سلمان بن عبد العزيز.. اهتمام بالمناشط الثقافية وتاريخ المملكة
"إنني موجود في وزارة الدفاع ولكنني منتمٍ إلى الحركة الأدبية والثقافية في المملكة بشكل عام ومستعد لأي دعم تتطلبه الأندية الأدبية والثقافية بشكل عام"، أعطت هذه الجملة التي قالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لوفد أدبي الرياض أثناء زيارته له بمناسبة تعيينه وزيرا للدفاع حينها، مؤشرا ودلالة واضحة على اهتمام ملك المثقفين بالحركة الثقافية والأدبية في السعودية،حيث استطلعت "الاقتصادية" آراء المختصين في الشأن الثقافي.
بداية أكد حمد القاضي عضو مجلس الشورى سابقا أن مواقف الملك سلمان بن عبدالعزيز بوصفه أحد المثقفين أسهم في الاهتمام بالحركة الأدبية والثقافية في المملكة منذ وقت مبكر، مشيرا إلى أنه يضيف لمنظومة الثقافة في السعودية لقناعته أن الثقافة مكون أساسي للمواطن في توعيته وتثقيفه وتفاعله مع أنظمة الدولة، فضلا عن كونه مثقفا، ومعنيا بالثقافة وقارئا نهما ومتابعا لما ينشر من كتب وما يتم نشره في الصحافة المحلية والعربية.
وروى القاضي أحد مواقف خادم الحرمين الشريفين في دعم الثقافة والمثقفين قائلا: "في يوم الخميس قبل الماضي عندما شرف أعضاء مؤسسة حمد الجاسر الثقافية بلقائه بوصفه الرئيس الفخري لمجلس أمناء المؤسسة، ودار الحديث حول العناية بالمؤسسة ودورها في نشر تراثه وتاريخ بلادنا وجغرافيتها، أشار حفظه الله إلى تقديره الكبير لما قدمه حمد الجاسر وقال، كنت أسعد بزيارته ويزورني وهو أحد مؤرخي بلادنا الذين خدموا تراثها وثقافتها".
وأضاف "الدولة السعودية اهتمت منذ وقت مبكر بالثقافة والمثقفين منذ أن قام الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بتوطين البادية ونشر التعليم، واهتم أبناؤه من بعده بذلك، ونظرا لأني محسوب على قبيلة المثقفين متفائل جدا باهتمام الملك سلمان بالثقافة، والمنجز الثقافي الوطني، لهدفين أساسيين الأول أن نؤكد للآخر أن لدينا عطاءات ثقافية ومثقفين وعلماء سعوديين، أسوة بالمنجزات الاقتصادية وغيرها، والثاني وجود المزيد من الصروح الثقافية والأدبية للمثقفين وأبناء الوطن بوصف الثقافة مكونا أساسيا لمنظومة التنمية".
ودعا القاضي الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة وجميع رجالات العلم والثقافة إلى أن تتفاعل مع الموروث الثقافي للسعودية عبر إبرازه خاصة أن لدينا إرثا كبيرا على امتداد القرون الماضية يستحق العناية والاهتمام.
#2#
من جانب آخر أوضح الدكتور سعد البازعي عضو مجلس الشورى والرئيس السابق للنادي الأدبي في الرياض أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أحد البناة الأساسيين لهذا الوطن وبشكل خاص منطقة الرياض، وطوال إمارته لمدة نصف قرن، كانت علاقته بجوانب التنمية المختلفة وثيقة، وكان متابعا للحركة الثقافية وظهور المنشآت الثقافية والأدبية، وثيق الصلة بالمشهد وأشخاصه، ويستحيل كتابة التاريخ الثقافي السعودي، دون أخذ دوره الأساسي في عين الاعتبار.
وروى البازعي حديث ذكرياته قائلا، "كنت أعمل في مؤسسات ثقافية وإعلامية وكانت صلتي أوثق وإطلاعي أكثر قربا بالدور الذي لعبه خادم الحرمين الشريفين في هذا المضمار وأعرف من الوسط الثقافي عن علاقته تطور المؤسسات الثقافية بشكل خاص بما فيها الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة، وعلاقته بالكتاب بشكل شخصي".
وتابع" عندما ذهبنا إلى زيارته في وفد أدبي الرياض حيث كنت رئيس مجلس إدارته لم أستغرب معرفته بالموجودين وحديثه عن الحياة الأدبية للمنطقة وتاريخها، وكأنما هو جزء من ذلك المشهد ولا أستغرب من أن يقال إن الملك سلمان بن عبدالعزيز أحد كبار المثقفين الذين أسهموا في تطور الحياة الثقافية بشكل عام".
وأبدى سعد البازعي تفاؤله بمستقبل الثقافة في ظل وجود ملك مثقف على علم واطلاع بالوسط الأدبي والثقافي في المملكة، حيث يرأس دارة الملك عبدالعزيز ومكتبة الملك فهد الوطنية، ومعروف عنه اهتمامه بالتاريخ ولديه مكتبة كبيرة، وأنه قارئ مطلع، وهذا لا يستغرب أن يتوقع المثقفون والعاملون في الوسط الثقافي أن يزدهر المشهد بمجئ رجل له هذا الإسهام الطويل والبعيد.
واستشهد البازعي بدعم ملك المثقفين، مستذكرا في حديث ذكرياته إبان ترؤسه لأدبي الرياض، موضحا أن الملك خلال فترة إمارته للعاصمة دائما ما يشير إلى اطلاعه على ما ينشر ويكتب في الوسط الأدبي والثقافي، وكان يسأل بشكل شخصي عن البرامج الثقافية لأدبي الرياض ويسأل عن محاضراته، كما يبدي رغبته في تطوير أنشطة النادي.
وقال، "الملك سلمان كان يبدي حماسا كبيرا لأن يكون لأدبي الرياض مبنى مستقل في عام 1424 هـ، وقبل أن يحصل على دعم الملك عبدالله رحمه الله على دعم 10 ملايين ريال للمبنى، وأخبرنا حينها بالحرف الواحد أن على مجلس إدارة النادي ترتيب لقاء مع رجال الأعمال لدعم النادي وكان مهتما بهذه المسألة كثيرا، حيث تضمنت توجيهاته حرصا على تفعيل هذا المطلب وتحقيقه".
#3#
من جانبه أكد الدكتور عبدالله الوشمي أمين عام مركز الملك عبدالله لخدمة اللغة العربية الرئيس الأسبق لأدبي الرياض أن الملك سلمان يعد مرجعية رئيسة في الحركة الثقافية بمفهومها العام في السعودية، تجلت من خلال رؤية القيادة السياسية حين يوكل إليه مجموعة كبيرة من الأعمال المتصلة بالشأن الثقافي والعلاقات الثقافية وما يتصل بها، وذلك من خلال اجتماعاته المتكررة مع المثقفين وكبار مثقفي الدولة.
واستذكر الرئيس السابق لأدبي الرياض موضحا أن ضمن تلك الشواهد على ذلك زيارة وفد النادي الأدبي له بعد تعيينه وزيرا للدفاع للاحتفاء بدعمه للنادي، حيث فاجأ خادم الحرمين الشريفين بحضور سمو وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان الحاضرين قائلا، "إنني موجود في وزارة الدفاع ولكنني منتمٍ إلى الحركة الأدبية والثقافية في المملكة بشكل عام ومستعد لأي دعم تتطلبه الأندية الأدبية والثقافية بشكل عام".
وقال، "تشرفت خلال فترة عملي في وزارة الثقافة والإعلام ورئاسة النادي الأدبي في الرياض، بحضور عدد من المجالس التي رأيت فيها خادم الحرمين الشريفين وهو يأخذ الحضور بعيدا عن المعتاد، حيث تجده يسأل الحاضرين عن معلومة تنتمي إلى حضوره الثقافي والجغرافي، ويتحدث بإسهاب عن المعلومة وفق العلاقات الثقافية بين الدول، والمجتمعات".
وأوضح الوشمي أن ملك المثقفين له أدوار متعددة في الجانب الثقافي أبرزها هو دوره الكبير في رعاية دارة الملك عبدالعزيز من وصفها مكتبة إلى مركز بحوث متخصص نوعي على مستوى العالم فيما يخص الوثائق والمخطوطات والإصدارات، والمحافظة على الوثائق، ويتصل بذلك الفعاليات الكبرى التي تنعقد بين فترة وأخرى.
وأضاف "لا ننسى كذلك جهد الملك سلمان في رعاية المؤسسات الثقافية والعلمية إبان وجوده في إمارة منطقة الرياض، من خلال مكتبة الملك فهد الوطنية، التي أصبحت وطنية في تخصصها، عالمية في محتواها، وإدارتها ورؤيتها، حيث يرأس مجلس إدارتها، إلى جانب اهتمامه المستمر بالنادي الأدبي في الرياض والصالونات الثقافية المتعددة.
وتابع "سعدت خلال ترؤسي مجلس إدارة النادي الأدبي في الرياض، بزيارته حيث وجدنا من لدنه الدعم الكبير، وخاصة ما يتعلق بالبنية التحتية عبر مبادرات نوعية، حيث وجه الجهات المعنية داخل مدينة الرياض، إلى الاهتمام بالنادي بوصفه مؤسسة تمثل الجانب الثقافي لأي مدينة من المدن".
وأشار الوشمي إلى أبرز أوجه الدعم بأن خادم الحرمين في اجتماعه مع المثقفين لا يجتمع بوصفه أحد المهتمين بالجانب الثقافي والأدبي في المملكة، وإنما يجتمع معهم بوصفه أحد المنتمين له. واستعرض خلال لقاءاتهم به في وزارة الثقافة والإعلام تجربته في القراءة، ويلتقي بهم، مضيفا أن الوسط الثقافي والأدبي متفائل بشكل كبير بوجود الملك المثقف.
وأكد الوشمي أن الوسط الثقافي يتوقع أن يتحول الدعم العام الذي تجده المؤسسات الثقافية والأدبية إلى دعم نوعي للبرامج، حيث لن تصبح المسألة دعما يقدم ويحتفي به المثقفون فقط، وإنما سوف تصبح دعما بالبرامج والأنشطة وفق خطط مدروسة، متمنيا أن تتحول نماذج دارة الملك عبد العزيز ومكتبة الملك فهد الوطنية إلى نماذج حية يعيشها جميع الوطن ومؤسساته المتعددة وليس ذلك ببعيد بوجود دعم خادم الحرمين الشريفين.
من جانبه توقع سلطان البازعي مدير جمعية الثقافة والفنون أن يكون عهد الملك سلمان عهد تطور وتنمية في الوسط الثقافي بشكل كبير، لأنه يؤمن أن الثقافة جزء أساسي وأصيل في تنمية المجتمعات، مشيرا إلى أن علاقة الملك بالمؤسسات الثقافية في المملكة وثيقة جدا، سواء الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، فهو ليس ببعيد عنها ويعرف الكثير من تفاصيلها، وتفاصيل عملها، كما يعرف القائمين عليها معرفة شخصية، لافتا إلى أن المرحلة القادمة ستشهد طفرة تنموية كبيرة جدا في تلك المؤسسات، لاسيما أن عناصر البنية التحتية والتعليم في تطور مطرد، وهذا يشمل قطاع الثقافة في المملكة بمعناها الشامل.
#4#
وقال البازعي، "معروف عن خادم الحرمين الشريفين صداقته للمثقفين والمنتمين للوسط الثقافي والأدبي على المستويين العربي والعالمي، وليس على المستوى المحلي فحسب، فهو قارئ دقيق ومتابع لما ينشر في وسائل الإعلام، وهو في علاقته مع ما ينشر في الصحافة أو كتب يتعامل معها كالقارئ المتذوق قبل تعامله كمسؤول، وهو داعم للمشاريع الثقافية والفكرية، في الأحوال المختلفة".
وتابع "ليس أدل على ذلك من إنشاء مكتبة الملك فهد الوطنية التي كان خلف فكرة إنشائها كأول مكتبة وطنية في المملكة، وأيضا تطوير دارة الملك عبدالعزيز، وكان وراء تطويرها لتكون مرجعا للباحثين، في تاريخ الجزيرة العربية، والأسرة السعودية، وأصبحت مركز معلومات حي للكثير من الوثائق والشهادات، إضافة إلى أنه عرف بمتابعة ما ينشر في الوطن العربي، وامتلاكه مكتبة ضخمة خاصة له".
وأردف رئيس جمعية الثقافة والفنون قائلا، "أعتقد أن هذا الوعي رافق الملك منذ وقت مبكر، ويعرفه من تعامل معه، ومن المتوقع أن يشهد عهده نهضة ثقافية كبرى، وأنا أجزم أن القادم لا شك سيكون أفضل للمؤسسات الثقافية، ولا سيما في هذا العهد الجديد مع الملك سلمان ووجود الدكتور عبدالعزيز الخضيري وزير الثقافة والإعلام".
من جهته أكد الدكتور أحمد قران الزهراني مدير عام الأندية الأدبية أن شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تعد إحدى الشخصيات التي يحرص المثقفون في العالم العربي على الالتقاء بها خلال زياراتهم المتواصلة للمملكة، مضيفا أنه على الرغم من أن المناصب التي تولاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان سابقا كأمير لمنطقة الرياض ومن ثم وزارة الدفاع قد توحي ببعد المنصب عن الشأن الثقافي والأدبي بشكل مباشر إلا أن شخصيته ومكانته واهتمامه بالمناشط الثقافية وبتاريخ المملكة وقربه من المثقفين والأدباء والإعلاميين واستضافته المستمرة للأدباء السعوديين والعرب الذين يزورون المملكة في مهرجانات ثقافية أو علمية جعلت منه شخصية ثقافية بامتياز.
وأضاف "لقد كان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان دور كبير في بناء وتأسيس مكتبة الملك فهد الوطنية ودارة الملك عبدالعزيز ومركز الملك فهد الثقافي إضافة إلى دعمه المستمر للنادي الأدبي بمنطقة الرياض ورعاية فعالياته، وقد انعكس هذا النشاط الثقافي والعلاقة الثقافية مع المثقفين السعوديين والعرب على علاقاته بهم التي أصبحت علاقة صداقة واحترام وأصبح سلمان بن عبدالعزيز من أهم الشخصيات التي يحرص المثقفون العرب على زيارتها والالتقاء بها".
وأوضح مدير عام الأندية الأدبية أن المثقفين السعوديين ومن خلال هذه المكانة الثقافية التي يتميز بها يتطلعون إلى اهتمامه حفظه الله بالثقافة والأدب في كل جوانبها دعما ورعاية وأن يجعل لها أولوية من ضمن أولوياته في هذه المرحلة الجديدة حتى تتحقق طموحات المثقفين السعوديين بأن تصبح الثقافة السعودية في مقدمة المشهد الثقافي العربي.