تعلُّم «الطهي» يسهم في تخفيف الحزن
عند فقداننا شخصا عزيزا، يمكن للطعام أن يكون شيئا غير ذي أهمية، فقد يكون الحزن سببا في فقدان الإنسان شهيتَه واهتمامه بإعداد الطعام إلا أنه يمكن للطعام أن يلعب دورا علاجيا مُهما في تذكُّر أولئك الذين فقدناهم.
يقول لـ ''الاقتصادية'' محمد الجمعان المستشار النفسي، إن الإحساس المبكر بالألم تجاه فقْد شخص عزيز يؤدي إلى فقدان الشهية للأكل فضلا عن عدم وجود رغبة لدى الأفراد في طهي الطعام.
وأشار إلى أهمية أن يشغل الإنسان نفسه بأي مهمة ليخرج من أغلال الحزن، مؤكدا في الوقت ذاته أن الدراسة التي خلصت إلى أن الدورات التدريبية لتعليم الطهي تسهم في تخطي الأحزان وتخفيف جراح فقد الأعزاء، وقد تكون من السبل العلاجية الحديثة لعدم الإصابة بالاضطرابات النفسية.
وبحسب دراسة حديثة، كان روب تيزارد قد فقد والدته ريتا بعد وقت قصير من احتفاله بعيد ميلاده الـ 30، وقال روب ''لقد حدث ذلك بطريقة مفاجئة. فقد كانت تعاني مشكلة في قدمها، وكنا نظن أنها مشكلة بسيطة، وسرعان ما تلقيت مكالمة هاتفية تبلغني بأنها نقلت إلى المستشفى وأنها مصابة بورم سرطاني''.
وأضاف ''جاء ذلك الخبر بمثابة صدمة كبيرة لنا، وتوفيت بعد ذلك بخمسة أسابيع. لقد علمتني كيف أُقدر الأشياء البسيطة في الحياة، وذلك ما مكنني من العيش بصورة جيدة''.
وكانت رائحة القرفة تملأ مطبخه، حيث كان يقوم بتحضير الكعكة المحلاة التي تحيي لديه ذكريات رائعة مع والدته.
وأثناء حديثه عن طريقة تحضيره لذلك الكعك، قال روب ''أريد أن أعد ذلك الخبز بطريقة أقرب ما تكون إلى الطريقة التي كانت تعده هي بها. إلا أن خبزها كان يبدو أكثر نضجا مما أقوم أنا بصنعه''. واستطرد قائلا ''لقد كانت والدتي تقوم بتحضير ذلك الخبز كثيرا وتقدمه لأصدقائها، لكنني لست متأكدا إذا ما كانت تحب هي ذلك الخبز أم لا. إلا أن الأصدقاء كانوا يعربون عن سعادتهم به ويطلبون منها أن تعده لهم''.
وتابع ''عندما بدأت في الاهتمام بالطبخ، كانت أمي تُجلسني بجانبها على طاولة المطبخ وهي تحضر الكعك أو تجرب إعداد وصفات الطبخ الجديدة''. وتقول الطبيبة النفسية كلوديا هيربيرت، إنه يمكن للطهي أن يمد من يعانون حالة من الحزن بقوة إنعاشية، وذلك بمجرد التغلب على فترات الألم الأولى.
وأضافت ''يعتبر الطعام بمثابة رابط تشترك فيه حياة كل واحد منا، حيث يمكن أن تكون هناك خبرات عديدة متبادلة وذكريات في عملية تحضير الطعام أو التسوق له أو المشاركة في تذوقه، ويمكن لذلك أن ينعش ذكريات بطريقة إما أن تكون إيجابية أو سلبية''. وتابعت ''قد تؤدي تلك الذكريات إلى حدوث رد فعل حزين أو صعب في بداية الأمر، إلا أنه قد يربطهم بعد ذلك بذكريات الحب الجميلة التي كانوا يتشاركونها معا. وقد تمنحهم تلك الذكريات شعورا بالراحة، كما أن تناولهم الطعام قد يعود بهم إلى الأوقات الجميلة التي كانوا يستمتعون بها''.