أداء الموانئ السعودية ضعيف .. ولا يتناسب مع حجم السوق والناتج القومي
كشف تقرير حديث أن أداء الموانئ السعودية لا يتوافق مع حجم السوق المحلية ولا مع الناتج القومي والذي يعادل 711 مليار دولار، ولا يتناسب أيضا مع عدد السكان الذي يزيد على 60 في المائة من إجمالي سكان المنطقة، مشيرا إلى أن القيمة التجارية عبر موانئها فقط أعلى بقليل من تلك التي في الإمارات التي لها أقل من نصف ما للسعودية من ناتج محلي قومي.
وقال تقرير شركة كاميلوت للاستشارات الإدارية العالمية إن السبب الرئيس لهذا الواقع هو أن الإمارات قد أسست بنجاح الأطر والبنيات التحتية الأساسية لتصبح المحور الرائد للخدمات اللوجيستية في المنطقة وخارجها. حيث إن ميناء جبل علي ذي الكفاءة العالية والتقنية المتطورة، هو ميناء الاختيار حتى للشاحنين السعوديين والمرسل إليهم في السعودية.هذا يؤدي إلى إعادة تصدير نحو 25 مليار ريال (1.76 مليون طن) من البضائع المتجهة للسعودية عبر ميناء جبل علي، بينما قيمة الصادرات من السعودية إلى الإمارات العربية المتحدة بهدف إعادة التصدير هي 117 مليار ريال (8.25 مليون طن).
وبسبب البنية التحتية الضعيفة نسبياً وعدم كفاءة مناولة البضائع والطلب الضعيف على موانئ السعودية، فإن الناقلات العملاقة التي تأتي من الساحل الشرقي ترسو في جبل علي أولاً، حيث إنه ميناء إعادة التصدير الرئيسي، ومن ثم تقوم سفن الروافد بالشحن إلى السعودية. وكنتيجة لذلك، فإن هذا يؤثر في المرسل إليه البضائع بزيادة قدرها 2.5 في المائة في تكاليف الشحن. وعلى الرغم من أن التحويلة عبر الإمارات تبدو وكأنها خيار منظور، مقارنة بالشحن المباشر، فمن المؤكد أنها ليست الحل الأمثل حيث إن تأخيرات كبرى تصل في المتوسط إلى أسبوع واحد تشهد على الحدود الإماراتية ـــ السعودية.
وقال التقرير إنه وفي 2004، بلغت حركة الحاويات في السعودية 3.2 مليون حاوية نمطية، بينما حركة الحاويات في جبل علي بلغت ستة ملايين حاوية نمطية. وفي 2012، تضاعفت حركة الحاويات في كل من الميناءين، مما نتج إلى تناول جبل علي سبعة ملايين حاوية نمطية إضافية على الموانئ السعودية. ولقد كلفت تطورات الموانئ البطيئة نسبيا في السعودية هيئة الموانئ إيرادات إضافية محتملة بمبلغ 1.9 مليار ريال فقط من أنشطة مناولة الحاويات.
وأضاف التقرير أن معدل استخدام سعة الحاويات في موانئ السعودية عال جداً (يصل إلى 95 في المائة) وذلك للموانئ المرتكزة على الحاويات التي تتألف من ميناء جدة الإسلامي وميناء الملك عبد العزيز في الدمام وميناء الجبيل التجاري، وقد سبب الاستخدام والطلب العالي والمشكلات التالية في اختناقات كبيرة في الموانئ.
#2#
• الروابط الضعيفة بين محطات الموانئ: حيث إن الربط الضعيف بين المحطات تجعل من الصعب المشاركة في البنية التحتية مما يؤدي إلى الاختناقات.
• مراسي مياه عميقة قليلة: العدد المحدود من مراسي المياه العميقة (خاصة في الساحل الشرقي) يحد من عدد سفن الحاويات الكبيرة التي تستوعب 18 ألف حاوية نمطية (الناقلات العملاقة). على سبيل المثال في الجبيل، تصل فقط ناقلة عملاقة واحدة كل أسبوع، مما يجعل الشاحنين إلى نقل بضائعهم عن طريق شاحنات إلى ميناء جبل علي لإعادة التصدير.
• المناطق النائية غير المتطورة: العدد القليل من المرافق اللوجيستية ذو المستوى المتدني حول الموانئ (على سبيل المثال: محطات الحاويات والمستودعات وصلات النقل متعددة الوسائط لسكة الحديد والطرق البرية والجوية) تسبب تأخيرات كبيرة ومشكلات بالنسبة لمتسلمي البضائع والشاحنين.
• سعة الحاويات المنخفضة في موانئ الساحل الشرقي: من المتوقع أن تزيد حركة النقل في الساحل الشرقي زيادة كبيرة حيث إن أغلبية وجهات التصدير الرئيسة توجد في شرق المملكة. ويلزم زيادة سعة الموانئ للحاويات على طول الساحل الشرقي جنباً إلى جنب إلى تطوير البنية التحتية اللوجيستية للتعامل معها بفعالية.
وأكد التقرير أنه ينظر إلى جمارك المملكة كعائق للتجارة، حيث إن لها ممارسات غير معيارية ينتج عنها عدم الكفاءة لشركات خطوط الملاحة والشاحنين والمشاركين الآخرين.
• التفتيش اليدوي: جميع الحاويات بما في ذلك الحاويات الفارغة، تخضع للمسح بالأشعة السينية، والكلاب البوليسية والتفتيش اليدوي. إضافة إلى الفترات الزمنية الطويلة الناتجة عن التفتيش، تتضرر 10 إلى 15 في المائة من الشحنات بسبب سوء التعامل مع البضائع أثناء التفتيش.
• القيود اللغوية: جميع وثائق الشحن يجب ترجمتها إلى اللغة العربية بسبب محدودية نظام الجمارك، وتزداد الفترات الزمنية لأن الشحنات يجب أن يتم تخزينها في مباني الميناء ثلاثة إلى خمسة أيام قبل تاريخ الشحن من أجل الانتهاء من الإجراءات البيروقراطية والإجراءات التي ليست لها قيمة مضافة.
• التفتيش المتعدد: إن العديد من السلطات، غير سلطات الجمارك، تشارك في عملية التفتيش خاصة في الشحنات المستوردة وفقاً للفئة، على سبيل المثال: الهيئة السعودية للغذاء والدواء ووزارة الثقافة والمعلومات ووزارة التجارة والصناعة ... إلخ.
#3#
من المتوقع أن يزيد الناتج القومي السعودي الإجمالي بنحو 220 في المائة في العقدين المقبلين، وحيث إن الناتج القومي الإجمالي يرتبط مباشرة بحركة الحاويات، فإن زيادة كبيرة بنحو 57 في المائة في حركة الحاويات متوقعة (تصل إلى تسعة ملايين حاوية نمطية بحلول عام 2020). إن سعة الحاويات الحالية في السعودية (6 ملايين حاوية نمطية) لن تكون قادرة على التعامل مع الحجم المستقبلي.
وأشار التقرير إلى أن الضغط المتزايد على البنية التحتية للنقل في السعودية أثارت الحاجة إلى خططاً لزيادة السعة في المناولة. وقد تم ابتدار موانئ جديدة والعديد من مشاريع التوسعة، وتصدرها ميناء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية (10 ملايين حاوية نمطية في عام 2019)، وتوسعة ميناء الملك عبد العزيز في الدمام (+1.5 مليون حاوية نمطية بحلول عام 2015)، وميناء مدينة جازان الاقتصادية، الذي سيوصل السعة الكلية في المملكة العربية السعودية إلى 21 مليون حاوية نمطية بحلول عام 2019.
وعلى الرغم من أن الموانئ السعودية من الناحية النظرية ستكون لها السعة الكافية للتعامل مع حجم الحاويات المتوقعة في المستقبل، فيجب عليها أن تقوم بتغيير جوهري في البنية التحتية والإطار التنظيمي وتقليل الأشرطة الحمراء وذلك لتهيئ بيئة صديقة للعميل والمستثمر.
ونصح التقرير بالعديد من الحلول الأساسية التي تعالج القضايا الرئيسية التي تؤثر في مستخدمي الموانئ السعودية وهي:
• تطوير المناطق النائية حول الموانئ بناءً على مناطق لوجيستية جمركية وذلك لتسهيل شحن البضائع.
• الاستثمار في أجهزة تقنية الأفضل (على سبيل المثال أجهزة فحص متطورة لعمليات التفتيش السريع).
• تعزيز تغلغل الشراكات بين القطاعين العام والخاص (على سبيل المثال في التفتيش الجمركي).
• تبسيط التخليص بواسطة مكتب واحد للجمارك بدلاً عن سلطات مختلفة، عن طريق تعليم وتدريب ضباط الجمارك.
• تشكيل مجالس بين رواد الصناعة / وزارة التجارة والصناعة / وسلطات الجمارك حيث يمكن تبادل الأفكار حول سبل المضي قدماً.
• إعادة تصميم قوانين الجمارك وفقاً لقوانين الجمارك في مجلس التعاون الخليجي.
• أخذ عينات من الشحنات لتفتيشها بدلاً من التفتيش الكامل للشحنة بناءً على مفهوم "الشريك الموثوق".
• تقليص الشريط الأحمر في الأنظمة والقيود.
وأكد التقرير أن تحسين حالة الموانئ البحرية السعودية والأنظمة الخاصة بالجمارك هو عامل النجاح الرئيسي لتحقيق الازدهار للمملكة لأنها تعمل على استدامة وتمكين النمو للصناعات غير النفطية المحلية، وتجلب منافع إضافية للأمة في:
• توفير الوظائف: هنالك رابط مباشر بين النمو في حجم المناولات في الموانئ وتوفير الوظائف. ومن المتوقع زيادة كبيرة في الوظائف في شركات الخدمات اللوجيستية وخدمات سلسلة التوريد بسبب الاستثمارات الناشئة المتعلقة بالموانئ، والحاجة إلى الخدمات ذات الجودة العالية، والوعي المتزايد في السعودية عن أهمية فعالية سلسة التوريد. ومن المقدر أن 30 ألف وظيفة سيتم توفيرها من مشاريع الموانئ في السعودية. وزيادة على ذلك فإن تحسين بيئة الموانئ سيوفر وظائف غير المباشرة عن طريق عودة الشركات السعودية إلى المملكة، وجذب الشركات العالمية.
• الناتج القومي الإجمالي: الناتج القومي الإجمالي مرتبط مباشرة مع حركة الحاويات. حيث إنه كلما زادت التجارة البحرية، فمن المتوقع زيادة كبيرة في الناتج القومي الإجمالي.
• الاستثمارات الأجنبية المباشرة: إن زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السعودية ستجلب التقنية المتطورة إلى السعودية والخبرات الفنية إلى المجتمع المحلي.