سعوديون يعيدون تراث الأجداد احتفاء بذويهم الحجاج
بين كرسي تم إعداده خصيصا لاستقباله أو قهوة عربية وبخور من أطيب الأنواع وأفخمها إلى غير ذلك من أطعمة شعبية وأطفال ينثرون الحلوى على الجميع .. تلك أبرز المظاهر الاحتفالية التي يحرص عليها سعوديون أعادوا تراث الأجداد حين يستقبلون حجاجهم القادمين من المشاعر المقدسة بعد أن منّ الله عليهم بأداء المناسك.
وتعد الحفاوة بالحجاج ومن بينها إقامة الولائم عادة ورثتها أجيال عن أجيال بعد كل موسم حج، فهي لم تتغير وإن قلت في مظاهرها أحيانا مع مرور الزمن حيث أصبح من المألوف أن تكثر المناسبات عند عودة الحجاج.
ويتمسك كثير من الأسر السعودية بهذه العادة السنوية باستقبال ذويهم وأقاربهم العائدين من المشاعر المقدسة بعد أداء النسك، وتتجسد مظاهر هذه الاحتفالات في تجمع الأسرة والأصدقاء للاستماع والتعرف من الحجاج العائدين، الذين يروون قصصا ومواقف صادفتهم في رحلة العمر، كما يحلو للبعض أن يسميها.
ويختلف السعوديون في طريقة استقبال ذويهم الحجاج، وبحسب مراجع تاريخية فإن أهل جازان كانوا يستقبلونهم بوضع كرسي خاص يسمى "قعادة الحاج" يُصنع من الخشب والخوص، ويجعل للحاج ليجلس عليه يوم حضوره من مكة المكرمة، مع تغيير لون البيت إلى اللون الأبيض، ويتم ترديد أهازيج خاصة بهذه المناسبة.
بينما يستقبل أهالي نجد ذويهم بالقهوة العربية والبخور والأكلات الشعبية التي تشتهر بها المنطقة كالجريش والقرصان والحنيني، فيما يستقبل أهل الطائف الحجاج بأهازيج وأكلات شعبية، فينثر الحجاج الحلوى على الصغار، وسط أهازيج وأداء مورثات شعبية.
ولعل انتظار أقارب الحاج ما حمله لهم من الهدايا من مكة ما زالت هذه العادة باقية في الأسر السعودية، بالرغم من بساطة الهدية التي تتركز في السبح والتحف والألعاب البسيطة للأطفال إلا أن لها وقعاً في نفوس الصغار والكبار.
ويرى عبد الله المحمد أن استقبال العائدين من الحج من الأشياء الجميلة، التي تقوي العلاقات بين أفراد المجتمع، وأنه يحرص على إقامة الولائم للعائدين من الحج من الأقارب والأصدقاء، كنوع من الفرحة لعودتهم بالسلامة من الحج.
ولم يخف المحمد سعادته وهو يستقبل أقاربه وأصدقاءه بعد عودتهم من أداء فريضة الحج، منوهاً بأنه أقام الكثير من الولائم بمناسبة عودة الحجاج خلال السنوات الماضية، مبيناً أن إقامة مثل هذه الولائم تضفي سعادة على الحاج، لأنه يشعر بمحبة من حوله له، وهي فرصة لرؤية الأصدقاء والأقارب، وأن من الأشياء التي لا يمكن له أن ينساها احتفاء زملائه له بعد عودته من الحج.
يأتي ذلك في الوقت الذي يؤكد فيه علماء دين أنه لا بأس بإكرام الحجاج عند قدومهم، لأن هذا يدل على الاحتفاء بهم، ويشجعهم أيضاً على الحج، محذرين من التبذير والإسراف وأنه منهي عنه.
وفي فتوى له حول استقبال الحجيج قال الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله – إنه لا بأس بإكرام الحجاج عند قدومهم؛ لأن هذا يدل على الاحتفاء بهم، ويشجعهم أيضاً على الحج، لكن التبذير والإسراف هو الذي ينهى عنه، لأن الإسراف منهي عنه، سواء بهذه المناسبة أو غيرها، لكن إذا كانت وليمة مناسبة على قدر الحاضرين أو تزيد قليلا، فلا بأس به من الناحية الشرعية والاجتماعية.