إصلاح القطاع العام بمؤشرات رئيسة للأداء
تحتاج أي منظمة إلى مؤشرات رئيسة لقياس الأداء. يتزايد حجم القطاع العام السعودي كل سنة من حيث الإنفاق وعدد العاملين فيه، ويعمل في القطاع العام في الوقت الحاضر أكثر من مليون ونصف المليون شخص، باستثناء العاملين في القطاع العسكري، ويتم تخصيص أكثر من 30 في المائة من ميزانية الدولة لرواتب القطاع العام والبند الأول.
وفي الحقيقة تفتقد المملكة جهازاً فعالاً لقياس أداء موظفي القطاع العام سنة تلو الأخرى. شريحة كبيرة من الشباب السعودي تفضل العمل في القطاع العام، لأن متطلبات العمل اليومي قليلة، ونتيجة لذلك لا تزيد الإنتاجية الفعلية والحقيقية على 15 دقيقة في كل يوم عمل.
إذا أرادت المملكة أن يواكب اقتصادها القرن الحادي والعشرين، فإن هناك حاجة ملحة إلى تبَنِّي مؤشرات رئيسة للأداء وإطار لإدارة الأداء الاستراتيجي. تم تطوير هذا الإطار في البداية في الخمسينيات من قِبل شركة جنرال إلكتريك، وتم تعديله في التسعينيات على يد اثنين من أساتذة كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد.
في الوقت الحاضر تُستخدَم هذه السجلات الإحصائية لإدارة الأداء الاستراتيجي من قِبل كثير من أجهزة الخدمة المدنية في مختلف أنحاء العالم. وتحتاج وزارة الخدمة المدنية السعودية بشكل خاص والقطاع العام السعودي بشكل عام، إلى مراجعة شاملة لمعرفة مَن هم العاملون الأكثر إنتاجية ومَن هم من ذوي الإنتاجية الضعيفة.
لا يكفي أن يكون مقياس النجاح هو تسجيل وقت الدخول والخروج للموظف. وزارة الخدمة المدنية ومؤسسات القطاع العام مسؤولة بصورة عامة عن تنفيذ أهداف البلاد. فكيف سيتم تحقيق هذه الأهداف إذا كان هناك تباين بين مهارات كثير من العاملين في السلك الحكومي وقدرتهم على الأداء؟
لا بد أن تكون هناك مراجعة لجميع العاملين في القطاع العام، واستبدال الموظفين من ذوي الإنتاجية المتدنية في المناصب الاستراتيجية بموظفين من ذوي الإنتاجية الأعلى. العاملون الذين يتسمون بقدر قليل من الإنتاجية سيُعَيَّنون في مناصب أقل أهمية، لكن عليهم الدخول في دورات تدريبية مكثفة لزيادة إنتاجيتهم. ويجب مكافأة الموظفين الممتازين والمنتجين في القطاع العام وأن يتلقوا رواتب عالية، وذلك فقط من أجل تجنُّب الفساد، على نحو مشابه لطريقة عمل موظفي القطاع العام في سنغافورة.
الخدمة المدنية، والمستشفيات العامة، والمؤسسات العامة الأخرى، بحاجة إلى أن تكون لديها أهداف سنوية وتحتاج إلى طريقة لقياس هذه الأهداف على أساس متكرر. ورغم أنه يمكن قياس المؤشرات الرئيسة للأداء ضمن كل مؤسسة، إلا أن الحاجة تدعو إلى وجود جهاز مستقل، يقوم بمراجعة عمل الجهات الحكومية كافة وأداء موظفيها. ويجب أن يكون هذا الجهاز فعالاً ومستقلاً ويشرف على الإنتاجية والأداء الحكومي على أن يرتبط مباشرةً برئيس مجلس الوزراء. ويجب أن تكون لكل وزارة أهداف سنوية واضحة تتم مراجعتها من قِبل هذا الجهاز المستقل كل ربع على ما تحقق.
إذا لم يصبح القطاع العام موجهاً أكثر من ذي قبل نحو الأداء، سيكون من الصعب توجيه الاقتصاد لتنفيذ الأهداف التي يريدها صانع قرار هذه البلاد.