بلادنا عصية على مطايا «القاعدة»
ناقشت في ورقة العمل التي قدمتها في ندوة عن الإرهاب أقامتها الهيئة العليا للأمن الصناعي في وزارة الداخلية منذ عدة سنوات في الرياض التحديات التي تواجهنا في مكافحة الإرهاب، وكيفية التعامل مع هذه التحديات. طالبت باستشعار المسؤولية وتحفيز "الأمن الفكري" عبر الوسائل الوقائية والعلاجية ضد الآراء المتشددة والأهواء المتطرفة ولمواجهة من يعملون على زعزعة أمن الوطن.
طالبت باختراق الخطوط الخلفية للجماعات الإرهابية المتشددة للتعرف على فكرهم المتشنج. خطط الإرهابيين أصبحت معروفة ومكشوفة للجميع؛ فهي تبدأ بالخطاب المتطرف لتجييش الشباب عاطفياً ضد "الكفار"، يتبعها جمع الأموال، ثم إعداد المجندين للالتحاق بالمجموعات الإرهابية.
لم يكن مستغرباً أن الوافد "رصاصة في قصاصة" كان يُؤمَر من قبل ناصر الوحيشي قائد تنظيم القاعدة في اليمن ويعمل تحت قيادته لتحقيق هدفين رئيسين؛ الأول هو استهداف القضاة وعلماء الدين ومراقبة تحركاتهم وقتلهم، والثاني استهداف البعثات الدبلوماسية الأجنبية "الكافرة".
أحداث الأسبوع الماضي تعيد للذاكرة المحاولات اليائسة لاستعادة استراتيجية تنظيم "القاعدة" لاستهداف المواطنين والوافدين الآمنين في السعودية. تعلمنا من هذه التجربة أن مكافحة الإرهاب لا تقوم فقط على القضاء على الإرهابيين أمنياً، بل هي أيضاً مواجهة متواصلة لاقتلاع جذور التطرف التي تؤدي إلى الإرهاب والعنف والقتل والتدمير، وكان الإرهابيون يخططون لإحداث الفتن في مناطق محددة، لكن المؤكد أن جميع مناطق بلادنا عصية على مطايا "القاعدة".
الحلول تكمن في إعداد الخطط الاستراتيجية الاستباقية لمحاربة الفكر المنحرف، وتنشيط قواعد المعلومات الاستخباراتية، وإعادة النظر في فاعلية مراكز الحوار والسياسة الإعلامية ولجان المناصحة وبرنامج "الرعاية اللاحقة".
إضافة إلى ذلك، هناك ضرورة ملحة لحصر وتقنين الفتاوى كما جاء في الأمر السامي منذ ثلاثة أعوام. مع الأسف ما زالت الفتاوى التكفيرية عبر المنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي تأخذ حيزاً كبيراً في حياتنا اليومية.
دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز لتفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب جاءت في وقتها المناسب. ربما من المفيد الاستعانة بخبرات المجلس الاستشاري لمركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب UNCUT. لا بد من محاربة الإرهاب استباقياً بشتى صوره في جميع أنحاء العالم.
أكرر دعوتي لاحتضان شباب الوطن وتربيتهم على الوسطية والاعتدال وتهيئة الفرص الوظيفية لهم وإشراكهم في صنع القرار وإشغال وقتهم بعيداً عن أجواء الغلو والتطرف.
لعلنا نتذكر.. أننا إذا لم نحتوِ الشباب، فهناك من يسعى لاحتضانهم وتأهيلهم.
عضو جمعية الاقتصاد السعودية