500
* أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 500
***
* كان لا بد أن أحتفل بالوصول لهذا الرقم، فمن كان يظن أن ''مقتطفات الجمعة'' التي كتبت صورتها الأولى منذ 12 عاما المواصلة لهذا الرقم.
مرت هذه المقتطفات بكل رؤساء تحرير هذه الجريدة، وكتبتُ بها أفكارا ومواضيعَ تم تداولها وتناولت كل القضايا، أدبية، فكرية، سياسية، علمية وتعرفت من خلالها على مواضيع كثيرة بحثاً واستقصاءً، كما حصل لي من خلالها القبول مع طيف واسع من القراء من كل مقام ومنصب وموضع. بل كان لي، وما زال، أصدقاء من المعلقين نمَت معهم صداقات أخوية استمرت سنوات ونحن الآن نتزاور ونتبادل الآراء والمنافع كأخوة.
وعاصرت ''المقتطفات'' سيرة مهمة لحياة أصدقاء كانوا معلقين مثل الدكتور ''عامر الحسيني''، و''الدكتور سعيد القرني'' والدكتور ''عثمان الذوادي'' من السعودية، والدكتورة ''عائشة عبد الرزاق'' من الكويت، والدكتورة ''مبروكة حسان'' من عُمان، والدكتورة ''رجوة المويت'' من ليبيا، والدكتور ''علي قبّان'' من الإمارات، والدكتورة ''صفاء الغول'' من لبنان، والدكتورة ''ماري بطرس'' من مصر، والدكتور ''سراح الكواي'' من الجزائر، والدكتور ''محمد قبوة'' من المغرب، والدكتورة ''نجلاء حسيني'' عربية أمريكية، كلهم عاصرتهم ''المقتطفات'' من البكالوريوس للدكتوراه، كما تابعتْ ''فهد الحصان'' من المتوسطة حتى الابتعاث، وسالم المرقيني الذي يقول إنه مراسل المقتطفات في تونس، وهو وراء المقال الذي هز الكثيرين في أقطار في بلدي وبلاد عربية وإسلامية ''اخرس يا سعودي'' حين رتب لي حضور منتدى لمفكري تونس. ولا أنسى ''سراج حيائي'' من السودان الذي تنقلت معه في السودان في زوايا ومقار الصوفية وأعَدّ لي مجالس لحورات معهم .. وحبيبنا ''ظافر السبيعي'' المحامي الدولي الذي تابعته ''المقتطفات'' تلميذا في السعودية، ثم دارسا للقانون في لندن، ثم محاميا دوليا الآن، وهو من كتب مقالا عنوانه ''أخرجوا نجيب الزامل من الشورى''، وتحقق طلبه!
وعاصرتْ المقتطفات ثلاثة رؤساء تحرير هم الأستاذ محمد التونسي، ثم الأستاذ عبد الوهاب الفايز، ثم الأستاذ سلمان الدوسري الرئيس الحالي، وقد كشف الحبيب سلمان الدوسري عن قصة صغيرة لما احتفى به منتدانا ''أمطار'' بأنه كان من سنين من كادر التحرير بالجريدة وهاتفني ليلا متأخرا عن حادث احتراق في إحدى قرى القطيف أطارت قلوبنا، وطلب مني أن أكتب عمودا في الصفحة الأولى، وخرج مقالٌ دار طويلا بين الناس كله دموع وحزن واحتجاج.
و''المقتطفات'' عالجت مواضيع تهم الأمة منها اتفاقي مع حاكم منديناو - المنطقة الكبرى في جنوب الفلبين وغالبيتها من المسلمين - وكان قد أُعطِيَ أيام الرئيسة أكينو استقلالا كاملا لمناطق المسلمين باتفاق لإيقاف الاحتراب هناك، وعرض علي السلطان يحيى في السفارة السعودية بمانيلا أن تأخذ المملكة السهلَ الممتد بين زامبوانجا إلى ماراوي، واد تحميه سلسلة جبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، وأكثر مناطق الفلبين أمناً من الأعاصير والسيول لحماية العمالقة من الجبال الممتدة عبر الجزيرة، لتستفيد منه المملكة لزراعة الرز بالذات، وكانت الحكومة وقتها تبحث عن بديل استراتيجي للرز، وأوقف السلطانُ عرضين كبيرين للشركة الأمريكية الغذائية الكبرى ''جرين جاينت'' وقد تقدموا بسعرٍ مغرٍ، وكانت إيران قد أبدت اهتماما، وأقسم لي أنه سيعطي للمملكة سعرا أقل بكثير من المعروض عليه، فقط كما قال لأمرين: 1- البركة 2- أن يعزز السعوديون البنية التحتية والقيم الإسلامية. لم يتم ما تمنيتُ وتمنى السلطان يحيى رغم أن المقالة دارت على كل الطاولات، ثم علمت أن وفدا رسميا ذهب للفلبين، ولم أرَ نتائج، وكنت أود لو عرفتُ فلي صلات ومعرفة كبيرة بالفلبين.
وقدّمتْ ''المقتطفاتُ'' كتبا كثيرة مما تنثره مطابع أمريكا وإنجلترا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا والهند واليابان وأستراليا. وسأذكر قصة كتاب ''شانتارام'' وهي قصة حقيقية كتبها ''جريجوري دافيد روبرتز''، أكبر مجرم أسترالي، بل عالمي له باع طويل في التهريب والقتل، فحكم عليه بسجن مؤبد في أستراليا، ثم تمكن من الهرب إلى الهند بثمانينات القرن الماضي، وكتب قصته هناك، بأفضل لغة إنجليزية قرأتها بحياتي، وبأروع حكمة وسرد مشهدي أيضا قرأته بحياتي .. وقرأت الكتاب ذا الألف صفحة خمس مرات، هذا عادي، غير العادي أن الكتاب تكوم في مكتبة بحرينية متخصصة في الكتب الأجنبية لم يشتره أحد، لما استعرضَتْه ''المقتطفات'' تحرك سوقه بشكل أذهل أصحاب المكتبة وبيعت كل النسخ السبعين العالقة في حلوقهم .. سبعون في المائة من المشترين سعوديون، أكثرهم من ''أرامكو'' .. وإلى الآن يباع الكتابُ في جاشنمال تلك المكتبة. ولي طاولة أراجع بها ما أشاء من الكتب ويحضر لي مهتمون أسبوعيا للنقاش حتى انشغلت بالشورى وتوقفت، وقابلتُ بتلك الطاولة أكثر من عشرين جنسية بآلاف الأفكار. ثم تطورت الأمور وصرت صديقا إلكترونيا مع الكاتب ''جريجوري'' وعرفني على الأمريكي الشهير ''جوني ديب'' الذي كان يوقع معه عقدا لإخراج الكتاب فيلما، وكتبت رأيي لجوني ديب لأنه يجمع الآراء فاقترحني عليه جريجوري.
والقصص أكثر .. أشكر ''الاقتصادية'' التي أتاحت لهذه المقتطفات الخروج .. وفتحت لي بواباتٍ كبرى لم أحلم بها.