حلقات الشر تغذي بعضها
الشر عنوان لكل رذيلة، ولا يتبناه ويخطط ويسوّق له سوى أراذل البشر. البعض يعطي نفسه الحق في القتل والتخريب وبث الخوف في نفوس الآمنين بمنطق تشمئز له النفوس السوية، منطق معوج لا يقبل بصحته سوى السفلة والمجرمين وقطّاع الطرق، منطق لا يستوعب أصوات الخير والسلام والأخوة والمحبة، منطق لا يمكن قبوله والتعايش معه. ويأتي إعلان وزارة الداخلية بإلقاء القبض على "جاسم علي محمد القديحي، ومهدي محمد حسن الصايغ وذلك بعد توافر الأدلة على تورطهما بالمشاركة في جرائم إطلاق النار التي تستهدف رجال الأمن في بلدة تاروت بمحافظة القطيف، وضُبط في حوزتهما سلاحَا رشاش (كلاشنكوف) ومسدس وبدلة عسكرية" كتأكيد على أن أمن هذا الوطن وأمان مواطنيه ليس ألعوبة في يد أحد، كائنا من كان، كما يأتي كتأكيد على أن رجال الأمن قوة خير ضاربة تسحق كل من يتوهم أن بإمكانه إلحاق الأذى بشبر من أراضينا دون أن يقدم للعدالة. والملاحظ أن حلقات الشر متعددة ومترابطة ومتسلسلة، كل منها يغذي الآخر ويدعمه ويروج له.
فهناك حلقة التنظير والتبرير، التي تسعى لتسويق الشر والرذيلة، والتي لا تتورع عن استخدام الدين كغطاء لتسويق قتل الأبرياء والآمنين. وحلقة التنظير والتبرير هذه، هي الأخطر والأقوى، وعادة ما تحيط نفسها بهالة دينية، لتسهل على نفسها غسل عقول السذج وإقناعهم بأن الجريمة والرذيلة أقصر الطرق للجنة (والعياذ بالله)، كما أنها تستخدم الدين لتمنع جميع محاولات الانتقادات باستخدام التكفير وغيره. وهناك حلقة التخطيط التي تأتي بعد مرحلة الإقناع. التخطيط لإلحاق الأذى بأكبر قدر ممكن من الأبرياء، وإثارة الفتنة الطائفية، وإثارة الفوضى. ومن ثم تأتي حلقة التمويل. تمويل المجرمين والمأجورين وغيرهم ممن يستخدمون للشر والرذيلة والعدوان. والحقيقة أن كل مجرم على الأرض عبد للمال وخادم له. مال عفن، يستخدم لاستعباد نفوس شريرة ذات عقول ملتوية، مال حقير، كحقارة كل من تسول له نفسه الاعتداء على وطننا العظيم. مال دنيء، كدناءة نفس كل معتدٍ ارتضى أن يبيع نفسه وارتضى أن يستعبده الأشرار المهزومون. ومن ثم تأتي حلقة المنفذين، الذين يقتلون بدم بارد، والذين ينفذون أقذر الأجندة، والذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات تنفيذ شيطانية للأعداء المتربصين بنا. بئس المأجورون هم، وليس لهم إلا أن ننفذ فيهم العدالة.
الأسابيع الماضية كانت مليئة بالأخبار الإيجابية التي تستهدف حلقات الشر والرذيلة كافة. فالأمر الملكي الكريم الذي ينص على معاقبة "الانتماء للتيارات أو الجماعات - وما في حكمها - الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة"، ضربة موفقة تستهدف كسر حلقة التنظير والتبرير للشر والرذيلة. كما يأتي قرار مجلس الوزراء قبل نحو الشهر "بالموافقة على نظام جرائم الإرهاب وتمويله واستمرار العمل بالعقوبات المتعلقة بجرائم تمويل الإرهاب والأعمال والمنظمات الإرهابية" كضربة رائعة وموفقة لحلقة تمويل الشر والإرهاب. ضربة موفقة للمال القذر، مال مصدره شر، وينفق في شر، ويدور في وسط أسود كسواد وجه وقلب كل إرهابي أشرّ، مال ينمو ويزدهر ويتغذى من تجارة الموت والمخدرات وكل بضاعة سوء يسوّق لها الشيطان. بلادنا بالمرصاد لكل متربص، وكل حاقد حاسد متآمر. بلادنا ماضية في طريق تنمية الإنسان والمكان، ولن يقف في طريقنا حفنة من السفلة والمجرمين، كائنا من كان، من يقف ويدعم إجرام هؤلاء القوم، فليس لهم منا سوى القوة الضاربة، والتقديم للعدالة.
يوما بعد يوم، والشر والفتنة في بلادنا تقترب للنهاية. فتنة نجحنا في احتوائها منذ البداية. فتنة أراد لها الأعداء أن تكون شرارة لحرق بلادنا، فإذا بأعدائنا يحترقون منها. بلادنا منارة للعدالة ومصدر فخر للإنسانية. بلادنا صوت للحق وملاذ للمظلوم، ورمز للعزة والكرامة. في بلادنا تدفن فتن الأشرار، ومؤامرات المجرمين. لن يجد الشر طريقا لبلادنا، ولن تكون بلادنا مرتعا لمن ينظر للشر والفساد والجريمة، كما لن يجد المال القذر مسلكا يسلكه في الوطن السعودي العظيم. وعلى جميع الأطراف التي تسعى لأن تثير البلبلة في بلادنا أن تعلم، أن مؤامراتهم لا تقربهم سوى للعدالة المطلقة.