جيل التواصل الاجتماعي منبهر ببساطة الماضي
لم يستطع ماجد وهو ابن الـ 18 ربيعا أن يكتم دهشته من البساطة التي بدت عليها وثائق قديمة عرضها جناح وزارة الخارجية في مهرجان الجنادرية الذي انتهى الأسبوع الماضي.
و"ماجد" كغيره من الشباب الذين توقفوا لدقائق طويلة بلباسهم العصري بالقرب مما يمثل محاكاة لما كانت عليه بلادهم قبل قرن وأكثر، لكن واقع حياته الآن بعيد كل البعد عن كل ما هو موجود في الجناح التاريخي.
وبرزت وثيقة تاريخية لجواز سفر للأمير سعود الفيصل وزير الخارجية الحالي، كأحد أهم المعروضات في الجناح وهي تعود لـ 68 عاما مضت، وفيها بدت أنظمة البلاد وكأنها مخاطبات شفهية تعتمد على الثقة، أكثر من اعتمادها على المواد القانونية وفروعها.
واستخراج هذه الوثيقة التاريخية بحسب ما هو واضح من تواريخها تم بيسر وسرعة، بناء على برقية تحمل طلبا من الأمير الراحل عبد الله الفيصل، بصفة الأمير سعود نجل للملك فيصل آنذاك، وهو ذو عينين عسليتين ووجه مستطيل، عمره ثماني سنوات، كما يبيّن "موضع العكس" وهو المرادف المستخدم لكلمة الصورة في ذلك الوقت.
ولم يستغرق إصدار هذه الوثيقة سوى يوم واحد فقط، وهو ما يمثل مفارقة صارخة لواقعنا الحالي، فالحياة في الماضي رغم اعتمادها على أدوات بسيطة، لكن إنجازها سريع، قياسا بما تستغرقه معاملات في عصرنا الحالي الذي تتوفر فيه أدوات تقنية خارقة، وجيل رابع من الإنترنت فائق السرعة.
ويحمل مواليد العقد الماضي الذين كانت رؤيتهم للعالم الخارجي مبنية على نافذة التواصل الاجتماعي، رغبة كبيرة في الاطلاع على ماضي حياة آبائهم التي تمثل معروضات مهرجان التراث في الجنادرية أبلغ وصف له.
ويقول ماجد: تمثل مشاهداتي للمعروضات التاريخية فرصة لفهم الحياة في الماضي لكني لا أستطيع أن أتصور كيف كانت الحياة من دون التقنية وأدواتها التي تمثل لي ولغيري من الشباب رئة نتنفس من خلالها، وليست مجرد حاجة كمالية كما يحاول البعض وصفها. وعاد ليستدرك قائلا: أعتقد أن إيقاع الحياة البطيئ آنذاك يحمل مستوى الإثارة نفسه الذي نعيشه في عصرنا السريع.
وتحاصر التقنية الشباب في كل حياتهم، فالهواتف الذكية التي يحملونها كانت تمثل أكثر من 12 جهازا إلكترونيا كافية لملء غرفة منزل في الزمن الذي ولدوا فيه، ويرتبطون بعلاقات مع أناس من شتى بقاع الأرض، لكنهم يجدون أنفسهم يقفون بانبهار أمام وثائق قديمة بحثا عن دفء عجزت كل أدوات التقنية أن توفره لهم.