إشارة المؤسس لـ «الطحاوية» وأخذ «الرأي المرجوح» أسهما في نشر التعليم الحديث

إشارة المؤسس لـ «الطحاوية» وأخذ «الرأي المرجوح» أسهما في نشر التعليم الحديث
إشارة المؤسس لـ «الطحاوية» وأخذ «الرأي المرجوح» أسهما في نشر التعليم الحديث

أكد أكاديمي سعودي متخصص في العقيدة والمذاهب أن إشارة الملك المؤسس إلى ما ورد في كتاب شرح العقيدة الطحاوية في ملاحظة على مقرر التوحيد آنذاك، وإبعاده بعض المتشددين عن التدريس وأمره بنبذ الاختلاف والأخذ بالرأي المرجوح، لهو دليل على حرصه على نشر العلم والتعليم وفتح المدارس الحديثة.

وبين الدكتور نهار بن عبد الرحمن العتيبي عضو الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب عضو هيئة التدريس في جامعة شقراء في تعليقه على وثيقتين للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود أن (المؤسس)، كان يقسم دائما في مجلسه بأنه وجميع آل سعود فداء لكلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويقسم في موضع آخر بأن العجوز التي تسكن خيمتها وتلبس الأطمار البالية وتشهد بالتوحيد أحب إليه من المئات الذين يفرطون في التوحيد.

#2#

وجاء في الوثيقة الأولى "هذه رسالة مؤرخة في 22 شوال عام 1356هـ جواب لرسالة مرسلة للملك عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ من الشيخ عبد الله العنقري بشأن ملاحظات على مقرر التوحيد وفيها إشارة إلى خطاب آخر يتضمن تفصيل الرأي في هذه المسألة، الذي يتعلق بتعريف الإيمان، ويتضح منها عمق اطلاع الملك عبد العزيز وبعد نظره ورجوعه إلى المراجع العلمية فيما يشكل عليه من المسائل، حيث أشار إلى ما ورد في كتاب شرح الطحاوية وبالتحديد في صفحة 261 بشأن هذه المسألة وأنه يجب الابتعاد عن الاختلاف والأخذ بالأرجح وعدم إثارة الشقاق والفتنة والتعصب للرأي.

وفيما يبدو أن بعض المشايخ لم يكن متحمسا للمدارس الحديثة التي كلفت مديرية المعارف بوضع مناهجها والاستعانة بالخبرات التربوية لإدارتها. ويشير الملك عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ على علماء نجد بالإقامة فترة من الزمن في مكة المكرمة والمدينة المنورة لتبادل الآراء والخبرات مع العلماء الموجودين فيها، مع عدم التأخر واختلاق الأعذار في سبيل ذلك". "انظر الصورة رقم (1)".

وذكر أن للملك عبد العزيز اليد الطولى في تعلم العلم فقد كان قارئا لكتاب الله تعالى حافظا لكثير من كتب أهل العلم كالقواعد الأربع والأصول الثلاثة وكان يستدل بها في كلماته التي يلقيها إضافة إلى استدلاله بكتاب الله تعالى وسنة نبيه ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ فتارة تجده يشرح سورة الفاتحة شرحا مفصلا مميزا وتارة يشرح كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله ويبين أركانها وشروطها وواجباتها.

ويبين الدكتور نهار العتيبي أن مضمون الرسالة الثانية يوضح يقينا حرص الملك المؤسس على فتح المدارس وانتشارها، حيث إن نشر العلم كان بمثابة خط أحمر بالنسبة له، لأنه يؤمن أنه عماد الأمة والذي تنهض به الشعوب، وبالتالي فإنه كان يؤكد على البعد عن الاختلاف والأخذ دائما بالرأي المرجوح إضافة إلى عدم التعصب في الرأي وإثارة الفتنة والشقاق، ويدلل ذلك إشارته إلى شرح كتاب العقيدة الطحاوية، وإشارته إلى عدم قيام بعض المدرسين بالتدريس لما لوحظ عليهم من تعصب بالرأي.

وجاء في نص الرسالة الثانية ما يلي: "بسم الله الرحمن الرحيم .. من عبد العزيز عبد الرحمن آل فيصل إلى جناب الإخوان الكرام الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري والشيخ عبد الله بن حسن والشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبد الله بن عبد الوهاب بن زاحم ـ سلمهم الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعد .. أدام الله بقاكم تكلمنا معكم في بعض الأمور وحصل معكم بعض الأثر وأجلنا المسألة بأن المدارس فتحها بعد ثلاثة أحببنا إلفات نظركم لمسألتين لأنها أهم ما علينا وهي النظر في تعليم المدارس ومن هم الرجال الذي يليقون للمدارس العمومية والمدارس الأميرية مخصوصا المعهد الذي نبي (نريد) نخلي (نجعل) الأولاد يتعلمون فيه وأحببت أراجعكم حتى أن كان عندكم رأي تعرفوني به وأيضا أحب أن حافظ (حافظ وهبة) والشيخ بهجة يحضرون عندكم لأجل هالمسألة وأحببت تعطونا وعد أيضا سلمكم الله تنظروا في بعض الناس مثل الهلالي ومحمد عبد الرزاق هذولا (هؤلاء) ما يصلحون للتعليم أيضا حضر عندي الشيخ عبد الله بن زاحم وأنا أكتب الخط ووصيته لكم ببعض الكلام، كذلك الأمر الثاني من جهة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إهمالهم ونومهم عن هالأمر هذا كثر ودايم وأن تيقظوا (استيقظوا) زادوا بأمر ماهوب (ليس كذلك) جايز المقصود أدام الله وجودكم أخبركم بي تعذرون (سوف يعتذرون) بأمر عدم الرجال الأكفاء وهذا الجود من الموجود ولكن إذا رأيتوا مثل كلام الشيخ عبد الرحمن (الشيخ عبد الرحمن بن حسن) .. (ربع علم عاقل خير من علم كامل مع جاهل) والثاني الأمر ضروري المقصود أدام الله وجودكم تهتمون بها المسألة وتعطوني خبر الليلة لاجل ودي (أرغب) يصير اجتماعكم الصبح لاجل كثرة أشغالنا هذا ما لزم تعريفه والسلام. 6 المحرم 1349هـ".

وتشير مناسبة الرسالة الثانية إلى "حرص الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ على فتح المدارس ونشر العلم والأستاذ حافظ وهبة كان المسؤول في وقته عن المعارف في الحجاز والشيخ بهجه البيطار من العلماء السوريين المعروفين وتدل على بعد نظر الملك عبد العزيز في إدخال العلوم الحديثة في المدارس والاستعانة بذوي الخبرة من الدول العربية في التدريس فيها".

وأشار العتيبي إلى أن الملك المؤسس لم يكن يجامل في أمر العقيدة، ففي مرة من المرات يأتي أحد الوفود من بعض البلاد الإسلامية لزيارته وعندما دخلوا عليه قاموا بالانحناء فلما رآهم قام وغضب وقال هذا لله، الانحناء لله وحده، مبينا أنه لا يكاد يخلو مجلس من مجالس الملك عبد العزيز إلا وهو يذكِّر الحاضرين بنعمة هذا الدين وبفضل الله عليه وعلى المملكة العربية السعودية بتحقيق كلمة التوحيد وتطبيق الشريعة الإسلامية ويقسم أمام الجميع وهو صادق في قسمه ـــ رحمه الله قائلا: والله وبالله وتالله إنني وجميع آل سعود فداء لكلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقول ـــ رحمه الله ـــ في موضع آخر: "والله إن العجوز التي تسكن في خيمتها وتلبس الأطمار البالية وتشهد أن لا إله إلا الله أحب إلي من المئات الذين يفرطون في التوحيد".

وأضاف كان الملك عبد العزيز محبا للعلم وأهله مشجعا لهم مدافعا عنهم، فأمر بإنشاء المدارس وأمر المرشدين والقضاة بتعليم الناس في المساجد وفي أماكن تعلمهم في البراري وكان ينزل المشايخ منزلتهم ويأخذ برأيهم وكان يهيئ لهم ولتلاميذهم ما يحتاجون إليه من سكن وكتب ومصروف شهري، مبينا أن الملك عبد العزيز أسس هذه الدولة الفتية على عقيدة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله بكل جدارة، واستطاع باقتدار أن يقضي على الشرك ووسائله حين أمر بهدم صنم ذي الخلصة وأمر بهدم جميع الأضرحة كضريح حواء وضريح عبد الله بن السامر وضريح ميمونة ـــ رضي الله عنها ـــ وغير ذلك من الأضرحة كما استطاع أن يقضي على جميع البدع كبدعة سب الصحابة وبدعة التبرك بالقبور والاحتفالات وغير ذلك من البدع.

وبين أن الملك عبد العزيز صاحب عقيدة صافية ونقية جاهد من أجل تحقيقها فضرب أروع الأمثلة في الشجاعة والبطولة فتراه في احتدام إحدى المعارك يصاب في إحدى يديه قبل صلاة المغرب فيربطها ويعلقها في رقبته ويحمل السيف بيده الأخرى ويقاتل بكل شجاعة ثم ينتصر مع بزوغ الفجر.

ويضع اللبنة الأولى للتعليم الذي تطور فيما بعد حتى أصبح جامعات ضخمة تضاهي أرقى جامعات العالم، ولم يكتف الملك عبد العزيز بالاهتمام بالتعليم فقط، رغم أهميته، بل اهتم بكل جوانب دولته المدنية فعيَّن السفراء واختار الوزراء وأنشأ المحاكم ونظَّم جميع متطلبات دولته على أساس راسخ وبتخطيط رائع لا نزال ـــ بفضل الله ـــ ننعم به في دولتنا التي ننعم بخيراتها والتي تميزت برفع راية التوحيد.

الأكثر قراءة