20 % ارتفاعا في الصادرات السعودية لفرنسا خلال الـ 9 أشهر الأولى من العام الجاري
قال برتران بزانسنو، السفير الفرنسي لدى السعودية، إن صادرات بلاده إلى السعودية، شهدت نموا سريعاً، خاصة في مجال صناعات المواد الغذائية، بنسبة بلغت 16 في المائة، لتشكل نحو ربع مجموع الصادرات، فيما ارتفعت الصادرات السعودية إلى فرنسا بنسبة 20 في المائة خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية، لافتاً إلى أن المملكة استوردت لأول مرّة نحو 120 ألف طن من القمح الفرنسي خلال عام 2013، فيما يتوقع أن تتجاوز الـ200 ألف طن خلال هذا العام.
وأوضح في حوار أجرته “الاقتصادية” معه، أن صادرات بلاده إلى المملكة تتضمن سبعة مجالات، وهي الملاحة الجويّة والفضاء، والمنتجات الصيدلانيّة، والأنابيب والخراطيم، ولحوم الدواجن، والحبوب، والمعدات الكهربائية، والعطور، ومستحضرات التجميل.
كما تطرق السفير برتران خلال الحوار إلى دور مساهمة الشركات في التنمية والمشاريع التنموية في المملكة، إضافة إلى تدفق السياح والطلاب السعوديين نحو فرنسا من أجل السياحة والتعليم. وفيما يلي نص الحوار:
يتوقع أن يجري مسؤولون فرنسيّون زيارة إلى السعودية خلال الأشهر المقبلة، عقب زيارة ولي العهد إلى باريس، ما تعليقكم عليها؟
تنبع الزيارة التي قام بها ولي العهد إلى فرنسا في أيلول (سبتمبر) الماضي، من الزيارتَين الرسميَّتين التي قام بهما الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، إلى المملكة العامين الماضيين، وسمحت باطلاع ولي العهد بشكل موسّع على القضايا الإقليمية خاصة مع تقارب المواقف. كما أننا ملتزمون بلا ريب بمكافحة الإرهاب، وخاصة داعش، ونقف معا إلى جانب الشعب السوري، ونعزز دون كلل أو ملل عملية سلام عادل في الشرق الأوسط، ونسهر بأقصى درجات اليقظة على أمن الخليج، الذي يجب قطعا أن يبقى خاليا من الأسلحة النووية، لكننا قلقون بشأن الوضع في اليمن، وندافع بشكل دقيق وصارم عن سيادة لبنان، حيث إن عقد تقديم المساعدة إلى الجيش اللبناني، الذي وُقِّع في تشرين الثاني ( نوفمبر) الماضي، ويجمع بين السعودية وفرنسا، يوضح هذا العزم المشترك. كما تشمل شراكتنا جميع المجالات من الاقتصاد إلى الدفاع مرورا بالثقافة، وتشهد على ذلك الزيارات الثنائية العديدة، التي قام بها المسؤولون السياسيون أو رجال وسيدات الأعمال، ومن المقرر أن يقوم وزراء في الحكومة الفرنسية بزيارات مهمّة إلى المملكة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.
تشير معلوماتنا إلى وجود العديد من الطلاب السعوديين الذين يدرسون في جامعات مختلفة في فرنسا، هل لديكم أية إحصائيات جديدة عن عددهم؟
يوجد حاليا نحو 1500 طالب سعودي في فرنسا، وهذا العدد يعتبر في تزايد مستمر، وهو دلالة على العلاقة بين البلدين، ويسرني أيضا أن يتعلم المزيد من السعوديين، اللغة الفرنسية.
وماذا عن نسبة السياح القادمين من المملكة إلى باريس حتى شهر آب (أغسطس) الماضي، وهل تظنّون أن العدد سيتزايد في السنوات المقبلة؟
إن الإحصائيات المفصّلة لعام 2014 ليست بحوزتنا بعد، لكن فرنسا استقبلت 220 ألف سائح سعودي خلال عام 2013، ونأمل، بالطبع، أن نحقق نتائج أحسن وأفضل، لأنه يجب أن يتضاعف عدد السياح السعوديين الذي يسافرون إلى الخارج بثلاث مرات على مدى السنوات العشر المقبلة، وأفضل، لأننا نقوم من الآن وصاعدا بإصدار تأشيرات لمدة أربع سنوات لمصلحة السعوديين، ويشكّل تعزيز سياحة الأجانب في فرنسا وهي أحد اهتماماتنا الرئيسية. كما أنني أضع قيد التنفيذ، بالتعاون مع أقسام سفارة فرنسا في الرياض، خطة عمل طموحة تهدف إلى تمكين الأجانب من اكتشاف بلدنا بشكل أفضل، حيث تتركّز السياحة السعودية اليوم على ثلاث مناطق هي باريس، رون ألب، والريفييرا بشكل رئيسي، غير أن العديد من المناطق الفرنسية الأخرى، مثل الألزاس، اللوار، النورماندي أو المنطقة الجنوبية الغربية، تزخر بثروات كثيرة ثقافية ومعماريّة وأيضا بثروات في فنّ تذوّق الطعام.
تعد السعودية شريكا تجاريا استراتيجيا لفرنسا، بكونها مموّن النفط الأوّل لفرنسا، هل من الممكن توضيح المزيد من التفاصيل حول هذه النقطة؟
خلال عام 2013، تجاوز حجم التبادلات الإجمالية بين البلدين، ولأول مرة، حدّ التسعة مليارات يورو، بنحو 3.4 مليار يورو من الصادرات الفرنسية للمملكة، وستة مليارات يورو من الصادرات السعودية. وخلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية، تزايدت الصادرات السعودية إلى فرنسا بنسبة 20 في المائة. كما أن المملكة تعد أكبر مموّن للنفط لفرنسا بـ 18 في المائة من السوق، علاوة على أن فرنسا تعد الزبون الأوروبي الأول للمملكة.
وماذا عن الصادرات الفرنسية للمملكة؟
صادراتنا إلى المملكة كانت متنوعة جدا، خلال عام 2013، حيث كان لدينا صادرات مهمّة في سبعة مجالات وهي الملاحة الجويّة والفضاء، والمنتجات الصيدلانيّة، والأنابيب والخراطيم، ولحوم الدواجن، والحبوب، والمعدات الكهربائية والعطور ومستحضرات التجميل، وأنني أشير بالأخص إلى النمو السريع لصادراتنا من صناعات المواد الغذائية، التي تبلغ (+16 في المائة)، وتشكل نحو ربع مجموع الصادرات، وبذلك تسهم في أمن السعودية الغذائي، كما أنه لأول مرّة استوردت السعودية 120 ألف طن من القمح الفرنسي العام الماضي 2013، ومن المتوقع أن تتجاوز الـ200 ألف طن خلال هذا العام.
تعتبر فرنسا المموّن الثامن للسعودية، كيف تفسّرون هذا؟
نحن، في الواقع، المموّن الثامن للمملكة مع حصة من السوق تبلغ نحو الـ 3 في المائة، وقد نجحنا في المحافظة على هذه الحصّة من السوق منذ عدّة سنوات، في حين شهدت حصص معظم الشركاء التاريخييّن للمملكة تآكلا بشكل ملحوظ تحت ضغوطات المنافسين الآسيوييّن، خاصّة الصين وكوريا والهند، ويشكّل ذلك أداءً فعليا على السوق السعودي ليصبح تنافسيا أكثر فأكثر، لكنني مقتنع بأننا نستطيع تحقيق المزيد نظرا إلى التكامل الفعلي بين اقتصادَي البلدين، حيث تتوافق أولويات المملكة في النقل، والمياه، والطاقة، والصحة، والسكن، والتعليم، وصناعة المواد الغذائية، ومجالات الدفاع والأمن، مع كل مجالات التميّز في فرنسا.
هل وقع البلدان اتفاقا اقتصاديا لدعم العلاقات في هذا المجال؟ وفي حال كانت إجابتكم إيجابيّة، نرجوكم ذكر هذه الاتفاقات بالتفصيل؟
خلال السنَتَين الماضيَتَين، قمنا في الواقع على مستوى الحكومَتَين بتوقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية في قطاعات مختلفة، منها النووي والصحة والأبحاث، دون أن ننسى إعادة تنشيط اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي، التي ما لبست أن اجتمعت في باريس الشهر الماضي، حيث يجب أن يحذو حذوها آخرون في مجال الزراعة أو الرياضة مثلاً.
منتدى الأعمال الفرنسي السعودي، سيُعقد في المملكة شهر آذار (مارس) من العام المقبل، ما القضايا الرئيسية التي ستتمّ مناقشتها هذه المرّة؟
نحن على اتصال بأصدقائنا السعوديين لتنظيم منتدانا الثاني للأعمال، وقد انعقد الأوّل في باريس في نيسان (أبريل) 2013، ولاقى نجاحا باهرا مع مشاركة 650 شركة. وفيما يتعلّق بدورته الثانية، نرغب في تركيز هذا الحدث حول أربعة محاور رئيسية هي كفاءة الطاقة، والصحة، والزراعة، وصناعة المواد الغذائيّة، وتكنولوجيا المعلومات.
الشركات الفرنسية تبحث عن تعزيز وجودها في المملكة في برامج التنمية المختلفة، نودّ أن نعلم في أي حقل ستندرج مساهماتها؟
شركاتنا ناشطة، كما قد سبق وذكرت، ليس فقط كمزوّدة بحلول ومعدات، إنما أيضا عن طريق جميع المشاريع التنموية الكبرى. وسبق أن استثمرت 70 منها في المملكة. ويرتفع إجمالي استثماراتنا إلى أكثر من 15 مليار دولار، أي في المرتبة الثالثة للمستثمرين في المملكة، وتوظف هذه الشركات أكثر من 27 ألف شخص، بما في ذلك عشرة آلاف سعودي، ما يمثّل نسبة سعودة مرتفعة قدرها 36 في المائة، أي أكثر من ضعف المعدل المتوسّط للاقتصاد، إلى جانب نقل الخبرات والتكنولوجيا، التدريب (خاصّة للشباب السعودي) والمسؤولية الاجتماعية، كل هذه المواضيع في صلب اهتماماتها.
وماذا بشأن الاستثمارات السعودية في فرنسا؟
فرنسا مستعدة لاستقبال المزيد من الاستثمارات السعودية، وفيما يتعدّى قطاع العقارات، الذي لا يزال جذابا بالنسبة للسعوديين، يوجد العديد من الفرص في القطاعات المنتجة، علماً بأن فرنسا تحتلّ المرتبة الثالثة عالميا فيما يخصّ الإبداع، وفقا للدراسة السنوية التي قامت بها وكالة تومسون رويترز، كما يتمّ الاعتراف بالإجماع بجودة بنيتها التحتية ومواردها البشرية. كما أن نظام الضرائب في فرنسا، على عكس الكثير من الأفكار المسبقة، جذاب أيضا، مع وجود إجراءات مثل الائتمان الضريبي للبحوث (يخوّل هذا الإجراء الشركة باقتطاع 50 في المائة من مصاريفها على البحث والتطوير من الضرائب التي تلحق بها)، وكل هذه العناصر تجعل فرنسا متصدرة لقائمة الدول الأوروبية، فيما يتعلّق باستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.