يا هو «عبيط»

شكا لي قريبي من سرقة رئيسه لفكرة بدأها من الصفر. قدَّم الرجل لرئيسه عرضاً عن عمل سينفذه خلال الفترة القادمة. ناقش الرئيس الفكرة مع قريبي ودعمها، وأوصاه بأن يتوكل على الله ويبدأ التنفيذ.
فوجئ قريبي بأحد زملائه يزوره مهنئاً على تكليف الرئيس له بتنفيذ إحدى أفكار الرئيس والإضافات والمراجع التي أعطت الفكرة قيمة أدبية وعلمية. دارت عينا قريبي فاستزاد من الرجل، بدأ الزميل يسرد له كيف فكر الرئيس في الموضوع ودعمه بمعلومات وإضافات مهمة، ثم كلف قريبي ليكمل الباقي. ولكون قريبي من ذوي الدم القابل للاشتعال، دعا صاحبه لزيارة الرئيس وكشف كذبه.
لم يكن الرئيس في مكتبه، فتعاهد الاثنان على العودة بعد إجازة نهاية الأسبوع. قابلت قريبي خلال الإجازة وكان يستعجل نهايتها ليتمكن من مواجهة الرئيس "المدعي". حدث اللقاء بعد نهاية الأسبوع، ولكون الموضوع يحتاج إلى بعض اللباقة. دخل قريبي وصاحبه مكتب الرئيس، وبدأ قريبي يشكر الرئيس على موافقته على المشروع، رغم أنه لم يقدم أياً من أفكاره النيرة وخبرته وأسفاره لدعمها.
امتقع وجه الرئيس، وأصبح مثل "القوطة" حسب تعبير قريبي، لكنه حقق أمراً مهماً وهو حماية فكرته، وهو ما لا يفعله الكثيرون خوفاً من رؤسائهم.
أذكر أن اكتشافاً في إحدى الشركات تبناه أكثر من 50 شخصاً، بل إن عملية إنقاذ أو حل قضية يحصل فيه الناس على المكافأة بدءاً من رأس الهرم وانتهاء بصاحب الفكرة، الذي قد لا تصله المكافأة، وأعرف كثيرين ممّن لم يحصلوا على مكافأة على إنجازهم الذي كُوفئ عليه كل رؤسائهم.
لكن هل سيتحمّل ذلك المسؤول خطأ الموظف الصغير الذي أهمل واجبه أو أساء إلى الوزارة أو اختلس المال العام أو تسبّب في قتل شخص أو إصابته؟
سؤال خطر في بالي وأنا أشاهد رئيس وزراء كوريا الجنوبية يُضرَب من قِبل مواطن، قضى ابنه في حادث غرق العبّارة. ثم تكرّر وأنا أقرأ خبر استقالة رئيس الوزراء على خطأ ارتكبه موظف في إدارة تتبع إحدى وزاراته، خطأ يحدث لأول مرة لعبّارة تعمل منذ أكثر من 20 عاماً.
قال أحد المعلقين على الخبر "يا هو عبيط، يا نحن عبطا"!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي