تفشي حمى «إيبولا» يقلق غرب إفريقيا والعالم

تفشي حمى «إيبولا» يقلق غرب إفريقيا والعالم
تفشي حمى «إيبولا» يقلق غرب إفريقيا والعالم

وصف رجل مسن يبيع الشاي في أحد مقاهي منطقة كينيما في سيراليون تفشي فيروس إيبولا بأنه الأسوأ في تاريخ الأمراض في منطقة غرب إفريقيا وقال: إنه أكثر سوءا من الحرب". توقفت حركة المرور في هذه المنطقة السياحية حيث كانت حركة النقل بالتاكسي هي الأكثر، الآن أصبح أصحاب السيارات الأهلية لا يذهبون إلى مكان في هذه المنطقة، المشهد مكرر أيضا في العاصمة فريتاون؛ الطرق هادئة بشكل غير عادي، ونقاط التفتيش يحرسها جنود مدججون بالسلاح ومنعت كل حركة من وإلى مناطق كايلاهون وكينيما. فقط عدد قليل من الدراجات النارية والسيارات التي تحمل إمدادات في كينيما.

ونشرت مجلة "الإيكونوميست" الواسعة الانتشار أمس تقريرا متكاملا ومطولا تحت عنوان "إيبولا ارتفاع درجة حرارة الحمى وإن انتشار هذا الفيروس في غرب إفريقيا بشكل عميق سيشكلان مشكلات جمة للمنطقة والعالم أجمع".
لقد دفعت دول غرب إفريقيا وعلى رأسها سيراليون وغينيا وليبيريا ضريبة مرض إيبولا ليس بسبب حالات الوفيات والإصابات فقط بل تعاني الشركات العاملة هنالك والقرويون نقص الإمدادات بعد إعلان الحكومات هنالك حالات الطوارئ وتأسيس المحاجر الصحية.

وتقول المجلة إنه على الرغم من مضى أكثر من تسعة أشهر منذ إصابة صبي يبلغ من العمر عامين بفيروس إيبولا في قرية في غينيا فقد سجل إقليم غرب إفريقيا ألفي حالة إصابة توفي منها أكثر من ألف شخص، وفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية لربما كانت هذه الأرقام أقل من الواقع فهنالك بعض الأسر، تخفي أعضاء أسرهم المصابين بهذا المرض الفتاك.
ويقول علماء إنه أصبح لدول العالم مجتمعة القبض على فيروس إيبولا على حين غرة حيث إنه لا يشبه كل الأمراض الوبائية التي ضربت أجزاء من العالم مثل سارس أو حتى كورونا التي سجلت فيه السعودية أعلى رقم في الإصابات والوفيات.

ويعود تأريخ مرض إيبولا وتفشيه حيث ظهر الفيروس لأول مرة في عام 1976 في منطقة نائية من السودان وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، بالقرب من نهر إيبولا، ولكن على الرغم من أنه كان من نوعية الأوبئة المألوفة في البداية وبدأ بهدوء بقتل الغينيين لمدة أربعة أشهر ابتداء من كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

ويوضح إيان ليبكين من جامعة كولومبيا التي تعتمد على أنظمة صحية قوية وتقدم مساعدة دولية كبيرة للدول المعرضة لانتشار الفيروس أن المرض بدأ في الانتشار في ثلاثة من أفقر البلدان في العالم. حيث غينيا تنفق 62 دولارا للشخص الواحد على الصحة سنويا، مقارنة بـ 3364 دولارا في بريطانيا. كما أنه في سيراليون التي ترتفع في حالات الإصابات والوفيات يوجد طبيبان مقابل 100 ألف شخص، مقارنة بـ 245 في أمريكا.
#2#
فمن الصعب أن تواجه أي واحدة من الدول الثلاث هذا المرض الفتاك وفي البلدان المتضررة من إيبولا. وقالت منظمة الصحة العالمية في الأسبوع الماضي إن نحو 150 قد أصيبوا بالعدوى وتوفي 80 من منظمة أطباء بلا حدود، وهي منظمة غير هادفة للربح التي لديها 680 عاملا صحيا في المنطقة، وتقول المنظمة إنها الآن ببساطة لا تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك.

كما أن هنالك مشكلات وعوائق أزلية لن تساعد المنظمات الدولية الصحية وحتى منظمة الصحة العالمية في محاربة فيروس المرض ومنها الحروب الأهلية في هذه المنطقة التي اندلعت منذ عقود سابقة، كما أن القرويين لا يثقون بحكومات المنطقة والعمال الصحيين الأجانب على وجه الخصوص، فهم يخشون أن هؤلاء الأطباء والممرضات يحملون الفيروس وهذه الأسباب قوضت هذه الجهود لعزل المرضى المصابين ووقف سلسلة انتقال العدوى.

في مواجهة مثل هذه المشكلات، فإن جهود منظمة الصحة العالمية ستكون محدودة خاصة ضمان أمن العاملين في مجال الصحة، ولكن كل ما يمكن القيام به هو تقديم توصيات. كما أن هنالك أزمات إنسانية أخرى في جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان، فضلا عن التحدي المستمر الذي يشكله فيروس كورونا حيث انخفضت ميزانية المنظمة العالمية بسبب تفشي هذه الأمراض والأزمات بنسبة 35 في المائة منذ عام 2010. وفي الشهر الماضي قالت منظمة الصحة العالمية إنها بحاجة إلى 103 ملايين دولار لمواصلة القتال ضد فيروس إيبولا. وهي تواجه فجوة قدرها 79 مليون دولار. ويقول البنك الدولي إنه سيقدم مبلغ 200 مليون دولار لمكافحة فيروس إيبولا، رغم أن بعض هذه الأموال تم تخصيصها بالفعل للبلدان المتضررة كما رصدت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية أكثر من 50 خبيرا صحيا في غرب إفريقيا، ولكن المنطقة بحاجة إلى عدد أكبر من الأطباء والممرضات.

في المدى الطويل، ستكون هناك حاجة إلى العديد من المشاريع الصحية لمنع تكرار مثل هذه الكوارث الصحية؛ حيث سيقوم البنك الدولي بتوجيه بعض تمويله من أجل تحسين النظام الصحي المترنح في غرب إفريقيا، كما سيتم توجيه البلدان الإفريقية الغنية للاستثمار بشكل أكبر في مشاريع الأنظمة الصحية، لمواجهة أمراض أكثر شيوعا مثل الملاريا ونقص المناعة.

الأكثر قراءة