املأوا قنينتي

املأوا قنينتي

إذا افترضنا أن العمل الصحفي بحر، والصحافي بني آدم رماه الله في أمواج هذا البحر، فتفاعل القارئ مع العمل الذي يقدمه "أوكسجين"، كلما ازداد تفاعلهم امتلأت قنينته بالأوكسجين، وبالتالي زيادة فرص الوصول بطمأنينة إلى الطرف الآخر.
.. وهنا تنفسنا أنا وزملائي أوكسجينا نقيا أهدانا إياه آخرون، كان تفاعلهم مع "بالمحكي" هبة من رب العالمين، ساعدنا كثيرا على التمسك بقناعاتنا في التعاطي مع الشعر ومحبيه، فلم نهن ولم نحبط ولم نتنازل لأن قنانينا مليئة بما يساعدنا على "لأ" في وقتها، دون الرضوخ إلى أي عوامل خارج "أدمغتنا"، التي قد تكون في بعض الأحيان "جزم قديمة"!
كثيرة هي القصائد التي رفضنا نشرها لأنها "مجاملة" سامجة لزميل أو صديق أو حتى شاعر حقيقي قدم لنا شعرا تافها لشاعر تافه لمجرد أنه صديقه أو "يعز" عليه، كثيرة أيضا الأخبار التي ترسل إلينا لنشرها في "بالمحكي" وهي أخبار تافهة لا تهم أحدا بقدر ما تكرس لتفاهة مرسل الخبر أو أحد أصدقائه، خسرنا بعضهم نعم، ولكنها خسارة كالربح في ظل الأوكسجين الذي نُمنح إياه يوما بعد يوم بسبب هذا التفاعل الذي يغدقه علينا محبو العمل "النظيف".
طبعا قنينة الأوكسجين لا تكفي الأخ السباح الماهر شيئا عندما يقابله قرش مفترس مثلا، فيصبح وجبة دسمة لأحدهم بعد أن كان مشروع وصول جميل، أو حتى يتعرض له "خكري" صاح على والده ليتعلم "الجت سكي" في وقت سباحتنا بالذات، فيتلذذ بدهسنا ونحن في عز التجديف، طمعا في معرفة الإجابة عن سؤال: هل يتغير صوت "الجت سكي" فوق ظهر أحدهم عن صوته فوق سطح الماء؟
إلا أننا في الظروف الطبيعية بلا "قروش" أو "دلوعين ماما"، في الظروف الطبيعية نحيا في العمل الصحفي من خلال تنفسنا على تفاعل القراء، نعيش على أوكسجينهم وننجح بسببه.. وهنا أدعو الله صادقا أن لا يغير علينا التفاعل، وأن يزيده، وأن يدفع الصامتين من القراء إلى الكلام والحديث بما يملأ قنانين ويجعلها جاهزة لعبور محيطات، لا هذا البحر فقط!

الأكثر قراءة