خادم الحرمين الشريفين حريص على الستر ولا يحب الحديث عن أسرار الناس
"الملك سلمان لديه فراسة عجيبة؛ إذ يتعرف على الشخصية التي أمامه من أول وهلة" .. بهذه العبارة يروي لـ "الاقتصادية" بدر بن شقير الدويش المرافق الخاص لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، بعض الجوانب الشخصية التي لا يعرفها الكثيرون عن خادم الحرمين الشريفين، وقد حاولنا الكشف عن جوانب متعددة لهذه الشخصية الاستثنائية من خلال أحد مرافقيه الذي أمضى نحو خمسة عقود معه، وذكر عديدا من المواقف والذكريات مع الملك سلمان بن عبدالعزيز وطريقة تعامله مع من حوله، وتعامله مع عديد من المشكلات الطارئة بحكمة وبعد نظر.
ويتذكر المرافق الخاص لخادم الحرمين الشريفين قصصا إنسانية ومواقف مؤثرة، فيقول: "بعد خمسة أيام من وفاة عبدالله السلوم مدير مكتب الملك سلمان وسكرتيره الخاص رحمه الله، طلب الملك سلمان حقيبة محددة من المكتب، ووصفها لمن طلب منه إحضارها بأنها "حقيبة سوداء"، فأحضروا الحقيبة لخادم الحرمين الشريفين فقال: "هذه الحقيبة تحتوي على عديد من الأسرار الخاصة بعدد من العائلات التي تم حفظها".
#2#
ويتابع قصته الدويش بقوله: "كانت الحقيبة فيها قضايا من الشرط ومكافحة المخدرات وهيئة الأمر بالمعروف، وقد ستر الملك سلمان- يحفظه الله- عليهم قائلا: مات عبدالله الذي كنت أثق به، ويجب أن تموت هذه الأسرار، ولا أريد أحدا أن يطلع عليها، ثم طلب من قصره إشعال نار، وقام بنفسه وأحرق الملفات التي تحويها الحقيبة حتى أصبحت رمادا، حفاظا على أسرار المسلمين".
ويؤكد بدر بن شقير الدويش أن خادم الحرمين الشريفين كان ولا يزال يأمر بالستر على المسلمين، وإنهاء القضايا دون إخلال بمضامين الشريعة الإسلامية أو الضرر بالآخرين.
وهنا يروي أحد المواقف التي حدثت في إمارة منطقة الرياض عندما طلب أحد- وهو من الشخصيات المعروفة لدى الملك سلمان- مبلغا ماليا كبيرا آنذاك، وحرصا من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على عدم إطلاع أحد على طلب هذه الشخصية، وضع ما طلبه في ظرف مغلق، ويتنقل بالمبلغ معه في القصر والإمارة منتظرا عودة ذلك الشخص ليعطيه إياه، لكن الشخص لم يعد، وبعد أربعة أيام وخلال الاستقبال دخل عليه طفل صغير وهو يتيم الأب، وكان خادم الحرمين الشريفين يعرف والده، فسأله الملك سلمان عن طلبه قال الطفل: "لي فيك طال عمرك حاجة، فأمر بإخراج المرافقين ولم يبق سوى الملك سلمان والطفل، فقال: ماذا تريد؟ فأجاب الطفل: أنا نجحت وأحببت أعرض عليك شهادتي، فبارك له النجاح وشجعه، وكان المبلغ في جيبه فقدمه للطفل الذي كان في المرحلة الابتدائية، فبكى الطفل وأبكى معه الملك سلمان".
#3#
ويقول الدويش: "المجتمع السعودي يعرف جيدا اهتمام الملك سلمان بالأيتام، وما فروع جمعيات الأيتام المنتشرة إلا بذرة من بذور سلمان، الملك الإنسان".
ويتابع الدويش: "خادم الحرمين الشريفين لم يرد مواطنا وصل إليه، ولم يغلق هاتفه النقال عن أحد، وأول ما يفعله بعد استيقاظه من النوم الاتصال على سنترال القصر، والسؤال عن الاتصالات التي وردته قبل نهوضه عن سريره، فيلبي طلبات المتصلين، إذ يحول المريض للمستشفيات، ويلبي حاجة المحتاج، ويشوف مظلمة المظلوم، وهذا ديدنه وروتينه يوميا منذ عرفته إلى الآن، فلا يوجد مواطن خارج المملكة أو داخلها طلب سلمان إلا ولبى طلبه، وفي حال انشغاله باجتماع أو راحة، يقوم السنترال بتسجيل بيانات المتصل وطلبه بعد أن يفرغ الملك سلمان من انشغالاته ليلبي طلباته بقدر استطاعته".
وحول مجالس الملك سلمان الخاصة يقول المرافق الخاص: "يدور الحديث في تلك المجالس عن هموم الوطن والمواطن، ويتلمس الملك سلمان الاحتياجات، كما تناقش القضايا التاريخية خصوصا تاريخ المملكة"، مؤكدا أنه لا يوجد أحد ينافس الملك سلمان في التاريخ، فهو العارف بتاريخ البلاد والعائلات والقبائل والبيوت السعودية، ولا يزال يذكرها، ويعرف بعضهم أكثر من معرفتهم بأنفسهم، ويصحح لهم معلوماتهم عن قبيلتهم وجدهم وأبوهم، ومن أي فخذ في القبيلة".
مؤكداً أن هذه إحدى الميزات الخاصة للملك سلمان، فهو دارس دراسة مستفيضة فيها، ويستحيل أن يأتي إليه أحد ويعرفه باسمه إلا وتجده يقول له: "أنا أعرف أبوك أو جدك أو عمك لمعاصرته لهم، ويقضي شؤونهم في أطراف المملكة".
ويؤكد الدويش أن الموجودين في مجلس الملك سلمان يوميا نصف قبائل المملكة، ويقول خادم الحرمين الشريفين: "الحمد لله والشكر على توحيد السعودية، أصبحنا في مجلس واحد، وقبل توحيد المملكة كانت هناك حروب بين القبائل ولا فرق بين أبناء القبائل وكلنا إخوان".
ويشير المرافق الخاص لخادم الحرمين الشريفين إلى أن برنامج الملك اليومي معروف أيام الدوام، لكن أيام الإجازات الأسبوعية يستيقظ الصباح ثم يفطر ويمارس الرياضة إلى قبل الظهر، ثم يطلب المرافقين، أما الغداء فلا يتعدى الساعة الثانية والنصف ظهرا، وبعد صلاة العصر يأخذ قسطا من الراحة، وبعد استيقاظه المغرب يمارس الرياضة، وفي الساعة الثامنة بعد صلاة العشاء يجلس مع المرافقين، ويتناول العشاء الساعة التاسعة أو الساعة التاسعة والنصف، وبعد ذلك يشاهد التلفزيون ويقرأ بعض الكتب، وفي الساعة الحادية عشرة أو الساعة الثانية عشرة يذهب للنوم سواء داخل السعودية أو خارجها.
#4#
وعن أبرز الأحاديث في مجلس الملك سلمان، يؤكد الدويش أنه تاريخ السعودية والقبائل والعشائر السعودية، وما يهم المواطنين، موضحا أن الملك سلمان يستفسر ويبحث عن الذي فقده ولم يشاهده في المجلس وعن المرضى أو من عليه مصيبة أو مشكلة ولم يأت إليه سواء داخل أو خارج الرياض.
وأكد أن الملك سلمان يقبل الرأي والرأي الآخر بصدر رحب، ويستفسر ويبحث عن مصداقية الرأي حتى يتأكد ويبلغ الشخص بصدق رأيه أو معلومته ويصحح له الخطأ.
وعن تعامله مع أبنائه يقول المرافق الخاص: "الملك يحب دوما التواصل مع أبنائه يوميا، سواء من كان خارج السعودية أو داخلها، ولا يمكن إلا أن يكلمهم فردا فردا حتى الصغير فيهم، وفي حالة عدم وجودهم أو نومهم يبلغون بوجوب مكالمتهم له".
وحول بعض السمات الشخصية في الملك سلمان يقول الدويش إن خادم الحرمين الشريفين عاطفي، إلا أنه لا يرضى بالخطأ، ولا بأي تصرف يخرج عن نطاق التربية السوية، وفي الوقت ذاته يحمل داخله الكثير من الأحاسيس المليئة بمعاني الأبوة، فهو قريب من أبنائه يستمع إليهم، ويناقش أفكارهم، وعلى الرغم من مشاغله حريص على متابعة أبنائه وعلى تربيتهم، وعلى الاعتماد على النفس بالدرجة الأولى، مؤكدا أن أسلوب الملك صارم وحازم في عديد من الأمور الخاصة بهم، خصوصاً الجانب التعليمي، وكان يتابع نتائج اختباراتهم أولا بأول.