خطر الخطوط الاقتصادية العربية على التقليدية
أدت الأزمات الاقتصادية التي تعم الكثير من مناطق العالم إلى نمو أعمال الخطوط الاقتصادية التي تبيع تذاكرها بأسعار أكثر جاذبية للشريحة الأكثر عددا من مسافري الجو حول العالم. النمو المطرد في أعداد المسافرين على الخطوط الاقتصادية ما هو إلا تسرب زبائن الخطوط التقليدية، التي تسمى أيضا الناقلات الكبرى، إلى الخطوط الاقتصادية حيث أصبحت هذه الظاهرة جلية في منطقة الشرق الأوسط اليوم. أدت هذه الظاهرة إلى إرغام الخطوط الكبرى على تحويل نموذجها التقليدي إما نحو إنشاء شركات شقيقة تنتهج النموذج نفسه أو تغير نموذجها التقليدي كما تفعل الخطوط الجوية البريطانية التي بدأت تربط أسعار تذاكرها بما يحمله الراكب من أمتعة. بنهاية هذا العام ستكون الخطوط الاقتصادية الأوروبية مثل (راين إير) و(إيزي جت) قد نقلت 250 مليون مسافر أوروبي تمثل 40 في المائة من حركة المسافرين التي كانت تستأثر بها الناقلات الكبرى مثل الخطوط البريطانية والفرنسية ولوفتهانزا. النتائج المالية للخطوط الفرنسية في النصف الأول كشفت عن خسائر فادحة بمليار دولار تسببت فيها بالدرجة الأولى ظاهرة مد الخطوط الاقتصادية على التقليدية. في منطقتنا العربية بدأت هذه الظاهرة في التأثير التدريجي في الناقلات التقليدية الحكومية التي تعاني الترهل والبيروقراطية وانعدام النظرة المستقبلية مما حدا بعضها إلى منافسة الخطوط الاقتصادية في وجهاتها الفرعية نفسها والدخول معها في حرب أسعار. تلك الخطوط التقليدية غارقة منذ سنوات طويلة في ديون تتزايد عاما بعد عام لتفاقم سياستها الإغراقية في المزيد من الخسائر كون تكلفتها التشغيلية أعلى بكثير من الخطوط الاقتصادية. السنوات القريبة المقبلة قد تشهد تخلي الحكومات العربية عن ناقلاتها التقليدية مجبرة بسبب موازناتها السنوية التي تقتطع نسبة معتبرة من الدخل القومي وعندها سيكون مصيرها الانهيار وهدر أموال المساهمين إن تمكنت تلك الناقلات من الطرح العام بنجاح. ولهذا فإن الخطوط الاقتصادية العربية ستكون أكثر تحملا على البقاء في فترة التصارع إلى أن ترفع الحكومات العربية حمائيتها عن ناقلاتها التي ستنهار حينها، مما يستدعي الحكومات العربية إلى تبني سياسات أسرع في إعادة هيكلة ناقلاتها حفاظا على كيانها من القوى البشرية المؤثرة في الأمن الاجتماعي وكذلك في أصولها الباهظة.
أكاديمي ومستشار في صناعة الطيران