ القرآن تلاميذ من مختلف أنحاء العالم.
وقال هيربرجر إنه في الوقت الذي يكون فيه متسللون من المنطقة جماعات تبرز منطقة المغرب كمعقل لنشطاء التسلل الإلكتروني لافتقار المنطقة إلى القوانين والوسائل اللازمة لمحاكمة منفذي الهجمات الإلكترونية. وأضاف ''هناك درجة كبيرة من إخفاء الهوية ودرجة كبيرة من الإفلات من العقاب''. وقالت مصادر أمنية في نواكشوط إنها ليس لديها علم بأنشطة مهاجم موريتانيا.
وفي ظل غضب الشباب المسلمين البارعين في استخدام التكنولوجيا من الأوضاع التي يعيشون في ظلها، يتوقع محللون زيادة في أعداد نشطاء التسلل الإلكتروني. وقال أرون زيلين الباحث في معهد واشنطن إن التسلل وسيلة يعبر بها الشبان عن آرائهم الدينية والسياسية بلا رقابة. وأضاف ''هذه المجتمعات مغلقة نسبيا فيما يتعلق بقدرة الناس على مناقشة الموضوعات المحظورة بصراحة''. وأضاف أنه بالنسبة للشبان المحبطين في دول مثل موريتانيا حيث سيطر الجنرال محمد ولد عبد العزيز على الحكم في انقلاب عام 2008 ثم فاز بانتخابات في العام التالي، بات التسلل ''وسيلة للتعبير عن رفضهم للأمر الواقع''.
ويعد استهداف ''أنونجوست'' للمواقع العالمية أكبر أسلحتها، لكن الجماعة لن تشن بعد هجوما كبيرا على هدف اقتصادي غربي، وركزت معظم حملات الجماعة على مواقع إلكترونية بدءا من مواقع للأطعمة المباحة عند اليهود وانتهاء بمدونات عن الأسلحة الأمريكية. وتترك الجماعة على المواقع التي تخترقها رسائل عن الإسلام ومناهضة للصهيونية، وهاجمت الجماعة خوادم تستضيف مواقع لمشاريع صغيرة، مقرها الولايات المتحدة والبرازيل وفرنسا وإسرائيل وغيرها. ويقول مهاجم موريتانيا وفريق ''أنونجوست'': إن هذه الدول ''خانت المسلمين بدعم إسرائيل وبالمشاركة في حربي العراق وأفغانستان''.
وفي رسالة على موقع لشركة في إيطاليا كتبت المجموعة: ''نحن الجيل الجديد من المسلمين ولسنا أغبياء. نمثل الإسلام. نقاتل معا. نقف معا. نموت معا''. ولا يزال هيربرجر نائب رئيس قسم الحلول الأمنية في شركة رادوير غير مقتنع بأن جماعة ''أنونجوست'' لديها المهارات الفنية اللازمة لممارسة إرهاب إلكتروني واسع النطاق من خلال الإضرار بإمكانات التشغيل لدى الشركات أو الوكالات الحكومية. وأضاف ''المسألة لم تحسم بعد'' لكنه حذر من الاستخفاف بظهور الجماعة.

الأكثر قراءة