مختصون: إعادة هيكلة التأمين خطوة للتطوير
أكد لـ ''الاقتصادية'' متخصص في التأمين أن الزيادات التي لحقت بالتأمين منذ مطلع العام التي راوحت بين 4 و10 في المائة للتأمين الصحي و3 و9 في المائة للتأمين على المركبات كانت زيادات مناسبة ولا بد منها، خاصة أن التقييم الأولي للخبراء الاكتواريين أقر بزيادة الأسعار بنسب تختلف من شركة لأخرى بحسب معايير معينة يسير بمجملها الخبراء، مبيناً أن التأمين يحتاج إلى إعادة هيكلة فعلية سواء من ضبط الأسعار وتحسين الأداء وتوحيد العقود للنهوض به، فالمملكة مقبلة على صناعة التأمين، وسيحقق مورداً مالياً جيداً للبلاد، وأشار إلى أن مفهوم التأمين تغير، حيث تحول من الاختياري إلى الإجباري، وأصبح أول متطلبات العمل، فالتأمين كان يعمل في فوضى، نظراً للاختلافات من الناحية الشرعية بتحريم التأمين وجوازه، إضافة إلى ضعف الوعي، وهو ما دفع الشركات إلى التنافس بطرق غير صحية كبدت بعض الشركات خسائر كبيرة، وأصبحت تسير المعادلة بشكل معاكس، فكلما زاد عدد المشتركين لحقت خسائر بالشركة بشكل أكبر، نظراً لتنافسية الأسعار، إضافة إلى سوء الأداء الفني الذي استلزم من الشركات إعادة هيكلته، ونظراً لأهمية التأمين، وأنه قطاع حيوي يدر عوائد مجزية للاقتصاد السعودي، توجهت مؤسسة النقد بإلزام الشركات بخبير اكتواري لاعتماد وضع الشركة كي تتم على إثرها زيادة أسعار التأمين أو الحفاظ على مستوى الأسعار، حيث تختلف كل شركة بحسب الخبرة والإمكانية.
فيما أوضح سامي العلي عضو في اللجنة الوطنية للتأمين، أن التعديلات السعرية للخدمات التأمينية لم تتم إلا من خلال خبير اكتواري، والذي يعتمد على أسس مهنية مرتبطة بأداء شركة التأمين ونتائجها المالية والفنية وبطريقة عادلة وغير مبالغ فيها، لتفادي التسبب في الخسارة أو هبوط أسعار منتجات الشركة عن المستوى المطلوب، ومن ثم أخذ موافقة مؤسسة النقد العربي السعودي على ذلك، وأشار إلى أن الإجراءات التي اتخذتها المؤسسة في توضيح عدم وجود توجيه منها برفع أسعار تأمين المركبات والتأمين الصحي أخيراً، تأتي استمراراً للدور الرقابي والإشرافي على الشركات العاملة في سوق التأمين السعودية، والتأكيد بشكل مستمر وواضح على تلك الشركات بالالتزام دائماً بالأحكام النظامية عند تسعير منتجاتها وبحسب قواعد الاكتتاب وعلى أسس فنية ودراسات اكتوارية، تفادياً للدخول في حرب أسعار تنعكس سلباً على مستوى الخدمة التأمينية المقدمة.
وأوضح عبد العزيز أبو السعود عضو اللجنة الوطنية للتأمين في مجلس الغرف، أن التأمين الصحي وتأمين المركبات حققا خسائر كبيرة على الشركات، حيث سجلت خسائر في الربع الأول تقدر بـ 7.5 مليون لعام 2013، ومجمل أرباحها أقل من عام 2012 لنفس الفترة رغم أن 19 شركة حققت أرباحاً، و11 شركة حققت خسائر، إلا أن الخسائر ما زالت كبيرة، وفي ضوء الخسائر طلبت مؤسسة النقد من شركات التأمين اللجوء إلى خبراء اكتواريين يدرسون الأوضاع، وهل تعتبر الأقساط كافية أو غير كافية لسد الخسائر وتحقيق الربح؟ فالمؤسسة لم تطلب زيادة الأسعار، بل طلبت من كل شركة أن تدرس أوضاع الشركة ويعمل توصيات لها، وأن تلتزم الشركات بما ينص، وستختلف الأسعار من شركة لأخرى بحسب الخبرة والقدرة المالية والإمكانات لأي جهة مستقلة معتمدة لدى المؤسسة.
وأشار أبو السعود إلى أن ارتفاع درجة تحمل المركبات يختلف من شركة إلى أخرى، وأن أي ارتفاع في درجة التحمل يتبعه خفض في أقساط التأمين، وعادة تكون درجة التحمل للمركبة وليس لمركبة الغير، مشيراً إلى أن رفع درجة التحمل كان أمراً لا بد منه، خاصة أن هناك أضراراً بسيطة يستطيع صاحب المركبة تحملها، كما أنها تعطي حامل الوثيقة إحساساً بأنه شريك في أي خسارة حتى يتجنب الحوادث الحاصلة التي من الممكن تجاوزها، وقال: ''من الأفضل رفع درجة التحمل مقابل خفض أقساط التأمين''.
وأشار أبو السعود إلى أن التنافس غير السوي بين شركات التأمين أضر بالشركات وألحق بها خسائر كبيرة، وقال: ''مع الأسف، الشركات لم تلجأ إلى طرح امتيازات وعروض تنافسية عوضاً عن تنافسيتها في الأسعار، حيث عمدت كل شركة التنافس على خفض الأسعار، مشيراً إلى أن هناك امتيازات وعروضاً كثيرة مستخدمة في دول العالم، ومع الأسف غير مستخدمة لدينا مثل منح تخفيض بنسب قد تصل إلى 50 في المائة لأقساط التأمين للعملاء الدائمين للشركة ولم تسجل أي حوادث للمركبات، وهو دافع للعملاء بتجنب تحمل الشركات الحوادث البسيطة للفوز بالتخفيض وغيرها من الامتيازات.
وأوضح روبير بهو المدير العام لشركة التعاونية للاستشارات التأمينية المحدودة، أن الخسائر الناجمة عن المنافسة غير الصحية وقصور الأداء الفني كان لا بد من زيادة الأسعار، وهذا ما تشهده سوق التأمين حالياً. كما أن هناك بعض العوامل الأخرى لزيادة أسعار تأمين المركبات منها ارتفاع الدية من 100 ألف إلى 300 ألف ريال، كما أن هناك حديثاً بتعديل وثيقة تأمين في مجلس الضمان الصحي التي قد تؤدي أيضاً إلى ارتفاع أسعار التأمين الصحي، ومن هذا المنطلق تنبهت لها مؤسسة النقد العربي السعودي المشرفة على أنظمة مراقبة التأمين التعاوني لشركات التأمين، ووجهت هذه الشركات لإعادة تنظيم أسعارها بصورة لا تؤدي إلى خسائر، حرصاً على هذه الشركات وعلى أموال المستثمرين من الشعب.
من جهة أخرى، طالب عدد من المستثمرين بوجود جهة قانونية في مؤسسة النقد لحماية المستثمرين والاطلاع على شروط بوليصات التأمين الجديدة التي عدلتها شركات التأمين، وسجلت ارتفاعاً منذ مطلع العام على التأمين الطبي بلغ 9 في المائة، والتأمين على المركبات 10 في المائة، ورفعت درجة التحمل من 300 في المائة من دون ذكر أسباب مقنعة ودون أي امتيازات أو محفزات، مشيرين إلى أن كل شركة تضع شروط بيع لبوليصة التأمين دون اطلاع الجهات المختصة عليها.
وأوضح طالب العبد الله، مستثمر، أن شركات التأمين توالت في رفع أقساط التأمين منذ مطلع العام الجاري على دفعتين بنسب تتفاوت من شركة لأخرى، إضافة إلى رفع درجة التحمل على الطرف الثالث بنسبة 300 في المائة، حيث إن درجة التحمل تراوحت من 500 وأكثر للسيارات، الأمر الذي وصل بها إلى ثلاثة أضعاف، حيث بلغت درجة التحمل عند ''ميد جلف'' 4500 في التأمين الشامل، وهو مبلغ كبير قياساً بقيمته قبل عام، إذ لا تتجاوز درجة التحمل على الطرف الثالث 500 ريال.
وطالبت ''ساما'' بالاطلاع على شروط التأمين الجديدة التي عدلتها شركات التأمين أخيراً وإيجاد جهة قانونية تعمل لحماية المستهلكين، وتوحيد إجراءات وشروط بوليصة التأمين على السيارات، مشيراً إلى أن كل شركة تضع شروط بيع بوليصة التأمين دون اطلاع الجهات المختصة عليها، وقال: ''إن العديد من شركات التأمين دخلت السوق دون اهتمام بالخدمة المقدمة، بل تهتم بالربح لمصلحة المساهمين دون أدنى اهتمام ببنود العقد، إذ لا توجد جهة متابعة تقوم بالتفتيش والرقابة، والاطلاع على بنود العقود ومعرفة حقوق المستهلك، إضافة إلى الشروط التعجيزية التي تكتب بحروف صغيرة تصعب قراءتها.