قبل 18 يوما من رحيله .. الملك عبد الله: لا مكان لمن يرتهنون أنفسهم لجهات خارجية
"نؤكد للجميع أننا لن نسمح بأي تهديد للوحدة الوطنية، وليعلم من يرتهنون أنفسهم لجهات خارجية تنظيمات كانت أم دولاً أنه لا مكان لهم بيننا، وسيواجهون بكل حزم وقوة، كما نؤكد عزمنا على مواصلة العمل الفكري والأمني للتصدي للإرهاب، ولن يهدأ لنا بال حتى نحصّن بلادنا الغالية من هذا الخطر"، لم يمض على هذه الكلمات سوى 18 يوماً، وضح خلالها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله، عزم الحكومة السعودية على القضاء على الإرهاب ونبذ التطرف والتكفير، وجاءت تلك الكلمة في سياق خطابه بمناسبة بدء أعمال السنة الثالثة من الدورة السادسة لمجلس الشورى.
وشهد عهد الملك الراحل دوراً رئيسا في محاربة التطرف والإرهاب على المستويين المحلي والدولي؛ إذ يعتبر إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب وحظر الجماعات والمنظمات المتطرفة أحد أبرز القرارات الملكية في عهده، ففي الوقت الذي عانت فيه السعودية آثار الإرهاب والتطرف أكد هو عدم التهاون تجاه من يحاول المساس بأمن الوطن واستقراره.
وتعتبر حملة السكينة التابعة لوزارة الشـــــؤون الإسلامية، والأوقاف ضمن أبرز الجهات التي أسهمت في فضح التيار التكفيري المتطرف، التي تدعو إلى نبذ العنف والإرهاب.
#2#
يقول عبد المنعم المشوح مدير الحملة: إن الملك عبد الله رحمه الله من أبرز الشخصيات التي أثرت في القضاء على الإرهاب، واستطاعت السعودية أن تصبح نموذجاً عالمياً في مواجهة الإرهاب أمنياً وفكرياً وتنظيمياً، وذلك بالتناغم مع رؤية الأمير محمد بن نايف ولي ولي العهد الذي حمله الملك الراحل ملفاً مفصلياً حساسا على المستويين المحلي والدولي.
وأشار المشوح إلى أن ملف الإرهاب كان يحارب فكرياً عبر ثلاثة محاور أساسية، أولها بناء كيانات للمواجهة والمعالجة، تتحرك وفق أسس شرعية وتوجيهات ملكية، جعلت المواجهة والمعالجة أكثر ضبطاً وتركيزاً، وأعمق تأثيراً مع فتح المجال للمشاركة المجتمعية، ومن تلك الكيانات التي انطلقت في عهده رحمه الله المركز العالمي لمكافحة الإرهاب، ومركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، وحملة السكينة لتعزيز الوسطية، إضافة إلى إدارات الأمن الفكري في عدد من القطاعات وكراسي البحث في الجامعات.
وأضاف المحور الثاني تمثل في الأنظمة والأوامر الملكية الواضحة التي عززت المعنى الفكري في مواجهة ومعالجة الإرهاب.
وكان حديث الأنظمة والقوانين المستمدة من الشريعة الإسلامية، يعتبر هذه بمنزلة الأطر القانونية للتعامل مع هذا الملف.
وتابع" ركز المحور الثالث على معالجة الجذور المسببة لنمو الإرهاب والتطرف بكل صرامة وقوة وعدل. فقد أصدر رحمه الله أمراً بتقنين الفتوى ومعاقبة المحرضين، وتجريم التعاطي مع الجماعات الإرهابية المتطرفة فكرياً.
#3#
ولفت المشوح إلى أن حملة السكينة فتحت مجالات للمشاركة وتنفيذ الخطط لتحقيق الأهداف محلياً وعالمياً، واستطاعت تقديم نموذج نوعي في مواجهة الإرهاب الإلكتروني، وبناء منصة على الإنترنت تعد المرجع الأوضح في مواجهة الإرهاب والتطرف.
وقال مدير حملة السكينة: إن ملف الإرهاب ومعالجة آثاره من أهم الملفات التي يتوقع أن يوليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عنايته ورعايته، لاسيما أنه يعد حامل لواء الاعتدال والتوازن والمؤثر في التاريخ المنهجي والفكري للسعودية.
ولم تقتصر جهود الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله على مكافحة الإرهاب والتطرف على المستوى المحلي، بل تجاوزه إلى السعي نحو الدفع بمختلف الجهود الدولية من خلال إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة، ودعمه بأكثر من 100 مليون دولار، بهدف دعم الجهود الدولية الفاعلة لتمكينه من القيام بالدور المطلوب, حيث حذر رحمه الله المجتمع الدولي من التساهل أو التخاذل عن المسؤولية التاريخية ضد الإرهاب, مطالباً المجتمع الدولي بتفعيل المركز وتكثيف الجهود لخلق السلام في العالم أجمع.
يذكر أن السعودية أكثر الدول تضرراً من الإرهاب والتطرف طوال السنوات الماضية، إلا أن إصرار وعزيمة قادتها أسهم في القضاء على الإرهاب ودحره وتجفيف منابعه، آخر تلك القرارات تمثل في حظر الجماعات والمنظمات المتطرفة، حيث أدرجت السعودية "جماعة الإخوان المسلمين"، ومنظمة "داعش"، و"جبهة النصرة"، وتنظيم القاعدة بكل فروعه، إضافة إلى "حزب الله" ، و"الحوثي".
#4#
وذلك ضمن تشريعات أعلنتها وزارة الداخلية بهدف إعداد قائمة بالمنظمات الإجرامية تحدث دورياً تسعى المملكة من خلالها إلى التحذير من التيارات المتطرفة والتكفيرية، في الوقت الذي منحت فيه المواطنين الملتحقين بتنظيمات للقتال في الخارج، مهلة للعودة إلى بلادهم.
ومن ناحيتهم، وصف عدد من أعضاء مجلس الشورى، الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأنه رجل استثنائي في محاربة التطرف والإرهاب، وتكــــريس الإسلام المعتدل، وقالوا في حديثهم لـ "الاقتصادية" إن الملك الراحل نجح في محاربة التطرف والإرهاب أمنياً وفكرياً، وأظهر الصورة المعتدلة والسمحة عن الإسلام، وكشف صور التشويه التي تعمدت الحركات المتطرفة تشويهها عن الإسلام، ووصفوا الملك عبدالله بأنه كان صريحاً وصادقاً مع شعبه والعالم، وصلباً وقاسياً في التعامل مع ملف الإرهاب.
وقال الدكتور عبدالله العسكر عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى، إن عبدالله بن عبدالعزيز نجح في القضاء على الإرهاب أمنياً وفكرياً، وتجني المملكة العربية السعودية الآن ثمار هذا الجهد العظيم لحفظ الأمن والأمان والرفاهة والتنمية المستدامة والقضاء على كل ما يهدد هذه المنجزات.
واتفق الدكتور حامد الورده عضو مجلس الشورى، على أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز حمل على عاتقه ملف الإرهاب منذ توليه الحكم، وأدرك أهمية مكافحته فكريا وأمنيا، وصارح وخاطب زعماء العالم بالمؤامرات الدولية أو من خلال سفرائهم في المملكة، ووجه رسالة صادقة صريحة لأصدقائه في الغرب بأن الإرهاب قادم، ويحتاج إلى مكافحة دولية، واستضافت المملكة مؤتمراً عالمياً لمكافحة الإرهاب، دعا فيه إلى إنشاء مركز دولي لأجل ذلك.
وشدد الدكتور زهير الحارثي عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى، على أن الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، كان رجلا استثنائيا في محاربة التطرف والإرهاب، ودعوته إلى تكريس الإسلام المعتدل، وتبوأ هذا المكان بامتياز، مشيداً بفكرة الملك عبدالله بتبني حوار الأديان، وطرح مبادرات عدة لإظهار الصورة الحقيقية للإسلام. وكانت له نظرة ثاقبة ونافذة في طرق مواجهة التطرف والإرهاب.