نجاح المصارف الإسلامية يجتذب «التجاري» الكويتي
مع توالي قصص النجاح التي حققتها البنوك الإسلامية في الكويت خلال العقد الأخير جاء قرار الجمعية العمومية للبنك التجاري الكويتي بالتحول للعمل، وفق الشريعة الإسلامية ليكون بذلك سادس بنك في هذا البلد الغني بالنفط يعمل وفق قواعد الشريعة الإسلامية.
ووفقاً لـ "رويترز"، فقد حققت البنوك التي تحولت إلى النظام الإسلامي نجاحا كبيرا أغرى كثيرا من البنوك التقليدية بمحاولة دخول هذا السوق الواعد في المنطقة والعالم حتى إن بنك الكويت الوطني وهو أكبر بنك تقليدي في البلاد تملك في عام 2012 حصة أغلبية في بنك بوبيان الإسلامي.
وتعود تجربة البنوك الإسلامية في الكويت إلى عام 1977 عندما تأسس بيت التمويل الكويتي كأول بنك إسلامي في البلاد. وفي عام 2003 تم إقرار أول قانون في الكويت يسمح بتأسيس بنوك إسلامية جديدة ويسمح للبنوك التقليدية القائمة بالتحول للعمل، وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
وبناء على هذا القانون تأسس بنك بوبيان الإسلامي في 2004 تلاه بنك وربة الإسلامي في 2010 كما تحول البنك العقاري في 2007 إلى بنك الكويت الدولي الإسلامي، وتحول بنك الكويت والشرق الأوسط التقليدي إلى بنك إسلامي تحت اسم البنك الأهلي المتحد الكويتي في 2010.
وفي مقابل البنوك الإسلامية الخمسة توجد خمسة بنوك تقليدية هي بنك الكويت الوطني وبنك الخليج وبنك برقان المملوك لمجموعة مشاريع الكويت القابضة والبنك الأهلي الكويتي، إضافة للبنك التجاري الكويتي.
وقال ميثم الشخص مدير شركة العربي للوساطة المالية إن الإقبال المتزايد على المصرفية الإسلامية في المنطقة يأتي بسبب نجاح النماذج الموجودة، مضيفاً أن امتلاك بنك الكويت الوطني لبنك إسلامي هو اعتراف ضمني بأن هذا النموذج من العمل المصرفي مجد للغاية.
وقال الشخص إن فكرة تحول البنك التجاري للعمل الإسلامي ليست جديدة وتعود لسنوات مضت مؤكدا أن السعي لتقليل المخاطر من خلال الاستثمار في أدوات استثمارية إسلامية تتسم بدرجة عالية من الأمان هو أحد أهم أسباب هذه الرغبة.
ومنذ أن تم طرح أسهم بنك وربة الإسلامي الذي أسسته الدولة وتملكت 76 في المائة من أسهمه لجميع المواطنين في البورصة العام الماضي وهناك تكهنات صحفية واسعة بوجود منافسة شرسة بين عدد من البنوك التقليدية للاستحواذ على حصة مؤثرة فيه، وكان البنك التجاري أحد أقوى المرشحين لذلك.
والبنك التجاري الكويتي تأسس سنة 1960 ويبلغ رأسماله الحالي 127 مليون دينار وهو مدرج في سوق الكويت للأوراق المالية منذ 1984، وطبقا لموقع بورصة الكويت على الإنترنت، فإن شركة الشرق القابضة تسيطر على 23.11 في المائة من أسهم البنك، لكن مراقبين يقولون إن جهة واحدة بقيادة شركة الشرق هي التي تمتلك غالبية أسهم البنك.
وأكد المدير العام لشركة شورى للاستشارات الشرعية الشيخ عبدالستار القطان أنه كان هناك قرار متردد لدى كبار مساهمي البنك التجاري خلال السنوات الماضية للعمل في السوق المصرفي الإسلامي وهو ما انعكس في حصولهم سابقا على استشارات لفتح نافذة إسلامية للبنك لكن هذا المسعى لم يكتب له النجاح نظرا لأن القوانين لم تكن تسمح بذلك.
وتضع القوانين الكويتية عقبات أمام إنشاء نوافذ إسلامية للبنوك التقليدية، حيث تشترط أن يقوم مساهمو البنك التقليدي بإنشاء شركة جديدة مستقلة وتقوم هذه الشركة بإنشاء بنك إسلامي جديد.
وأضاف القطان أن دوافع التحول للعمل الإسلامي قد تكون مجرد رغبة المساهمين الرئيسيين في التحول للعمل الإسلامي وقد تكون في الوقت نفسه سعيا وراء الربح المرتفع الذي يحققه العمل المصرفي الإسلامي، ولا سيما أن البنوك الإسلامية تتعامل مع جميع العملاء، بينما البنوك التقليدية لا تتوافر لها هذه الميزة.
وذكر القطان أن البنك التجاري توسع في العقد الأخير في التعامل مع الشركات الإسلامية، ومنها أعيان للإجارة والاستثمار وشركة دار الاستثمار، كما قام بالتوسع في عمليات التمويل، وكذلك الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وأكد ناصر النفيسي مدير مركز الجمان للدراسات أن منطق السوق حاليا يقول إن المصلحة البحتة مع العمل المصرفي الإسلامي بما في ذلك كثير من العملاء التقليديين الذين يطلبون معاملات إسلامية.
وتواجه عادة عملية تحويل أي مصرف تقليدي إلى العمل الإسلامي مرحلة انتقالية تستغرق سنوات وتتضمن العديد من الإجراءات المعقدة التي تشرف عليها وبشكل تفصيلي هيئة رقابة شرعية، وتتضمن هذه المرحلة الانتقالية تحويل كافة عمليات البنك ونماذج عمله إلى العمل الإسلامي كما تتضمن تدريب وتأهيل الكوادر البشرية.
وأشار مدير شركة العربي للوساطة المالية إلى أن عملية التحول يواجهها حاليا تحديان إضافيان الأول تحدي الكوادر البشرية ومدى ملاءمتها للعمل بالنموذج الإسلامي بما فيها تغيير زي بعض الموظفات والتحدي الآخر مدى قبول عملاء البنك الحاليين بالنموذج الإسلامي وتغيير معاملاتهم لدى البنك تبعا لذلك.
واتفق الخبراء على أن عملية التحول إلى العمل المصرفي الإسلامي تحتاج لفترة قد تمتد من سنتين إلى ثلاث سنوات، وأن تحويل حقوق البنك والتزاماته التقليدية إلى النظام الإسلامي سيكون أهم العقبات التي يتعين البنك تجاوزها في سبيل إنجاز عملية التحول.
وتوقع النفيسي أن يلتزم البنك خلال هذه الفترة بتوقيع عقود مع جميع عملائه لتحويل الأصول غير المتوافقة مع الشريعة إلى أصول متوافقة معها.
وذكر القطان أن البنك سيواجه خلال هذه الفترة الانتقالية إشكالات تنظيمية وقانونية وشرعية لكنه لن يواجه صعوبة في البحث عن المنتجات الإسلامية التي أصبحت متوافرة ونمطية وجاهزة.
وأكد القطان أن التسرع في التخلص من الالتزامات والحقوق غير المتفقة مع الشريعة الإسلامية قد يؤثر على المركز المالي للبنك ويلحق به الضرر ولا بد من وضع خطة محددة المراحل يتم تنفيذها وقد ينجح البنك في إنجاز خطة التحول أو يمددها فترة إضافية.
ويخشى متابعون من تزايد حدة المنافسة بين البنوك الإسلامية في سوق الكويت الذي يتسم بصغر الحجم وقلة عدد السكان رغم ارتفاع مستوى المعيشة، ويقول هؤلاء إن هذه المنافسة قد تضر بتجربة البنوك الإسلامية ذاتها، لكن النفيسي أكد أنه حتى بعد تحول البنك التجاري إلى العمل الإسلامي ستظل الكفة راجحة للبنوك التقليدية بسبب وزن بنك الكويت الوطني الكبير لأن المسألة بالحجم وليس العدد.
وتوقع النفيسي ألا يكون البنك التجاري هو آخر بنك يعلن مثل هذه الرغبة، مضيفاً أن الإقبال على العمل المصرفي الإسلامي لم يعد مقتصرا على البلاد الإسلامية، وإنما تعزز بشكل كبير في الولايات المتحدة وأوروبا فهذا هو المستقبل.