خطر «الفقاعة» العقارية يهيمن على بريطانيا .. أسعار المنازل تقفز %10
لم يجد جورج أوزبورن وزير المالية البريطاني حلا أفضل من بحث إمكانية فرض مزيد من الضرائب على العقارات التي يمتلكها أجانب للتخلص مما يعتبره البعض ''فقاعة عقارية'' تشهدها المملكة المتحدة.
وعلى الرغم من أن أسعار العقارات في بريطانيا لا تزال أقل بنسبة 7 في المائة عن المستوى الذي بلغته في2007، إلا أن البيانات الصادرة أخيرا تشير إلى أن معدل النمو السعري بلغ 5.8 في المائة خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر)، مقارنة بـ 5 في المائة خلال شهر أيلول (سبتمبر)، لتصبح أكبر زيادة منذ تموز (يوليو) 2010، وليبلغ بذلك متوسط سعر المنزل في المملكة المتحدة 173.678 جنيه استرليني.
وعلى الرغم من أنه لم يصدر بعد تأكيد رسمي من وزارة المالية البريطانية بأن أوزبورن سيقوم بفرض ضريبة أرباح رأسمالية على المستثمرين الأجانب في العقارات، فإن الأمر سيتضح في الأسبوع الأول من شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل، حينما يلقي وزير المالية ما يعرف بـ ''بيان الخريف'' لإيضاح الأوضاع المالية في المملكة المتحدة.
ويعتقد المراقبون أن أوزبورن بهذه الضريبة المقترحة يسعى لتغطية مبلغ 1.2 مليار جنيه استرليني عليه أن يوفرها لتلبية تعهدات كل من حزب المحافظين الحاكم بخطة ''مكافأة الزواج''، التي ستمكنه من الحصول على الأصوات الانتخابية للمتزوجين حديثا، وتبلغ تكلفتها على الخزانة العامة 600 مليون جنيه استرليني، و600 مليون جنية استرليني أخرى على أوزبورن أن يجدها ليلبي تعهدات حزب الليبراليين الديمقراطيين شريك حزب المحافظين في الحكم بتوفير وجبات طعام مجانية للأطفال في المدارس.
ويعلق ديفيد دين الاقتصادي في حزب المحافظين الحاكم على الضريبة المقترحة على المستثمرين الأجانب في العقارات لـ''الاقتصادية'' بأن النظام الضريبي البريطاني بشأن الأجانب الذين يمتلكون عقارات في بريطانيا يعد كريما للغاية، وفقا للمعايير الدولية، فيما يخضع المقيمون على الأراضي البريطانية لضريبة أرباح رأسمالية عندما يقومون ببيع منازلهم، فإن ملاك العقارات من الأجانب غير المقيمين في بريطانيا وجزء كبير منهم يمتلك عقارات ذات أسعار مرتفعة يتم إعفاؤهم من ضريبة الأرباح الرأسمالية عند بيع عقاراتهم.
وأضاف ديفيد دين، أن المقيمين يدفعون ضريبة أرباح رأسمالية تراوح بين 18-28 في المائة، بينما غير المقيمين لا يدفعون شيئاً، وهذا إخلال بالعدالة الاجتماعية، التي يجب أن يحققها النظام الضريبي.
وقد أجرت ''الاقتصادية'' اتصالات مع وزارة المالية البريطانية، التي رفضت تأكيد أو نفي الضريبة المقترحة، مؤكدين أن الأمر يدخل في إطار اقتراحات مقدمة لوزير المالية، كما التزمت الصمت حول نسبة تلك الضريبة.
ويوضح مارتن مور الخبير الضريبي لـ''الاقتصادية'' أن الضريبة المقترحة لن تجني لبريطانيا المليارات كما يعتقد البعض، لكنها ستزيد التعقيدات الضريبية في البلاد، خاصة أن العديد من المستثمرين الأجانب يشتكون بالفعل من صعوبة فهم النظام الضريبي الراهن، ويقترح في المقابل زيادة الدمغة الضريبية على البائع إذا تجاوزت القيمة البيعية للعقار مبلغا محدداً.
وزادت وزارة المالية الدمغة الضريبية في العام الماضي إلى 7 في المائة على الأشخاص الراغبين في شراء منازل تزيد قيمتها عن 2 مليون جنيه استرليني، إلا أن أوزبورن فشل في الحصول على دعم رئيس الوزراء في فرض ضريبة أخرى على المنازل التي تزيد قيمتها عن 2 مليون جنيه إسترليني.
وتشير التقديرات إلى أنه على الرغم من قيام الحكومة البريطانية بزيادة الدمغة الضريبية على شراء المنازل، لكن ذلك لم يمنع المستثمرين الأجانب من مواصلة شراء عقارات في لندن.
وأنفق الأجانب ما قيمته سبعة مليارات جنيه إسترليني خلال العام المنصرم على شراء عقارات في العاصمة البريطانية، وهو ما أدى إلى زيادة أسعار المنازل بنحو 10 في المائة، وفقا لما أكدته إحصائيات صادرة عن'' دي سافيلز'' وهي مؤسسة مختصة بالعقارات البريطانية.
وتشير الدراسات إلى أن أغلب المشترين الأجانب من الأثرياء الصينين، الذين حازوا ربع عقارات لندن الجديدة يليهم العرب ثم الروس واليونانيون والسنغافوريون.
وذهب نحو 75 في المائة من العقارات الجديدة في لندن لمالكين أجانب، ما دفع العديد من المواطنين البريطانيين إلى العجز عن شراء منزل للسكن أو القيام بالشراء في ضواحي العاصمة أو المقاطعات المجاورة.
إلا أن النظرة المدافعة عن فرض ضريبة أرباح رأسمالية على الأجانب الذين يتملكون عقارات في لندن، تواجه بتحذيرات من عدد من كبريات الشركات العقارية في بريطانيا.
وبحسب جون هيلبرن المدير التنفيذي لشركة أندروا ريف، فإن ارتفاع أسعار العقارات في لندن جراء شراء الأجانب للعقارات الفاخرة لا يؤثر في الاتجاه العام للأسعار في بريطانيا، لأنها دائرة مغلقة عليهم فهم يستثمرون في عقارات فاخرة للغاية وبالملايين، وأغلب الشعب البريطاني لا يتأثر بهذا النوع من العقارات، ومن ثم، فإن هذه الضريبة المقترحة ستضعف الاستثمارات الأجنبية، ولن تعود بالفائدة على الأسواق بخفض أسعار المنازل.
وتشير الإحصاءات المتاحة إلى أن أسعار العقارات قفزت في لندن بنحو 9 في المائة خلال شهر آب (أغسطس) الماضي، بينما ارتفعت في باقي أنحاء المملكة المتحدة بنسبة 2 في المائة فقط. وتبلغ أسعار المنازل في منطقتي كنسنجتون وتشيلسي الشهيرتين 30 ضعف الراتب السنوي لسكانهما، فإذا أخذنا في الحسبان أن رواتب المقيمين في هاتين المنطقتين يتجاوز في كثير من الأحيان 100 ألف إسترليني في العام، فإننا نستطيع معرفة الأسعار الحقيقية للعقارات الفاخرة في المناطق الثرية في العاصمة لندن.