خيبر .. تاريخ يسأل وجغرافيا التنوع تجيب
كثيرة هي الأماكن التي ترفل بعبق التاريخ في منطقة كالمدينة المنورة، وقليلة هي الأماكن التي تضاهي خيبر بقيمتها التاريخية كإحدى جبهات الفتح الإسلامي الأول الذي انطلق من مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام ليزيل الجيوب القريبة التي أعاقت تقدم الدين العظيم لتعم أضواؤه البشرية.
خيبر بلدة صغيرة تحمل تاريخا كبيرا، إذ تبعد شمال المدينة المنورة بنحو 180 كيلو مترا، وتحمل في طيات تاريخها قصة الغزوة التي قادها النبي الكريم، لإجلاء قبائل يهودية ناكفت الرسالة النبوية، لتحمل السنة السابعة من الهجرة النبوية خبر فتح خيبر لتكسر طوقا قريبا كان يؤذي مسلمي المدينة المنورة بأنصارها ومهاجريها ليفرح المؤمنون بنصر الله.
وفي ظل التحولات الكبيرة لتاريخ خيبر التي سيطر عليها في البدء "العمالقة" وهم بقية قوم عاد بحسب بعض المصادر التاريخية التي تؤكد أنهم نزحوا تحت وطأة الفتوحات التي بدأها النبي داوود عليه السلام لتسكنها أقوام أخرى حتى جرى الفتح الإسلامي للبلدة، وفي ظل تحولات تاريخية كبيرة إلا أن البلدة الصغيرة ظلت جغرافيًّا واحة واسعة ذات تربة خصبة معطاءة وذات عيون ومياه غزيرة.
بعكس إقليم الحجاز الذي تغلب عليه التربة الصخرية غير الصالحة للزراعة إلا أن أرض خيبر تعد تربة جيدة للغاية لزراعة الحبوب والفواكه على اختلاف أنواعها، كما أنها تعد من أكبر واحات النخيل في جزيرة العرب، وتقول مصادر تاريخية إن النخيل الموجود بالنطاة فقط (وهو أحد أودية خيبر الكبيرة) في القرون الأولى للإسلام أحصي بنحو 40 ألف نخلة.
ورغم ذلك يتكون مجمل أرض خيبر التي تقع في الشمال الشرقي للمدينة المنورة على بعد نحو سبعين ميلا من حرة تكسوها الحجارة السوداء وتغطي أكثر مواضعها بحيث يصعب السير فيها إلا من طرق مخصوصة وفقا لعلامة الجزيرة العربية حمد الجاسر، إلا أن البلدة رغم ذلك تعد واحة من النخيل، تكونت حولها هذه "الحرار" جراء ثورات بركانية تقذف حممها فتسيل على سطح الأرض مكونة الصخور السوداء، لذا ينظر الجيولوجيون إلى خيبر على اعتبارها أعظم حرار بلاد العرب غير أن هذه الحرة واقعة جغرافيا بين السهول الممتدة في الجنوب الشرقي من المدينة المنورة.
وكان يطلق على هذه الحرة الواقعة شمال شرق المدينة المنورة قديما أسماء كثيرة، فجنوبها الشرقي يعرف بحرة (فدك) الحايط حاليا، وشمالها الشرقي يعرف بحرة (ضرغد) أو لابة ضرغد، ووسطها الذي فيه خيبر يعرف باسم (حرة النار)، وقسمها الغربي يقع غرب خيبر ممتدا من شمال المدينة حتى قرب وادي القرى يعرف قديما باسم (حرة ليلى).