مدونات السعوديات في الإنترنت.. زفير فكري جديد يُنافس الصُحف والمجلات
"الإنترنت" فضاء رحب فتح آفاقا لبني البشر جميعا، وعدَّدَ خيارات التعاطي والتلقي باختلاف التوجهات الفكرية وتنوعها، إلا أن خياراته التي قدمها للفتاة الخليجية عامة والسعودية خاصة كانت أكبر وأميز وأكثر فعالية، فظهرت مواهب مختفية قسرا، نتيجة لظروف اجتماعية قد لا يفهم أبعادها إلا نحن الخليجيين.
اليوم يزخر الإنترنت بما يسمى بـ"المدونات"، وهي دفاتر مصغرة تحوي نتاجا أدبيا شخصيا لعدد من المبدعين والمبدعات، عبارة عن مواقع فرعية صغيرة، يتم "الشخبطة" فيها بأسلوب صاحبها أو صاحبتها، ولك أن تقرأ وتشاهد أو ترد في أماكن مخصصة لذلك.
هذه المدونات رغم كثرتها، إلا أنها أعطت متصفح الإنترنت الباحث عن جديد في مجالات الإبداع الشخصي المتعددة خيارات كثيرة، وظهرت أسماء شابة من الجنسين، إلا أن "المدونات" اجتذبت الفتيات بحكم الطبيعة المرنة لها مقارنة بالمشهد الثقافي في الواقع، فظهرت المبدعة تلو الأخرى، وانتعش المشهد الثقافي بشكل خاص، وواقع الفتاة السعودية بشكل عام.
وفي هذا الصدد "بالمحكي" التقت سارة الريس, طالبة في قسم الأدب الإنجليزي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وهي مصممة ومصورة فوتوغرافية أضاءت فكرة تعليم الفتيات على طريقة المدونات الإلكترونية، فتبرعت لتدريبهن في ورشة عمل "دوني مدونتك"، التي أقيمت في الفترة ما بين 18 إلى 20 شباط (فبراير)، في مكتبة الملك عبد العزيز الفرع النسائي فرع المربع.
سارة التي تعتبر من المهتمات بنشر الفنون الجميلة والجديدة على الصعيد المحلي، أكدت أن المشاركة في هذه الورشة كانت فرصة جيدة بالنسبة لها، ونجاح أهداف الورشة غمرها بسعادة كبيرة، إذ كان العدد المتوقع للدورة 20 متدربة، ولكن لكثرة عدد الحاضرات الذي فاق التوقعات، تم فتح المجال لدخول الجميع لتعم الفائدة.
وعن أهداف تقديم الورشة قالت سارة إنها للتعريف بثقافة التدوين الجديدة على شبكة الإنترنت, لأنه حري بنا الحديث عن هذه التقنية ومواكبة الحركة الجديدة في الأسلوب الكتابي. فلقد أصبح تأثير التدوين القوي والفعال منافساً للصحافة، والتدوين بجميع فتراته حوّل المدون من مراهق يدون اهتماماته وتفاصيل حياته على صفحة المدونة، إلى كاتب صحافي اتخذ المدونة عموداً في مجلة أو جريدة شخصية.
وتؤكد سارة أن الكتابة في المدونة أفضل بكثير من الكتابة في المنتديات الإلكترونية، فقد وجدت أن المدونة تحفظ تجاربها من بعض المشاكل التقنية في المنتدى، وأيضا تعمل على جمع الأعمال والمواضيع في مساحة واحدة، ناهيك الابتعاد عن المشاكل التي يحدثها النقاش في المواضيع المفتوحة لكل الآراء.
وعلى هامش الورشة التقينا بالدكتورة نرمين القصبي الأستاذ المساعد في قسم السكن في كلية التربية للاقتصاد المنزلي والتربية الفنية في الرياض، حيث أشارت إلى سعادتها بحضور الورشة، وتمنت الالتحاق بدورات أخرى قادمة، وذكرت أنه من خلالها تعرفت على كيفية الدخول إلى شبكة الإنترنت وعمل مدونة خاصة بها تكتب بها أفكارها وتضع عليها أعمالها الفنية وابتكاراتها، كما أنها تمكنها من التعرف على أفكار ومبتكرات الغير.
أما الدكتورة ليلى القحطاني الأستاذ المساعد في قسم السكن في كلية التربية للاقتصاد المنزلي والتربية الفنية في الرياض فحمدت الله على وجود جيل من الفتيات لديهن القدرة على العطاء، والظهور بشكل إيجابي على صفحات الإنترنت، ثم تعرضت لمبدأ الفائدة المتبادلة حيث يمكن أن تعرض خبراتها وإنتاجها في مدونة، وفي المقابل تستطيع الاطلاع على أعمال الآخرين، وهذا مما لاشك فيه فهو يدفع عجلة التقدم إلى الأمام. كما تحدثت عن إمكانية استغلال المدونات لخدمة الدين الإسلامي الذي أمر بالقراءة في أول كلمة نزلت من القرآن الحكيم.
وحول موضوع الورشة رأت عائشة طوهري طالبة الدراسات العليا في قسم التاريخ التابع لجامعة الملك سعود أن به شيئا من الغرابة والفائدة المتلازمين، فهي تخدم أي شخص في استحداث باب آخر ليدخل منه لعالم الإنترنت، وأن يدون يومياته ويحدد لها أفكاراً معينة يطرحها بحيث تكون أكثر مرونة من المواقع الشخصية.
وحول سبب التحاقها بالورشة ذكرت حنان الخثلان، معلمة التربية الفنية، والتي تحمل شهادة الماجستير في تكنولوجيا التعليم أنها قرأت عن المدونات في فترة سابقة فالتحقت بالورشة واستفادت كثيراً من خلال التطبيق العملي. وترى حنان أن المدونات تتميز عن المنتديات بأنها تثبت المواضيع، ويمكن الرجوع إليها بسهولة، أما المنتديات فالمواضيع المطروحة فيها تختفي سريعاً حسب نشاط الأعضاء، وهذا ما يجعل خيار المدونات الخيار الأفضل بالنسبة إليها. وتمنت أن تنشئ مدونة خاصة بها تهتم بالفن التشكيلي والمواهب الفنية، إضافة إلى التطرق للأدب الروائي، لأنها تحب قراءة الروايات، كما تحب التطرق للمواضيع الاجتماعية بأسلوب النقد الساخر، وكل ذلك يمكن تضمينه في مدونة واحدة.