تقلُّص الطلب على نفط «أوبك» 265 ألف برميل يومياً

تقلُّص الطلب على نفط «أوبك» 265 ألف برميل يومياً

خفضت الوكالة الدولية للطاقة توقعاتها لآفاق الطلب على النفط على مدى الشهور الـ 18 المقبلة، وأبرزت تهديدات لهيمنة منظمة ''أوبك''.
وقالت الوكالة في تقرير لها نشر أمس إن البيانات الجديدة حول الصعوبات، التي يعانيها الاقتصاد العالمي في تحقيق الانتعاش والتسارع، تعني أن الطلب على النفط سينمو بمعدل أقل مما كان متوقعاً في تقرير تموز (يوليو). كما أكدت منظمة أوبك أمس أن إنتاجها من النفط يتراجع بسبب اضطرابات في ليبيا والعراق، بينما يسد الإنتاج المتنامي من الدول غير الأعضاء بالمنظمة النقص في الإمدادات.
لكن العوامل الحرجة الكامنة هي صعود إمكانات النفط الصخري في الولايات المتحدة، والتهديد الذي يشكله ذلك بالنسبة لمنظمة ''أوبك''، كما تقول الوكالة، في إشارة منها إلى الجدل حول ما إذا كانت ''أوبك'' ربما تكون قد تمتعت بحظ وافر ولم تعد هي المهيمنة.
وقالت الوكالة إنها ستخفض الآن توقعاتها للنمو في الطلب العالمي على النفط لهذا العام بمعدل 30 ألف برميل في اليوم ليصل إلى 895 ألف برميل في اليوم، لأن صندوق النقد الدولي خفض توقعاته للنمو في الاقتصاد العالمي من 3.3 إلى 3.1 في المائة.
كذلك تم تخفيض السرعة التي سيشتد بها الطلب على النفط في العام المقبل إلى 1.1 مليون برميل في اليوم، بعد أن كانت 1.2 مليون برميل، لأن النمو الاقتصادي يبدو الآن وكأنه سيكون عند مستوى 3.8 في المائة وليس 4 في المائة، كما كان متوقعا في السابق.
وذكرت منظمة البلدان المصدرة للبترول ''أوبك'' في تقريرها الشهري أن إنتاجها في تموز (يوليو) تراجع 100 ألف برميل يومياً إلى 30.31 مليون برميل يومياً، وفقاً لمصادر ثانوية. لكن الطلب الأمريكي ارتفع بصورة حازمة في الأشهر الستة الأولى، ومن المتوقع أن يتراجع على الأمد الطويل، في حين أن إنتاج النفط والغاز من الحقول الصخرية يسجل ارتفاعاً سريعا. وخلال الأشهر الستة الأولى من العام، أظهر الطلب الأمريكي أقوى نمو له منذ الربع الأول من عام 2011.
وقال التقرير إنه من المتوقع انخفاض الطلب على نفط أوبك العام المقبل بواقع 265 ألف برميل يومياً إلى 29.65 مليون برميل يومياً، بينما من المتوقع أن يزيد المعروض من خارج أوبك على 55 مليون برميل يوميا. وتتوقع أوبك أن ينمو إنتاج النفط من الدول غير الأعضاء بالمنظمة 1.15 مليون برميل يومياً في 2014. وقال التقرير إنه من المتوقع أن يبلغ إجمالي الطلب العالمي على النفط 90.75 مليون برميل يومياً في 2014 بزيادة 1.04 مليون برميل يومياً على أساس سنوي.
وفي لندن اندفع سعر خام برنت من بحر الشمال بمقدار 72 سنتاً ليصل إلى 107.40 دولار للبرميل على خلفية بيانات قوية من الاقتصاد الصيني.
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) توقعت الوكالة الدولية للطاقة أنه من الممكن أن تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط، وتتفوق على السعودية، بحلول عام 2017، وتحدثت في أيار (مايو) عن أن الطاقة من الحقول الصخرية يمكن أن تسبب ''صدمة'' لأسواق الطاقة.
وأمس قالت إن إمدادات النفط من البلدان خارج منظمة ''أوبك'' في تموز (يوليو) ارتفعت بمقدار 570 ألف برميل في اليوم لتصل إلى 54.9 مليون برميل يومياً ''وكانت أمريكا الشمالية تشكل نحو 40 في المائة من النمو''. كذلك ألقت الوكالة الضوء على معضلة تواجه منظمة ''أوبك''.
وفي تموز (يوليو) ارتفع الإمداد العالمي للنفط بمقدار 575 ألف برميل في اليوم، عن الرقم الذي سُجِّل في حزيران (يونيو) ليصل إلى 91.8 مليون برميل يوميا، وارتفع بمقدار 785 ألف برميل يوميا على أساس 12 شهراً، لكن الزيادة الشهرية جاءت بسبب ارتفاع الإمدادات من بلدان خارج منظمة ''أوبك''.
وتراجع إنتاج النفط في بلدان ''أوبك'' بمقدار 165 ألف برميل يوميا ليصل إلى 30.41 مليون برميل يوميا ''بسبب اضطراب الإمدادات من ليبيا، حيث تستمر الاضطرابات السياسية في عرقلة الصادرات''، رغم أن السعودية زادت من إمداداتها بمقدار 150 ألف برميل يوميا بحيث وصل معدل الإنتاج اليوم أعلى مستوى لها على مدى 12 شهراً، وكان عند 9.8 مليون برميل يومياً.
لكن ''أوبك'' رفعت كذلك من إنتاج سوائل الغاز الطبيعي، التي تشبه النفط الخام، بمعدل 175 ألف برميل في اليوم.
كذلك ذكرت الوكالة الدولية للطاقة أن إنتاج النفط من إيران تراجع إلى ما دون ثلاثة ملايين برميل في اليوم للمرة الأولى منذ خمسة أشهر، ومن المتوقع أن تهبط الصادرات بنحو نصف مليون برميل في اليوم ابتداء من أيلول (سبتمبر) بسبب العمل على البنية التحتية في الموانئ الجنوبية. من جانب آخر، تؤدي الهجمات على خط الأنابيب الرئيسي في شمال العراق إلى تقليص حاد في الصادرات من كركوك.
كذلك ألقت الوكالة الضوء على العنف والقلاقل أو التوتر في الجزائر ونيجيريا ومصر وسوريا. هذه العوامل تفسر إلى حد كبير الارتفاع في سعر خام غرب تكساس المتوسط في تموز (يوليو) إلى أعلى مستوى له منذ 16 شهرا.
وقالت الوكالة في تقريرها: ''كثير من المعلقين، إدراكا منهم أنهم يرون في الإمدادات الجديدة من أمريكا الشمالية سمة أساسية تميز أسواق الغد، يتساءلون عن مضامين ذلك بالنسبة لمستقبل (أوبك)''. سيتعين على ''أوبك'' أن تقلص إمداداتها بسبب الضغط من النفط الصخري ''ما لم يتسبب هبوط الأسعار في الحد من إنتاج النفط الصخري أولا''. لكن في الوقت الحاضر مشكلة ''أوبك'' الرئيسية هي ''إحضار الإنتاج إلى السوق''.
وكان إنتاج ''أوبك'' في الشهر الماضي ''أقل بمعدل 1.1 مليون برميل يومياً على مدى العام'' وكان السبب الرئيسي في ذلك هو ''التطورات المحلية في بعض البلدان الأعضاء''.
جاء هذا التعليق قبل شهرين فقط من الذكرى السنوية الأربعين لحرب أكتوبر، حين فرضت البلدان العربية في 1973 حظرا على صادرات النفط إلى العالم، ما أدى إلى أن تصبح كلمة ''أوبك'' على كل لسان، حيث إنها رتبت عملية أول صدمة من صدمتي النفط في السبعينيات.
كانت هاتان الصدمتان من اللحظات الفارقة في الكيفية التي تطورت بها اقتصادات البلدان منذ ذلك الحين. وكان من نتائج ذلك إنشاء الوكالة الدولية للطاقة لتكون الذراع الاستراتيجية الاحتياطية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من أجل متابعة شؤون الطاقة والنفط.

الأكثر قراءة