هرمون قصر القامة يحتاج إلى فحوص مكثفة
إن ثبت نقص نمو الطفل فإنه يعطى علاج هرمون النمو وهو على شكل حُقن يومية على الرغم من اختلاف الهرمونات في أداء وظائفها، وأسمائها، إلا أنه توجد لكل هرمون أهمية في بناء الجسم من حيث المشاركة في جعل الإنسان عنصراً فاعلا في مجتمعه، وتأتي أهمية الهرمونات من كونها مواد تفرز من غدد متخصصة لأداء أثر محدد في الجسم.
والمقصود بالهرمونات هي المادة التي تفرزها الغدد الصماء التي سُميت بهذا الاسم لإفرازها هذه المادة مباشرة للدم وليس عن طريق قنوات.
وبالنسبة لوظائف الهرمونات فإننا نستطيع ذكرها على حسب الغدد فهنالك الغدة النخامية وهي غدة صغيرة تقع في أسفل الجمجمة تفرز عدة هرمونات منها الهرمون المضاد لإدرار البول ووظيفته التحكم في كمية البول حسب حاجة الإنسان في كل لحظة، وهرمون النمو ووظيفته النمو الطولي للإنسان خلال فترتي الطفولة والشباب، والهرمون المحرض للغدة الدرقية، والهرمون المحرض للغدة الكظرية والهرمون المحرض للغدة التناسلية، وهرمون الحليب وقد أطلق على هذه الغدة باسم السيدة، وذلك لأنها تتحكم في غالب غدد الإنسان الصماء.
والغدة الدرقية وهي غدة في أسفل الرقبة وتفرز هرمون الثيروكسين ووظيفته الإبقاء على حيوية الإنسان، كما له أهمية في النمو الذهني لدى الأطفال. والغدة الجار درقية وتفرز هرمون الغدة الجاردرقية ووظيفتها الأساسية التحكم في الكالسيوم، وغدة البنكرياس، حيث تفرز هذه الغدة هرمون الأنسولين الذي يتحكم وينظم السكر كما أنها تفرز هرمونات أخرى مثل الجلوكا جون وغيره. والغدة الكظرية وتقع أعلى الكلى، وتفرز هرمونات الأدرينالين والكورتزول والهرمونات المتحكمة في الأملاح في الجسم، إضافة إلى بعض الهرمونات الجنسية. والغدة التناسلية أي الخصية للذكور والمبيض للإناث، وتفرز هرمونات الذكورة أو الأنوثة وغيرهما.
وإذا أردنا الحديث عن أهمية تقييم النمو لدى الأطفال فبدايةً النمو الطبيعي هو المتوقع عند الطفل المعافى، أو الطفل المصاب بمرض مزمن إذا ما كان العلاج مثالياً، ولا بد من الرجوع إلى معايير للنمو الطبيعي بمقارنة الطول أو الوزن أو محيط الرأس أو معدل كتلة الجسم مع معايير معينة أنشئت لذلك.
وبالنسبةِ لمعايير النمو الطبيعي فهنالك معايير عالمية وصفت قبل سنوات للرجوع لها وتُحدَّث هذه المعايير من قبل الجهات المختصة وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية. كما أن هناك معايير محلية قام بها أطباء وعلماء سعوديون بنيت على عينات من المجتمع السعودي تعكس النمو الطبيعي لدى الأطفال، ولعل من أبرزها وأحدثها الدراسة الوطنية التي دُعمت من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وقام بتنفيذها الدكتور محمد الموزان، والدكتور عبد الله الحربش، والدكتور عبد الله السلوم، والدكتور أحمد العمر والدكتور منصور القرشي، والتي تُبين معايير النمو للأطفال والشباب ذكوراً وإناثاً من الولادة إلى سن 19 سنة، بناء على عينة اختيرت عشوائياً شملت أكثر من 45 ألف طفل وشاب سعودي التي أرجو أن تكون هي المرجع الوطني المعتبر.
وفي حال تحقق الطبيب من أن طول أو وزن الطفل أقل من الحد الأدنى لهذه المعايير، فيقوم الطبيب المختص ببحث تاريخ المرض والذي يشتمل على عدة معلومات منها الوزن والطول عند الولادة وأطوال الوالدين ووجود أمراض مزمنة ويدعم هذا الفحوص المخبرية والإشعاعية، وإن كان الانطباع أن الطفل قد يعاني من قصر قامة ناتج عن نقص هرمونات، فيتم قياس هرمون الغدة الدرقية عن طريق تحليل دم، وإن كان طبيعياً يتم قياس هرمون النمو. ولابد من الإشارة إلى أن هرمون النمو يحتاج إلى فحوص كثيرة ومكثفة تستوجب جمع عدة عينات وبطريقة متخصصة ودقيقة فلذلك لا يقوم الطبيب بذلك إلا إذا تحقق من احتمالية النقص بشكل كبير، وإن ثبت النقص فيعطى علاج هرمون النمو وهو على شكل حقن يومية تعطى على مدى طويل. ولا بد أن نشير هنا إلى أن هرمون النمو مقر علمياً لإعطائه فقط للأطفال الذين يعانون من نقص في هرمون النمو أو البنات اللواتي يعانين من متلازمة تيرنر أو الأطفال الذين لديهم قصور كلوي. أما ما عدا ذلك فلا يعطى إلا في شكل محدود جداً، أي أنه لا يعطى لكل طفل قصير إلا إذا كان يعاني من إحدى هذه الحالات المذكورة.
* د. عبد الله الحربش
استشاري طب الأطفال والمتخصص في أمراض الغدد