سعد نعماني .. مكتبة صوتية متنقلة صدحت بالقرآن في 16 بلدا
إنه القرآن الكريم، يرقى به كثيرون، وعنه البعض ساهون، وفي حالتنا هذه شاب يولد في باكستان وينشأ في السعودية بين مكة والمدينة ليستلهم النبض الروحاني الفائض من هذه الأرض وينقل بعضه لعواصم العالم الشرقية والغربية.
يقف في مسرح جل جمهوره من الغربيين، الذين أحبوا الإسلام، وتعلقت قلوبهم بمحيط الكعبة وما يتلى هناك من الذكر، ليقرب لهم محمد سعد نعماني الأصوات، التي طالما أحبوها فيبدأ بالأذان المكي المميز ثم يسمع الجمهور جزءا من صلاة الشيخ عبد الرحمن السديس مصحوبة بمداخلات المرددين، كل ذلك بصوته الذي يتنقل بخفة ورشاقة بين طبقات الأصوات لينقل صورة صوتية حية على الهواء من تلك الأجواء التي يعشقها نحو المليار مسلم حول العالم.
هذا المقطع الذي تم تداوله بشكل واسع في اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي للشاب الهندي (الباكستاني) الذي يقلد الشيخ السديس – كما توضح معظم عناوين المقاطع- قاد للبحث عن بطلها ليكشف لـ "الاقتصادية" إنه شاب مولود في كراتشي عام 1980 لمهندس باكستاني من أصل عراقي يعمل في السعودية يدعى شاهد خليل نعماني، ولهذا الأخير قصة تستحق أن تروى في إطار الحديث عن التربية وبناء الإنسان.
المهندس شاهد نعماني رجل يشهد له جميع زملائه بالسمعة الجيدة ويضبطون ساعاتهم على مواعيد حضوره وانصرافه وتناوله الوجبات، وأكثر من ذلك يعلمون مدى التزامه وانضباطه الديني والأخلاقي، وهو أمر انعكس كثيرا على ابنه "سعد"، وهو اسمه المختصر دون اسمه المركب الذي اختاره له والده كأول حقوق الابن على الوالد قبل أن يوفر له أفضل المعلمين ويربطه بأفضل البيئات ليخرج الابن ناضجا بحب القرآن ومتابعة الشيوخ وتقليد القراء لينتقل الطفل ابن الخامسة عشرة من مدرسة مصعب بن عمير في جدة إلى مدرسة دار القرآن، ويبذل تخصصه في دراسة القرآن، ليتحصل بعد عشرة أعوام على بكالوريوس العلوم الإسلامية من كراتشي، ولتبدأ رحلة جديدة من العطاء في عام 2006 لهذا الزرع، الذي زرعه الأب الحاني في تربة خصبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
انطلقت رحلة السفر الأولى لسعد بن شاهد قبل ستة أعوام، وهو اليوم يستعد للانطلاق من بيت والده في المدينة المنورة، ليصل تعداد رحلاته من أجل القرآن إلى 92 رحلة جوية تنقل خلالها بين 16 بلدا أبعدها الولايات المتحدة وأقربها الإمارات وبينهما كندا وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا إلى جانب جنوب إفريقيا ودول شرق آسيا.
لم تقتصر جهود الشيخ سعد نعماني في تلاوة القرآن في هذه البلدان على الروايات المتعددة وتعليم أبنائها أنواع التجويد، ولكن الرجل الذي يبلغ اليوم الـ33 من العمر أسس لموقع إلكتروني يعنى بالقرآن أسماه "القرآن الآن"، وفيه يمكن للمستخدم الاستماع للذكر الحكيم في أي وقت وبأشكال مختلفة من القراء والقراءات.
محمد سعد نعماني، الذي أتقن أسلوب عشرات الشيوخ المعروفين بالقراءة هو نتاج تربية صالحة في بيت صالح أثمرت إنسانا ملتزما دينا وسطا قيما يقوم له الناس بالحفاوة والاحترام، بعيدا عن تطرف المتطرفين وفوق خمول المفرطين.