9 مليارات دولار تعويضا عن أضرار عقار «أكتوس» المستخدم لـ «السكري»

9 مليارات دولار تعويضا عن أضرار عقار «أكتوس» المستخدم لـ «السكري»

بالنسبة لمارك لانيير، كان ذلك أكبر نصر في حياته المهنية كمحام للمدّعي: لقد حصل على مبلغ تسعة مليارات دولار بدل أضرار عقابية ضد شركة تاكيدا اليابانية وإلي ليلي الأمريكية، بسبب إخفاء المخاطر الصحية المحتملة المرتبطة بدوائهما الرائج لعلاج السكري أكتوس.
وفي مقابلة مع "فاينانشيال تايمز" قال: "إنه يوم مشرق للعدالة. فقد أرسلت هيئة المحلفين رسالة واضحة جعلت خطوط الهاتف ترن حتى أوساكا، بأن هناك طريقة صحيحة للأعمال وطريقة خاصة للأعمال".
قررت هيئة محلفين فدرالية في لافاييت، لويزيانا، في وقت متأخر من يوم الإثنين، أن شركتي تاكيدا وإلي ليلي قد أخفتا أدلة تشير إلى أن داوء أكتوس لمرض السكري، قد يُعرّض المرضى إلى خطر متزايد للإصابة بسرطان المثانة.
كنوع من العقاب، حكم عليهما بأكبر تعويض عن الأضرار تم فرضه حتى الآن على شركات الأدوية الكبيرة، ويعتبر واحدا من أكبر التعويضات ضد أي نوع من الشركات.
حتى لانيير يعترف أن هذه المبالغ - ستة مليارات دولار تدفعها شركة تاكيدا المطوّرة للدواء، وثلاثة مليارات دولار تدفعها شركة إلي ليلي، شريكتها السابقة للتسويق في الولايات المتحدة - من شبه المؤكد أن يخفضها أحد القضاة.
هذا الحكم سيعمل على تشجيع آلاف المرضى الآخرين الذين يستخدمون أكتوس للاصطفاف لإقامة الدعاوى، وهذا سيزيد الضغط على شركات الأدوية من أجل التسوية.
يقول لانيير: "إن تاكيدا وإلي ليلي اعتقدتا أن بإمكانهما تحمل هذه القضايا. لكن، المدعون هم من جعلوا الشركتين تندمان على قرارهما بعدم التسوية وأخذ القضية إلى المحكمة، لأن هذا قد كشف عن سلوك ببساطة غير مقبول".
وشمل ذلك السلوك، كما سمع أعضاء هيئة المحلفين، تدمير وثائق تبين أن التنفيذيين في شركة تاكيدا كانوا على علم بمخاطر السلامة المحيطة بأكتوس خلال المراحل الأولى من تطويره.
تعهدت شركة تاكيدا بأن "تطعن بقوة" بحكم لويزيانا – وهي أول قضية في محكمة فيدرالية تتعلق بأكتوس - كما تصر أن الدواء آمن.
القضية تسلط الضوء على الإغراء الذي تشعر به شركات الأدوية لإخفاء المخاطر الصحية المحتملة المحيطة بالعقارات الجديدة، وعلى الأخطار القانونية والمخاطر على السمعة التي تواجهها عند الكشف عن مثل هذه الممارسات.
يقول بن جولداكر، وهو طبيب بريطاني شن حملة من أجل شفافية أكبر في صناعة الأدوية: "إن التستر غالبا ما يكون أسوأ من المشكلة نفسها".
ويضيف: "من الشائع جدا أن يقوم الأطباء بوصف العلاجات التي لها آثار جانبية إشكالية للغاية، لكنهم يفعلون ذلك وهم على بيّنة بالمفاضلة بين المخاطر والمنافع. عندما تحجب الصناعة البيانات عن تلك المخاطر، يكون الأطباء والمرضى غير قادرين على اتخاذ هذه القرارات المستنيرة".
كانت شركات الأدوية الكبيرة قد واجهت سلسلة من الخلافات حول الأدوية، مثل فايوكس، وهو مسكن للألم كانت تسوقه شركة ميرسك الأمريكية، الذي تم سحبه في عام 2004، بسبب مخاوف بشأن مخاطر متزايدة للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، بعد أن تم وصفه لأكثر من 80 مليون شخص.
كما أثارت أدوية أخرى، مثل تاميفلو، العلاج المضاد لفيروسات الأنفلونزا الذي طورته شركة روش السويسرية، تساؤلات حول ما إذا كانت بيانات التجارب تدعم المزاعم بشأن فوائده الصحية.
في استجابة للضغط من أجل شفافية أكبر، قامت العديد من شركات الأدوية الكبيرة منها روش، وجلاكسو سميث كلاين البريطانية، وجونسون آند جونسون الأمريكية، بتقديم التزامات على مدى العام الماضي لإتاحة بيانات تجاربها لمزيد من التدقيق.
يقول جولداكر إنه في حين أن الصناعة تسير في الاتجاه الصحيح، إلا أن الطريق أمامها طويلة جدا. إذ تبقى شركات الأدوية تشعر بعدم الارتياح من تعريض ملكيتها الفكرية للخطر، من خلال الإفصاح عن أسرار كثيرة جداً من مرحلة التطوير. من الأهمية بمكان أن يتمكّن العلماء والأطباء المستقلين - وليس فقط المنظمين - من الوصول إلى كافة البيانات المحيطة بالأدوية الجديدة، حسبما أضاف: "في العديد من الحالات مثل فايوكس، المشكلة فاتت على المنظمين ولم يتم كشفها إلا في وقت لاحق من قبل الأطباء والأكاديميين. إن تقييم المخاطر والمنافع في بيانات تجارب الأدوية عمل معقد للغاية، ويمكنه الاستفادة من دفع كثير من الناس لفعل ذلك".
يقول كارل توبياس، أستاذ القانون في جامعة ريتشموند، يقول إن الدروس المستفادة من قضية تاكيدا لا تقتصر على شركات الأدوية الكبيرة. وافقت شركة تويوتا اليابانية الشهر الماضي على دفع غرامة تبلغ 1.2 مليار دولار، في اتفاق مع ممثلي النائب العام في الولايات المتحدة، بسبب تضليلها المنظمين والزبائن بشأن سلامة المركبات.
وأضاف توبياس: " تبين هاتان القضيتان سويا أن الشركات يجب أن تصبح أكثر شفافية بشأن البيانات التي تملكها حول المخاطر للزبائن".
أشاد لانيير بشركة جلاسكو سميث كلاين لكونها منفتحة أكثر بشأن المخاطر المحيطة بدوائها أفانديا لمرض السكري، عندما ظهر دليل على ارتباطه بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وهذه المخاوف أدت إلى فرض حظر شبه شامل على الدواء من قبل المنظمين في الولايات المتحدة وأوروبا في 2010 - وهو قرار أخلى الطريق لنجاح تاكيدا مع أكتوس.
يقول لانيير: "أنا أشعر بالسوء تجاه شركة جلاسكو سميث كلاين. فقد خرج أفانديا من السوق من قبل أكتوس لأن شركة تاكيدا أخفت صلة محتملة مع مرض السرطان".
حذرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في عام 2011 أن تناول دواء أكتوس لأكثر من عام، قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان المثانة. إلا أن شركة تاكيدا ترفض أن تكون هناك أي صلة مؤكدة بين دوائها وإصابات أطراف الادعاء بالسرطان، وتقول إن المنافع الصحية لأكتوس تفوق المخاطر.
يقول جولداكر إن تاريخ الصناعة قد ترك الأطباء والمرضى متشككين بمثل هذا التأكيدات. "لا يزال هناك بعض الرؤساء التنفيذيين في شركات الأدوية، يعتقدون أن باستطاعتهم الاستمرار بالتصرف كما لو أنها الثمانينيات. عليهم أن يدركوا أن التوقعات قد تغيرت".

الأكثر قراءة