حرب الأسعار ساهم في تدني خدمات شركات التأمين
تباينت أسعار وثائق التأمين في ظل تلاعب الشركات الذي يضر بالمصلحة العامة لتلك الشركات، إضافة إلى الخسائر التي تطول المواطنين والمقيمين من تدني الخدمات على الرغم من تشديد مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" على الحد الأدنى للتأمين.
وهنا بيّن تيسير عبد الرحيم المدير التنفيذي لشركة اليمامة لوساطة التأمين لـ "الاقتصادية"، أن أسعار وثائق التأمين متباينة رغم قرار مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما"، والذي أقر بحد أدنى للأسعار، مضيفاً أنه لا توجد أي فائدة تذكر من تلاعب الشركات في أسعار الوثائق، بل ستكون هناك خسائر اقتصادية تطول الشركات من حيث قلة عوائدها وأرباحها، إضافة إلى الخسائر التي تطول المواطنين والمقيمين منها من تدني الخدمات، في مقابل تدني أسعار الوثائق والتلاعب بها.
وعن دور الجهات الرقابية في مراقبة أسعار الوثائق، أوضح تيسير أنه على الرغم من أن دور الجهات فعال جداً وخاصة مؤسسة النقد العربي السعودي التي تطبق لوائحها التنفيذية الصارمة، إلا أن هناك بعض الشركات التي تنتهج التلاعب في الأسعار وتتهرب من تطبيق اللوائح بطريقة أو أخرى، وكشف تيسير أن التلاعب يتم بعدة طرق.
وأضاف: اللوائح التنفيذية والجهات الرقابية تعمل بناء على النتائج المالية التي لديها عن الشركات، فإن رأوا أن شركة ما لا تحقق أرباحاً من التأمين يوجه لها تحذير وإنذار برفع الأسعار، ناهيك من أن بعض الشركات تؤجل تسجيل بعض الطلبات لفترة طويلة، وبالتالي لا تظهر في الميزانية الشركة إلا العام المقبل.
وبيّن تيسير أن مسؤولية تباين أسعار الوثائق يجب أن تتحملها الشركات، خاصة أنها شركات مساهمة عامة يملكها المستفيدون منها، ومن المفترض أن يكون المسؤولون والقائمون عليها متحملين نتيجة أعمالهم.
من جانبه، قال ماجد المواشير مختص في قطاع التأمين في حديثه مع "الاقتصادية": إن الصورة الذهنية المرتبطة لدى الناس عن التأمين، هي صورة محبطة فعلاً، فهي مرتبطة بالجشع ومحاولة الالتفاف على الناس، ويمكنك إضافة أي صورة ذهنية سيئة يمكن أن تتبادر إلى ذهنك، ولست هنا محاولاً تحسين هذه الصورة، ولكن لتوضيح بعض اللبس الواقع في عملية التعويض العادل للخسارة.
وأضاف: يجب أن نعلم أن الوثيقة هي الفيصل في عملية التعويض، فلا يمكن أن تدفع شركة تأمين مبالغ لم تنص عليها وثيقة التأمين، وأيضاً لا يمكن أن تتنصل شركة تأمين عن دفع مطالبة مستحقة ومغطاة تأمينياً - حتى وإن حاولت ذلك - ويجب أن نفهم آلية التعويض في كل وثيقة، فلا يمكن أن نعامل وثيقة التأمين الشامل للسيارات مثل وثيقة التأمين الإلزامي والتي تحفظ حقوق الغير فقط.
وتابع: ومن اختلاف التغطيات في كل وثيقة فسينتج التباين والاختلاف في التعويض. ما يفسره البعض أنه تخبط في عمل شركات التأمين، وهو في الحقيقة لا يعدو كونه خطراً تقبله شركة وترفضه شركة أخرى. بمعنى تجد شركة (أ) تغطي الحوادث التي كان السبب المباشر لوقوعها السرعة، بينما الشركة (ب) لا تغطي الحوادث التي كان السبب المباشر لوقوعها السرعة. وقس على ذلك في التأمين الطبي والتأمين البحري وتأمين المنازل، فلن تجد تطابقاً في التغطيات، وستكتشف أن كل شركة لها حدودها وتغطياتها التي تتميز بها وتحاول أن تسوق هذا الاختلاف لصالحها.
ويضيف: من غير المقبول أن تحاول شركة تأمين بخس المتضرر حقه، وهو للأسف كان منتشراً قبل تعيين مؤسسة النقد ومجلس الضمان كمنظمين لسوق التأمين بشقيه التأمين العام والتأمين الصحي. فكانت الشركات سابقاً هي الخصم والحكم في آن واحد. فكثير ما كنا نسمع أن متضرراً رضخ لضغوطات شركة تأمين وقَبِل بتعويض لا يمثل خسارته الحقيقية فقط، حتى لا يدخل في دوامة لا يعلم إلى أين ستلقي به فتبدأ عملية المساومة والتي تنتهي غالباً بربح شركة التأمين.
وعن أسعار وثائق التأمين، قال: "أسعار التأمين أثرت في الخدمة المقدمة، فحرب الأسعار التي خاضتها شركات التأمين أدت بها إلى خسائر كبيرة، وبسبب هذه الخسائر والتي أثرت في قدرة بعض الشركات على دفع المطالبات المستحقة وحتى المتوقعة بسبب عدم كفاية الملاءة، فأصبحت هناك أصوات تطالب باندماج بعض شركات التأمين حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها والمتضررين".
وأضاف: "عشوائية الأسعار، عشوائية الخدمات، عشوائية التدريب .. سمّ ما شئت، فمن يعمل في قطاع التأمين، يعي حجم المشكلة وحجم الضرر اللذين تسببهما بعض القرارات غير المدروسة من المنظم. وإحجامه عن التدخل في بعض القرارات المهمة والمصيرية لاستمرار قطاع التأمين في النمو، وأعلم أن مؤسسة النقد ألزمت شركات التأمين بالتقيد بتقرير الاكتواري السنوي والذي يحدد سعر البيع لكل منتج، ولكنه جاء متأخراً جداً وقد أضر بكثير من الشركات".
وختم ماجد المواشير حديثه: "القطاع الخدمي، إن لم يدعم الدعم الصحيح، فبالتأكيد ستظهر العشوائية وهي بكامل قوتها، وتستمد طاقتها من سكوت المنظم. فإن كان المنظم (سواء مؤسسة النقد أو مجلس الضمان الصحي) يعتقد أن الوضع الحالي أفضل للمواطن فهو مخطئ".