«زنا المحارم» لم يكن الأول

كنا نعتقد ونحن صغار أن المجتمع المصري شبيه بما تعرضه لنا الأفلام المصرية "الهابطة"، التي قدمت لنا نماذج سيئة للمصريين، فصورتهم لنا بالمنغمسين في "الإباحية" و"المخدرات"، ومسؤوليهم بفاقدي الأمانة ومتورطين دوما في الفساد المالي كالرشاوى والاختلاسات.
هذا التصور تلاشى بعد سفرنا لمصر ومعايشتنا لواقع المجتمع المصري، إضافة إلى اختلاطنا في مجال العمل مع عدد من الجالية المصرية في السعودية الذين منحونا صورا حقيقية عنهم وهي مختلفة لا شك عما تقدمه "السينما".
كل إنسان هو سفير بلده، أيا كان موقعه، والممثلون هم سفراء لبلادهم إن شاؤوا قدموا الصورة المشرقة لبلادهم ومجتمعهم وإن أرادوا تقديم وجه قبيح لبلادهم لفعلوا أيضا، والبسطاء لا يتفحصون المجتمعات جيدا، بل يأخذون الانطباع الأولي من خلال ما تقدمه السينما أو الدراما لكل بلد، أو من خلال الأفراد المهاجرين بحثا عن السياحة أو العلم أو العمل.
وهنا في الخليج نمر منذ سنوات بذات الأزمة التي عانت منها مصر خاصة خلال سينما السبعينيات الميلادية التي تعد الأكثر "هبوطا" في تاريخ مصر، فللأسف الشديد ما تقدمه الدراما الخليجية يسيء لمجتمعاتنا المحافظة والمتدينة، وتصدر للعرب صورا غير حقيقية عن طبيعتنا وأخلاقنا، فهي تتعامل مع الحالات الفردية كـ "ظاهرة" كما كادت أن تفعل مع مسلسل "زنا المحارم" الذي لاقى هجوما واسعا من العلماء والمواطنين وتم منعه أخيرا.
مسلسل زنا المحارم ليس الوحيد المسيء للمجتمع الخليجي والمصدر للعرب عبر "الدراما"، بل وخلال السنوات الماضية والدراما الخليجية من خلال مسلسلات تعرض في الصباح والمساء تسيء لنا وتصور للآخرين أننا منغمسين في الإباحية والمخدرات وتنتشر بيننا الخيانة الزوجية والزنى والانحلال الأخلاقي والشذوذ أيضا.
الدراما الخليجية لا تعكس حياتنا وواقعنا ولا تمثلنا إلا في اللهجة فقط وأحيانا لا تجيد حتى "اللهجة"، وتعطي انطباعا وأفكارا مخالفة لحياة الشعوب الخليجية، وتبالغ في طرح قضايانا وتجعل من الحبة قبة من خلال تصوير قضية فردية كقضية رأي عام أو ظاهرة.
الكارثة لا تتوقف عند تشويه صورة المجتمعات الخليجية، بل هي تهدد أخلاقيات النشء من خلال تقليده لبعض السلوكيات السيئة والعادات الدخيلة التي يقدمها هؤلاء الممثلون والممثلات.
وزراء إعلام دول مجلس التعاون الخليجي مطالبون بوقفة حازمة أمام ما تقدمه تلك الدراما، وعليهم وقف مثل هذه المسلسلات ومعاقبة القنوات التي تُقدم على عرضها، فلا هي تمثلنا ولا نحن نتبناها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي