خليل الوهقة

خليل الوهقة

[email protected]

لا علاقة لي بالتبحر في مسائل الوزن وبحور الخليل بن أحمد، سمعيا هي سهلة التحديد، لذلك لم أحاول التبحر فيها بقدر المعلومات العامة التي يعرفها محبو سماع الشعر قراءته، إلا أن المسألة للوهلة الأولى فيها تقييد، و"التقييد" ضد طبيعة الشعر والشاعر، حتى لو كانت تلك المساحة التي نستطيع التحرك فيها كبيرة "جدا" بالنسبة إلى بعضهم.
الفكرة: أن الوزن ارتبط بالإيقاع الموسيقي، والإيقاع كما نعلم هو اهتزازات صوتية متتالية ومنتظمة، يبحر الشاعر معها سمعيا بالتوازي، لو اختل عنها فقد "كسر" وزن الشعر الذي يقوله، ولم يعد شاعرا! وهي عموما مسألة لها أهميتها، إلا أنها من المفترض أن تكون أقل العوامل أهمية، لا أكثرها كما حدث سابقا قبل الخليل بن أحمد وبعده، وكما يحدث الآن، فأصبح "المتحدث اللبق" الذي يجيد صف الكلمات على وزن محدد شاعرا، أما المتحدث اللبق الذي حباه الله عوامل شخصية أخرى كحسن الوجه أو جهورية الصوت فيصبح شاعرا نجما، أما سليط اللسان فيكون الذي لا يشق له غبار في ساحات المحاورة!
الوزن ليس كل شيء في الشعر، إلا أنه أصبح كذلك مع التقادم الزمني لتكريس فكرته، فجاء وقت الاستكانة وعدم التجديد إلى داخل نطاق هذا الوزن "المقيد" كما قلنا سابقا، فلم يحاول أحد أن يضيف إلى بحور الخليل بن أحمد الصوتية إلا أحد تلاميذه، وقد تكون كما جاء في بعض الروايات أن الوقت لم يسعف الخليل للإعلان عن كشفه العظيم بإيجاد بحره الجديد "المستدرك"، فنسب إلى هذا التلميذ الذي ربما كان قد ورث جهود الخليل بن أحمد في حصر "الشعر" - أبراي لله.
الزبدة يا جماعة الخير: لماذا لا نفكر بطرق تقديم جديدة أقل تقييدا من خلال الموسيقى نفسها، لا أدعي المعرفة ولا أسوق نفسي محاربا للخليل بن أحمد أو بحوره، إنما أرفض التقييد وأعتقد أنه "وهقنا" ببحوره، وأؤمن بوجود طرق تقديم جديدة للشعر غير التي نكررها، لا أقول حولوا الشعر إلى "سلطة" وأفقدوه نكهة موسيقاه، أقول حرروا الشعر من الإيقاع السائد، وأبحروا مع عوالم جديدة قد تكون بحاجة إلى بحث بسيط فقط. أعلم أن مثل هذه الأفكار قد تجعل البعض يغضب، فالسائد مقدس في طبيعة البشر، وقد يفوق الغضب إلى أمور أخرى كفانا الله إياها، إلا أنني مستعد لكل ذلك في سبيل البحث عن عوالم جديدة في الشعر، قد تكسبه ملامح دهشة جديدة تفوق التي نعشقها وتعودنا عليها.

الأكثر قراءة