أطباء الملك الراحل يروون لـ "الاقتصادية" رحلة المرض الأخيرة
روى لـ"الاقتصادية" الأطباء الخاصون للراحل خادم الحرمين الشريفين رحلة المرض الأخيرة، مستعيدين ذكريات أكثر من 45 عاما من العمر كانوا خلالها أطباء خاصين للراحل في حله وترحاله.
وهنا يقول الدكتور عبدالله الحديب، رئيس الخدمات الإسعافية في العيادات الملكية، الذي رافق الملك طيلة عشر سنوات، إن الراحل أثناء فترة مرضه الأخيرة كان يسأل عن أحوال الوطن والمواطن، وكان بالرغم من نصائح الفريق الطبي له بعدم إجهاد نفسه إلا أنه كان يعقد اجتماعات مع رؤساء دول من أجل وضع الأمة الإسلامية، وكان ذلك يظهر في جهاز التنفس، فلا نجد زعيم دولة يخاطر بحياته من أجل شعبه وأمته، وكانت تعرض عليه قضايا وهو في مرضه يوجه ويتابع، مضيفا، أن الراحل كان يسأل عن أطبائه باستمرار، وهنا أحدثك عن موقف خاص لي في عام 2006، كان اجتماع مجلس التعاون الخليجي في قطر وكنت أحد الأطباء الذين من المفترض أن أرافق الملك في رحلته، ولم أتمكن من ذلك للوعكة الصحية التي ألمت بي، ووصل الخبر إلى الملك وبالرغم من انشغاله في الاجتماع قام بالاتصال في ليلة السفر وعندما عاد كذلك اتصل بي وتواصل معي حتى تعافيت، فهذه من المواقف التى لا تزال عالقة في ذهني.
وعن مرض الملك الأخير، قال الحديب، الراحل خلال الشهور التي مضت كان يعاني مشكلات في التنفس، وبالرغم من التوصيات بالدخول إلى المستشفى إلا أنه كان لا يرغب في البقاء في المستشفى ورغب أن يقضي بعض الوقت في روضة خريم وتعب في هذه الفترة ونقل إلى مدينة الملك عبدالعزيز الطبية، وحيال تعامله مع الفريق الطبي أشار الحديب إلى أن الفريق الطبي كان يجلس مع الملك ويتناول الوجبات على طاولة الملك نفسها وإذا غاب أحد يستفسر عنه وكنا نرى خلال وجودنا مع الراحل جوانب إنسانية في شخصية خادم الحرمين الشريفين، تلمستها خلال تعاملي مع الملك طيلة عشر سنوات، فالفقيد له هيبة ممزوجة بحنانه وعطفه، وحلمه الذي لم يره في أي شخص آخر، مؤكدا أن الملك عبدالله بطيء الانفعال والغضب، إلى جانب حزمه الكبير في الانضباط والنظام فلا يتنازل عنهما.
وفي السياق ذاته، كشف الدكتور خليق أحمد، الطبيب الخاص للملك، الذي رافقه لمدة 48 عاما في حديثه قصة قدومه للمملكة، وعمله برفقة خادم الحرمين الشريفين يرحمه الله وقصة حصوله على الجنسية السعودية، وذكرياته وتجربته خلال فترة عمله، حيث قدمت كطبيب عام في الحرس الوطني وكان آنذاك الملك رئيسا للحرس الوطني في بداية التأسيس وكان الملك يطلب طبيبا شابا يرافقه في المقناص ورشحت من الشيخ عبدالعزيز التويجري يرحمه الله، ورافقت الملك خلال تلك الفترات وكنا نقضي أشهرا في المقناص، ومن هنا بدأت قصتي مع الراحل كطبيب خاص منذ أربعة عقود، ويتذكر الطبيب الخاص مرضه حين وجه الملك بعلاجه في ثلاث دول حتى تشافيت وكان له موقف مع ابني الذي كان في باكستان حيث درس وتعلم على حساب خادم الحرمين الشريفين يرحمه الله حتى تخرج استشاريا من أمريكا وعاد للمملكة وزوجه الملك يرحمه الله على حسابه الشخصي.
وتابع الطبيب الخاص، لم أعرض أي موضوع عليه إلا أجد منه القبول رحمه الله.
وروى كذلك لـ"الاقتصادية" الدكتور عتيق صديقي الطيب الخاص للراحل قائلا، قضيت مع الراحل 42 عاما حتى وفاته الجمعة، حيث كنت طبيبه الخاص، ومرت عليه عديد من المواقف مع الراحل، حيث قدمت للمملكة من باكستان كطبيب في الحرس الوطني وفي يوم من الأيام طلب الملك أثناء رئاسته للحرس الوطني طبيبا للجلدية وكان هذا تخصصي. وكشفت عليه وصرفت له العلاج وبعد فترة من الزمن طلبني الملك وكان يصفني بالطويل وكنت طلبت العودة لبلادي ولكن طلب مني البقاء معه وبقيت كل هذه الفترة معه ورافقته في رحلاته كل السنوات التى مضت داخل المملكة وخارجها وكنت أشاهد من قرب حب مساعدة الآخرين وكان يتعامل معنا كأطباء بكل لطف ويقول، لا تنظروا لي كملك تعاملوا معي كمريض مع طبيب وكان الراحل كثير الاستفسار عن مرافقيه الذين قضوا معه فترة من الزمن. ومن خلال عملي معه لمست أنه كان يهتم كثيرا لأمرين أولهما إذا تقدم مواطن بحاجته للعلاج خارج المملكة، فإنه كان يتفاعل ويتجاوب معه بسرعة، خصوصا حين لم تكن مستشفيات المملكة متطورة كما هي اليوم، وكنت أرى دموعه لدى استماعه لكثير من الحالات التي تحتاج إلى علاج عاجل، إذ كان يأمر بعلاجها فورا وعلى نفقته الخاصة أو نفقة الدولة، سواء كان المواطن من منسوبي الحرس الوطني أم من عامة المواطنين، وكان يرحمه الله لا يرفض أي طلب للعلاج.