«حكاوي الصحراء» يستعيد تاريخ حائل أيام الطيبين
"حكاوي حائل" .. لم يكن مجرد مهرجان عابر فحسب، بل أعاد تاريخ المدينة الشمالية إلى ما قبل 80 عاماً، بعد تجسيده حياة الآباء والأجداد في عصور عريقة ماضية ممزوجة بين حياة البادية وحياة الواحات الزراعية والمنازل الطينية مخلفين موروثاً شعبياً وصفحات جميلة للماضي.
وأعادت فعاليات حكاوي الصحراء ـ التي تم ترشيحها للمشاركة في مهرجان الجنادرية لهذا العام ـ عرض مشاهد تمثيلية من قبل مجموعات شبابية في مهرجان الصحراء الدولي الذي يحتضنه منتزه المغواة الترفيهي، الأذهان لأهالي حائل حياة آبائهم وأجدادهم وطبيعتها والعادات والتقاليد التي كانوا محافظين عليها في تلك الأزمان واندثرت في وقتنا الحاضر، وكذلك بعض المصطلحات القديمة التي كانت تستخدم في معانٍ جميلة وحرّفت الآن لمعانٍ مغايرة عن الماضي، مثل مصطلح "الفكوك" والمقصود منه سابقاً الأكل الذي يقدم للعروس صبيحة الزواج، وكذلك "الحجارة"، وهي المرأة التي تجهز العروس ليلة الزواج أو "الكوافيرة" في وقتنا الحاضر.
#2#
كما تستعرض المشاهد التمثيلية حياة الناس في أحياء حائل القديمة المشهورة، مثل باب الصفاقات، وحي مغيضة، وجادة غطاط، وسوق برزان، وتجاوزت المشاهد التمثيلية والقصص الشيقة التعريف بحياة الآباء القديمة وعاداتهم إلى مستوى تربية الآباء لأبنائهم ومدى حرص الآباء على أبنائهم في التربية وحسن الأخلاق ومجالسة كبار السن وتأدية جميع الصلوات المفروضة في وقتها مع الجماعة في المسجد وعقوبة المتخلف عن صلاة الفجر "بالتفريع به أمام الأهالي وتعليق شماغه في السوق"، والمقصود بالتفريع هو نزع شماغه الذي يرتديه على رأسه، ونزع الشماغ في السابق كان من العادات المعيبة في المجتمع الحائلي، كما شدت الزوار الأسواق الشعبية التي صورها مجموعة الشباب عن سوق برزان الذي تجاوزت شهرته حدود العراق، وكيفية جلب البضائع من خارج البلاد عبر القوافل، وكيفية الشراء والبيع في ذلك الزمن الذي يتحلى بالأمانة والصدق وعدم الغش في البيع مقارنة بزمننا الحاضر، وكذلك تبادل التجارة بين أهالي الحاضرة والبادية، حيث يجلب أهالي البادية منتجاتهم من الدهن والإقط والحليب والزبد مقابل الحصول على الملابس وبعض المنتجات من سكان الحاضرة. واستعرض خلال المشاهد التمثيلية أهمية حقوق الجار والحفاظ عليه وإطعامه، وكذلك إخراج الزكاة قبل وقتها المحدد، إضافة للألعاب الشعبية التي كان يهتم بها الأطفال آنذاك، مثل "اعط جليجل حقه وعظيم ضاع" وغيرها من الألعاب.
وأوضح سعيد الجهني، مدير منظم لفعالية حكاوي الصحراء، أن هذه الفعالية يتم تطبيقها لأول مرة بإعادة زوار المهرجان إلى زمن الماضي الجميل في القرن الماضي وتحديداً خلال العام 1350- 1380 هـ، مضيفاً أن الفكرة نبعت من حائل وطبقها ونفذها شبابها.
وأشار إلى أنهم حرصوا على مشاركة جيل الشباب ليعيشوا هذه الأجواء وسط ذلك الزمن القديم ليتعلموا من دروسه، مشيراً إلى أن الأماكن وطبيعتها وكذلك المباني الطينية والتصميم، جميعها تجسد حائل القديمة وتحكي قصتها، مثل باب الصفاقات الشهير ووقت فتح الأبواب وإغلاقها، وسوق برزان القديم، وجادة غطاط، ومغيضة، وذلك بقالب تمثيلي ذي طراز تراثي نادر.
وأبان أنهم تلقوا إعجاب الكثير من الزوار الذين يستقبلونهم يومياً في الرابعة عصراً، ولمدة عشرة أيام متواصلة، مضيفاً أن الإقبال كبير على الفعالية، ويتوقع أن تكون من أقوى الفعاليات وأنجحها في المهرجان.