مسجد «الجبري» .. «حي على الصلاة» منذ 500 عام
على مسافة قريبة من قصر إبراهيم التاريخي في حي الكوت بمحافظة الأحساء، ما زال مسجد الجبري شامخاً منذ إنشائه عام 880 هـ، تترد في جنباته ''حي على الصلاة'' .. ''حي على الفلاح''.
يقول أحمد بن عبد اللطيف بن أحمد الجعفري الطيار في كتابه (جامع الجبري .. تاريخ وبناء). اختلف المؤرخون في تاريخ بناء المسجد، ''أنا أميل إلى أنه بني في حدود سنة (820 هـ) في حي الكوت عاصمة دولة الجبور في ذلك الوقت، وذلك عندما أسس السلطان سيف بن زامل بن حسين الجبري دولة الجبور في هذا التاريخ، لأن عادة أهل الخير من الحكام أن يبدأوا حكمهم وبناء مدنهم ببناء المساجد. وقد أوقف السلطان سيف الجبري إمامة هذا المسجد ونظارته على الشيخ نصر الله بن عبد الله الجعفري الذي استدعاه هو أو أخوه أجود بن زامل من المدينة المنورة للإفتاء والتدريس في الأحساء مقر حكمهم''.
#2#
ويشير الدكتور عصام الخطيب إلى أن المسجد بُني من أحجار جيرية بيضاء اللون (طباشيرية) وهي أحجار هشة وخفيفة الوزن يربط بينها مادة الجص والطين وأعواد صغيرة حول الأقواس لربط مادة البناء، وهذه الأعواد تسمى (الباستشيل) أما أساسات المسجد فقد شيدت بالصخور الرسوبية التي لا تتأثر بالرطوبة ولا يمكن تفتيتها وتكسيرها.
تقدر مساحة مسجد الجبري بـ (1426.11 م2)، ويتكون المسجد من فناء مستطيل محاط بأربعة أروقة من جهة القبلة ورواق واحد من الجهات الثلاث الباقية، وتتكون الأروقة من أقواس مكسورة وثلاثة مسننة ويبلغ عددها (71 قوساً) وتعتمد هذه الأقواس على أعمدة ضخمة تشبه في كثرتها وتقاربها بساتين النخيل، ويبلغ عدد هذه الأعمدة (52 عموداً).
أما سقف المسجد فإنه على شكل قبوات جميلة ذات أقواس متقاطعة، وذكر إمام الجامع د. عصام الخطيب أن كثيراً ممن زار المسجد من المهندسين وغيرهم كانوا يبدون إعجابهم بهذا الطراز النادر على مستوى مساجد العالم الإسلامي بشكل عام، فإن أسقف المساجد تكون في الغالب على شكل قباب.
''الجبري'' أول مسجد يتم الانتهاء من ترميمه في إطار البرنامج الوطني للعناية بالمساجد العتيقة، الذي تتبناه مؤسسة التراث بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.
وفي عام 1404هـ قامت وزارة الحج والأوقاف بإعادة ترميمه وتكييفه وهدم الخلوة الواقعة في الرواق الشرقي، وفي عام 1411هـ أعيد ترميمه من ريع أوقافه، وفي عام 1428هـ قامت أسرة الجعفري الطيار بترميمه وتكييفه وانتهت من ترميمه عام 1430هـ. حيث شهد الأمير بدر بن محمد بن جلوي آل سعود محافظ الأحساء الافتتاح الرسمي للجامع بحضور الدكتور عبد الرحمن بن أحمد الجعفري محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات سابقاً.
وتعاقب على إمامة جامع ''الجبري'' الأثري وسط مدينة الهفوف التاريخية في محافظة الأحساء، أقدم وأعراق جوامع الأحساء القائمة، منذ إنشائه قبل نحو 553 عاماً، نحو 48 إماماً وخطيباً بينهم 39 إماماً وخطيباً من أسرة ''الجعفري''. وشهد أكبر توسعة في شهر ربيع الأول 1430هـ، ولا يزال يحتفظ بطابعه الإسلامي المميز، إذ إنه مسقوف بعدة قبب ويتوسطه فناء فسيح تحيط به الأروقة من جهاته الأربع، وشهد عدة ترميمات سابقة، وقد روعي في تلك الترميمات وضع مواصفات خاصة للحفاظ على خصائصه المعمارية وطابعه الأثري، وتبلغ مساحته الإجمالية ألفي متر مربع، ويستوعب 2500 مصلٍّ.