«أوبك» تتوقع تنامي الطاقة البديلة دون التأثير في النفط التقليدي

«أوبك» تتوقع تنامي الطاقة البديلة دون التأثير في النفط التقليدي

توقعت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن تشهد منظومة الطاقة حتى عام 2040 تزايداً في نمو الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة خاصة الطاقة المائية ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية بوتيرة أسرع من السابق بسبب اهتمام الحكومات بدعم الإنتاج من هذه المصادر الجديدة.
وأوضح التقرير الذى تضمن تحليلا لآفاق الطاقة المستقبلية في العالم، أنه برغم الزيادة في مصادر الطاقة البديلة إلا أن حجم مساهمتها في مزيج الطاقة العالمي حتى 2040 سيظل محدودا ومتواضعا مقارنة بالنفط التقليدي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى التي سوف تستمر في لعب دور قيادي في سوق الطاقة في العالم.
وذكر التقرير أن الاعتماد على النفط سيشهد تراجعا طفيفا إلا أنه سيبقى المصدر الأول والأهم للطاقة في العالم خلال أكثر من عقدين مقبلين، وسيظل الشرق الأوسط وآسيا مركز الثقل في الحركة العالمية لإنتاج وتجارة النفط في المقام الأول، كما أن آسيا ستظل مركز الطلب الرئيسي على النفط.
وأشار التقرير إلى استمرار وتيرة زيادة الطاقة الإنتاجية النفطية بما يفوق الطلب بكثير مما ينبه إلى استمرار حالة وفرة المعروض على الأقل في المدى المتوسط وهذا يمكن أن يؤدي إلى آثار سلبية على القدرات الإنتاجية لبعض المنتجين في هذا القطاع وسيؤدى إلى تصاعد الضغوط لإغلاق العديد من مناطق الإنتاج خاصة في أوروبا.
وقال التقرير إن هناك تحديات أخرى لديها انعكاسات وتأثيرات واسعة في القدرة على الإنتاج في مجال النفط والطاقة وسترسم ملامح السوق في المستقبل ولعل أبرزها تأثير الانتعاش الاقتصادي العالمي في نمو الطلب إلى جانب أثر السياسات والتدابير التي يمكن أن تنجم عن المفاوضات المستمرة الخاصة بقضية تغير المناخ المحتمل وهي أمور لم تتضح ملامحها بعد ويمكن أن تكون لها تأثيرات واسعة على مشهد ومستقبل سوق الطاقة في العالم.
وبحسب التقرير فإن التكنولوجيات الحديثة وحجم التطور فيها سيكون له تأثير واسع في العرض والطلب في سوق النفط المستقبلي لأن هذه التطورات نجحت في تغيير الكثير من جوانب هذه الصناعة في السنوات الأخيرة، وعلى سبيل المثال فإن ما حققته التطورات الجديدة والمهمة في مجال تكنولوجيا الحفر سمح لصناعة النفط بتوسيع نطاق عملها إلى المناطق الحدودية.
وأضاف التقرير أنه إضافة إلى ذلك، هناك أيضا التحديات الجارية الخاصة بالتكاليف الرأسمالية وارتفاع القيود المفروضة على الموارد البشرية، وكلاهما يمكن أن يؤثر في نمو الصناعة في المستقبل، وأنه يتعين على القائمين على صناعة النفط إيجاد معالجات مناسبة لهذه القضايا في الفترة المقبلة من أجل ضمان استقرار ونمو الصناعة والحفاظ على معدلات مرضية للمعروض في المستقبل.
وأكد التقرير أنه لا أحد يستطيع بدقة التنبؤ بمستقبل الطاقة ولكن علينا دراسة المتغيرات بشكل جيد والاستعداد لكل السيناريوهات والأخذ بالآليات الجيدة للتعامل مع كل المتغيرات المحتملة وإذا وضعنا نصب أعيننا مجموعة متنوعة من الاحتمالات سيمكننا ذلك من فهم أفضل لما يمكن أن يحمله المستقبل.
وأشار التقرير إلى أن الدور الرئيسي لمنظمة أوبك في السنوات المقبلة سيركز على الاستمرار بقوة في الكفاح من أجل استقرار السوق وضمان التوازن بين العرض والطلب وتحقيق التنسيق والتعاون المتبادل بين المستهلكين والمنتجين.
ولفت التقرير إلى ضرورة أن يدرك الجميع حجم الدور الرئيسي الذي تلعبه الطاقة في نمو الاقتصاد العالمي والحد من الفقر وتحقيق الأمن الغذائي، وتوفير المياه وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين في كل العالم ومساعدة الطبقة المتوسطة على تحسين أوضاعها في الدول النامية.
وذكر التقرير أن العالم يحتاج إلى تكثيف جهود دفع التنمية المستدامة خاصة في ضوء بعض الإحصائيات المهمة التي تؤكد أنه يوجد حاليا أكثر من 1.2 مليار نسمة في العالم لا يحصلون على الكهرباء خاصة في إفريقيا وآسيا.
وأعرب التقرير عن تمنياته بنجاح الجهود الدولية برعاية الأمم المتحدة في القضاء على الفقر، وأن حصول الجميع على خدمات الطاقة بأسعار معقولة، وأن يتحقق هذا الأمر بشكل فعال وناجح بحلول عام 2030 مشيرا إلى أهمية التعاون الدولي وتعزيز التفاهم في سوق النفط من خلال تقديم الأفكار وتبادل التحليلات.
وتعليقا على التقرير، يقول لـ "الاقتصادية"، رون بجرنسون المختص النفطي، إن هناك حاجة إلى تأمين امدادات الطاقة لكل دول العالم بأسعار مناسبة تكفل استمرار برامج التنمية وتحسين مستويات المعيشة وتنامى الاستثمارات.
وأشار بجرنسون إلى أهمية العمل على علاج مشكلة تباطؤ الأداء الاقتصادي والانكماش في العديد من الدول والذى يؤثر سلبا في مستوى الطلب ويزيد حجم الفجوة مع المعروض النفطي الذي تنامى بوتيرة متسارعة وغير مسبوقة، منوها إلى الحاجة دوما إلى إدارة السوق بشكل جيد وفعال واستيعاب المتغيرات وهو ما جاء تفصيلا في تقرير أوبك.
ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور إبراهيم عزت المختص النفطي ورجل الأعمال المقيم في النمسا، أن وفرة الإنتاج وتنوع مصادر إنتاج الطاقة أمر طبيعي ومطلوب لمستقبل الاقتصاد العالمي خاصة في ضوء التنامي السريع للكثافة السكانية في آسيا وإفريقيا.
وأضاف عزت أن اختلالات السوق يمكن مواجهتها بتعاون جميع الأطراف وتغليب المصلحة العامة، مشيرا إلى ضرورة التركيز على ضبط الإنتاج واستقرار السوق وتشجيع نمو الاستثمارات وتهيئة المناخ لنمو اقتصادي جيد ومتوازن في كل من دول الانتاج والاستهلاك على السواء.
وفيما يخص الأسعار، فقد كان استقرار أسعار النفط فوق 55 دولارا للبرميل أمس ليس بعيدا عن مستوياته المنخفضة هذا الأسبوع مع ظهور المزيد من الدلائل على تخمة المعروض التي أدت إلى امتلاء صهاريج التخزين في أنحاء العالم.
وارتفع سعر مزيج برنت في 30 سنتا إلى 55.41 دولار للبرميل، واستقر سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عند 47.51 دولار للبرميل.
وأظهر تقرير لمعهد البترول الأمريكي أمس الأول ارتفاع المخزون 4.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي يوم 20 آذار (مارس) ليرتفع بذلك إجمالي مخزونات النفط الأمريكي إلى مستويات قياسية تزيد على 450 مليون برميل.
كما ارتفعت مخزونات النفط الصينية لمستويات تاريخية، وقال مدير في شركة سينوبك الصينية لمنتدى عن قطاع النفط إن صهاريج التخزين التجارية والاستراتيجية للبلاد امتلأت عن آخرها تقريبا، مضيفاً أنه مع اقتراب طاقة التخزين من حدها الأقصى فمن المحتمل أن تستقر واردات النفط الصينية أو ترتفع قليلا هذا العام.

الأكثر قراءة