محللون: تعيين الأمير مقرن رسالة تأكيد لقوة وتجانس مؤسسة الحكم السعودية

محللون: تعيين الأمير مقرن رسالة تأكيد لقوة وتجانس مؤسسة الحكم السعودية

يرى محللون أن تعيين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز للأمير مقرن ولياً لولي العهد يحمل رسالة قوية للداخل والخارج على حد سواء باستقرار وتجانس مؤسسة الحكم، في وقت تشهد المنطقة والعالم اضطرابات شتى.
وبحسب محللين تحدثوا لـ "الاقتصادية" فإن تعيين الأمير مقرن ولياً لولي العهد يبعث رسائل تطمين للشعب السعودي على استقرار مؤسسة الحكم وتماسكها في وقت تشهد فيه المنطقة اضطرابات وتعصف بها المشكلات من كل صوب.
ووفقا للنظم السارية لانتقال الخلافة، تنتقل السلطة في المملكة من شقيق إلى آخر مع الأخذ في الاعتبار التراتبية في العمر بين أولاد الملك المؤسس عبد العزيز. وكان الملك يقوم بتعيين ولي للعهد فور تسلمه السلطة.
ويعطي التعيين الجديد -بحسب الخبراء- جرعة ثقة عالية للعالمين العربي والإسلامي لما تمثله السعودية من مركز ثقل بالنسبة لهم، إلى جانب مصدر اطمئنان للأسواق العالمية، ولا سيما السوق البترولية حيث تعد المملكة أكبر مصدر للنفط الخام في العالم.
وقال الدكتور أنور عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، إن القرار "عبارة عن رسائل للداخل والخارج، بالنسبة للداخل يراد به طمأنة الشعب السعودي بأن الأمور مستقرة وأن العائلة المالكة مستقرة ولا يمكن حدوث فراغ دستوري في مؤسسة الحكم".
وأضاف عشقي "كما أنها رسالة تؤكد استقرار المملكة بالنسبة للعالمين العربي والإسلامي لما تحمله السعودية من ثقل، خصوصاً في ظل الأحداث المضطربة في المنطقة".
وتأتي عملية التعيين في ظل أزمات عدة تعصف بالمنطقة فضلاً عن أعمال العنف التي تطوق المملكة من العراق شمالاً إلى البحرين شرقاً واليمن جنوباً.
كما أنها تتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إذ بالإمكان اعتبارها رسالة من الملك إلى الأمريكيين. وفي هذا الصدد يعلق عشقي بقوله "يمكن اعتبارها إشارة إلى الرئيس أوباما بأن المملكة لا يوجد فوارق فيها بين أفراد الأسرة المالكة ولا بين أبناء الشعب فكلهم سواسية".
من جانبه، يرى الدكتور فهد الخريجي أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الملك سعود أن هذه الخطوة تأتي في سياق الانتقال إلى العمل المؤسسي، ويضيف "لا شك بأن تعيين الأمير مقرن يؤكد قيام هيئة البيعة بمسؤولياتها الصادقة وتأييد ذلك بأغلبية كبيرة يعزز خصوصية الحكم في هذه البلاد".
وعد الخريجي "الأمر الملكي رسالة للداخل والخارج على حكمة هذه القيادة وتجانسها، ورعاية لكيان الدولة ومستقبلها". لافتاً إلى أن "القرار جاء في وقت يشهد العالم أمواج فتنة وحروب وتنازع، كما يؤكد سلامة ومتانة منهج الدولة في التداول السلمي للسلطة في المملكة منذ تأسيسها وقطع دابر التكهنات لمن يريد أن يصطاد في الماء العكر".
يذكر أن الملك كان قد عين الأمير مقرن نائباً ثانياً لرئيس الوزراء في شباط (فبراير) 2013، كما عين رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة بين عامي 2006 و 2012 عندما أعفاه الملك من منصبه وعينه مستشاراً ومبعوثاً خاصا له.
وبشأن مخاوف الأسواق الدولية والانعكاسات المحتملة على سوق الطاقة والإمدادات النفطية، يشير أنور عشقي إلى أن قرار العاهل السعودي يبعث رسالة طمأنه بأن المملكة مستقرة وأن أسعار البترول وعمليات الإنتاج لن تتأثر، وتابع "تعتبر السعودية عضوا في مجموعة العشرين المتحكمة في اقتصاد العالم، ورأينا عندما سحبت سفيرها من الدوحة كيف خسرت البورصة القطرية نحو سبعة مليارات دولار".
وأوضح رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية ومقره جدة، أن قرار خادم الحرمين الشريفين مبايعة الأمير مقرن وليا لولي العهد يعتبر كسراً لقاعدة قديمة، مبيناً أنه "من المتعارف عليه قانونياً أن النائب الثاني يعين بأمر ملكي وليس بالتصويت عليه من هيئة البيعة، وهذا يعني أنه ليس بالضرورة أن يكون وليا للعهد، إلا أن هذا الاختيار من الملك أثبت أن الأمير مقرن سيكون ولياً للعهد، أو ملكا في المستقبل".
إلى ذلك، يعتقد الدكتور صدقة فاضل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز أن القرار "ينم عن الحرص على استقرار وأمن المملكة في المدى المتوسط والطويل".
وأردف فاضل "جاء قرار تعيين الأمير مقرن من قبيل التحوط لاحتمالات المستقبل، وسيحول دون حصول فراغ دستوري لا سمح الله في أي مرحلة مستقبلية".
وقد أكد الأمر الملكي تعيين الأمير مقرن "ولياً لولي العهد" مع الاحتفاظ بمنصبه نائباً ثانياً لرئيس الوزراء.
كما نص على أن يكون الأمير مقرن "ولياً للعهد في حال خلو منصب ولي العهد أو منصبي الملك وولي العهد" فتتم حينها "مبايعته ملكا". ويأتي الأمير مقرن في المرتبة الـ 35 بين أبناء الملك المؤسس عبد العزيز.
وضمن آليات الخلافة التي أقرت قبل بضعة أعوام، عين الملك عبد الله أعضاء هيئة البيعة ووضع على رأسها أخاه غير الشقيق الأمير مشعل بن عبد العزيز.
وتضم الهيئة 34 أميراً من أبناء وأحفاد الملك عبد العزيز مهمتهم تأمين انتقال الحكم، ولا سيما عبر المشاركة في اختيار ولي العهد.
والهيئة مكونة من أبناء الملك المؤسس، وينوب عن المتوفين والمرضى والعاجزين منهم، أحد أبنائهم يضاف إليهم اثنان من أبناء كل من أبناء الملك المؤسس يعينهما الملك وولي العهد.
ويقترح الملك على "هيئة البيعة" اسما أو اسمين أو ثلاثة أسماء لمنصب ولي العهد. ويمكن للجنة أن ترفض هذه الأسماء وتعين مرشحاً لم يقترحه الملك. وإذا لم يحظ مرشح الهيئة بموافقة الملك، فإن "هيئة البيعة" تحسم الأمر بالغالبية في عملية تصويت يشارك فيها مرشحها ومرشح يعينه الملك.

الأكثر قراءة