العقال العربي من حزن الأندلس إلى رمز الأصالة

العقال العربي من حزن الأندلس إلى 
رمز الأصالة
العقال العربي من حزن الأندلس إلى 
رمز الأصالة

اشتهرت محافظة الطائف بعديد من الحرف والصناعات اليدوية التي يعود تاريخها إلى مئات السنين، ومن أبرز تلك الحرف والصناعات حرفة صناعة العُقل أو حياكتها "فالعقال" يمثل أحد رموز الأصالة والانتماء للرجل العربي والخليجي، وموروثاً تاريخياً لا تكتمل أناقة الزي إلا بتتويجه على الرأس مشتركاً مع الغترة أو الشماغ، وعُرف لبس العقال في الجزيرة العربية والشام والعراق وبادية سيناء في مصر.

يأتي سوق الطائف القديم بوسط البلد والمعروفة بحارة "فوق"، حيث يوجد به أحد أقدم حرفيي صناعة العقال في الطائف وهو عبدالعزيز محمود جاجة (66 سنة)، ويمارس هذه الحرفة منذ 56 سنة التي ورثها عن والده.

في البداية يقول العم عبدالعزيز، إن نشأة ثقافة لبس العقال ظهرت عند العرب قديماً في العصر العباسي بعد أن لبس العرب قطعة من القماش سوداء اللون يعصب بها الرأس تعبيراً عن حزنهم لسقوط الأندلس وتطورت بعد ذلك لتأخذ شكل العقال الحالي الدائري الشكل، مشيراً إلى أن أهل السعودية ومنطقة الحجاز، خاصة أهل مكة المكرمة اشتهروا من بين العرب بلبس العقال "المقصب" أو"المربع" وهو ما يُعرف "بعقال فيصل" حيث اشتهر بلبسه الملك فيصل بن عبدالعزيز- رحمه الله- ويتألف العقال "المقصب" من وبر الجمال، ولونه بني فاتح أو أبيض، ويتدلى منه خيطان.

وأبان العم عبدالعزيز لـ"واس" أن من أبرز البيوتات التي اشتهرت بحياكة العقال المقصب "قديماً بيت الحريري في منطقة مكة المكرمة، حيث تميز أهل هذا البيت بتفردهم بهذه الحرف من حيث جودة منتجهم على غيرهم من الصناع".
وذكر أن العقال الدائري ذا اللون الأسود القاتم هو أكثر العقل استخداماً وله عدة أنواع حسب المادة التي يتألف منها وهي المخمل "القطيفة"، القطني، الصوفي، الحريري، والبلاستيك، ويتميز بلونه الأسود القاتم، وله عدة مقاسات حسب مقاس الرأس والشائع ما بين الأرقام (45 إلى55 سم)، أما سماكة العقال فتتراوح بين ( 4.5 إلى 5.6 )، ويبلغ محيط استدارة العقال الذي يأخذ الشكل الدائري (110 سم)، حيث يكون في كل اتجاه مرحلة كسرة العقال على شكل 8 باللغة الإنجليزية تنقسم الدائرة إلى دائرتين متساوية المحيط بحيث تأخذ شكل العقال في صورته النهائية.

#2#

وبين أن صناعة العقال تستخدم فيها مجموعة من الأدوات تتمثل في الماكينة وهي بطول 150 سم بمسندين لصنع البطانة ولفّ وجه العقال، والمدقّة الخشبية لتعديل العقال وإحكام استدارته، والمبرم أو المغزل بطول مضاعف لبرم الخيوط، والقالب لقياس العقال وتعديله، والفرشاة من الحديد لتنظيف وجه العقال، إلى جانب الإبرة والمقص والمشط وتستخدم في تصنيع العقال مجموعة من المواد الخام وهي الصوف والحرير والبلاستيك، وتتألف بطانة العقال من القطن الأبيض ثم يضاف إليه القطن الأسود ويغلف بالحرير أو الصوف. ويشرح العم عبدالعزيز بقية خطوات صناعة العقال، حيث يقول تمر صناعة العقال الواحد بأربع مراحل وهي مرحلة لف العقال، وهي عبارة عن وضع المقاسات وصناعة البطانة، التي تتكون من القطن الأبيض والأسود ولف وجه العقال أو برمه، يليها مرحلة كسرة العقال وهي عبارة عن وصل جهتي العقال وربطها ببعض وعقدها، ثم مرحلة تدريس العقال وهي حياكة طرفي العقل وعقده وتلبيس العقدة، ومرحلة وزن العقال وهي ضبط وزن ومقاسات العقال باستخدام القالب والمدقة الخشبية.

وتأخذ صناعة العقال الواحد بعد تحضير المواد الخام مدة ساعة من الزمن، ويزداد الطلب على شراء العقال واقتنائه في المواسم خاصة نهاية شهر رمضان المبارك، ومع حلول عيد الفطر السعيد، وتراوح أسعار العقل بين 70 إلى 100 ريال، وتصل وقت الموسم إلى 150 ريالاً، وهو قابل للتغيير مع الموضة في حجمه وفي الخامة الخارجية.

ويمكن التمييز بين الجيد والرديء ومعرفة المادة المصنوع منها العقال بإجراء اختبار بسيط على العقال من خلال تعريضه للحرق في طرفه، حيث تفوح رائحة الشعر المحروق من الصوف الطبيعي، ورائحة القماش المحروق المصنوع من القطن، ورائحة البلاستيك المحروق المصنوع من النايلون.

الأكثر قراءة