تزايد الإقبال على شراء الأسهم النفطية مع تنامي الثقة بالسوق
واصل النفط الخام شق طريقه بقوة نحو الارتفاع وتحقيق مكاسب سعرية متلاحقة وسجل خام برنت والنفط الأمريكي وسلة أوبك طفرات سعرية سريعة وازداد الإقبال على شراء أسهم النفط مع توقع تنامي الأرباح والأسعار وتراجع تأثير العوامل السلبية خاصة وفرة المعروض. ويقول لـ "الاقتصادية"، رالف فالتمان المحلل النفطي، إن نمو الأسعار بدأ يتضح بقوة في ملامح سوق النفط العالمية وهو الأمر الذي كان متوقعا بعد أن عانت السوق انخفاضات قياسية في فترات سابقة مشيرا إلى أن أجواء من الثقة والتفاؤل تسود الآن في أسواق الطاقة.
وأضاف فالتمان أن العديد من البورصات العربية والدولية ارتفعت أسعارها متأثرة بارتفاع أسعار الخام كما حدث إقبال واسع على شراء أسهم النفط بعد أن أدرك المستثمرون أن الفترة القادمة ستشهد مزيدا من النمو والارتفاع في الأسعار.
وأشار فالتمان إلى أن فائض المعروض العالمي من النفط الخام الذي كان يقدر بنحو مليوني برميل يوميا تراجع بحسب بعض التقديرات الاقتصادية إلى أقل من النصف بسبب تقلص الإنتاج الأمريكي وتوقف الحفارات وتقليص الاستثمارات إلى جانب صدور بيانات ضعيفة عن الأداء الاقتصادي الأمريكي بشكل عام.
وأكد فالتمان أنه بالتزامن مع ذلك جاء نمو المخزونات الأمريكية ضعيفا وأقل من المتوقع وهو ما مثل دفعة جديدة لنمو أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية إذ يظل مستوى المخزونات هاجسا يقلق ويؤثر في مستوى الأسعار. ولكن تراجع الإنتاج الأمريكي غير الكثير من المعادلات الاقتصادية ودفع الأسعار للارتفاع مثلما تسببت طفرة إنتاجه في السابق في إغراق السوق وإضعاف الأسعار. من جهته، أوضح لـ "الاقتصادية"، رون بجرسون المحلل الاقتصادي، أن ارتفاع الأسعار بهذا الشكل المتسارع على الرغم من ارتفاع الإنتاج السعودي وقرب عودة الصادرات الإيرانية يؤكد أن قرار أوبك بالإبقاء على مستوى الإنتاج كان صحيحا وثاقبا ويقدر بدقة تطورات السوق وعوامل التأثير فيه.
وأشار بجرسون إلى أن الإنتاج من خارج دول أوبك كان المسؤول بشكل أساسي عن الانخفاضات السابقة وها هي السوق تستعيد توازنها من جديد بعد تقلص الإنتاج من خارج أوبك خاصة النفط الصخري الأمريكي.
ونبه بجرسون إلى ضرورة الحفاظ على إمدادات النفط حتى لا تواجه انخفاضات جديدة وحادة ومن ثم يختل التوازن بين العرض والطلب من جديد ولكن هذه المرة لصالح الطلب ما يتسبب في أزمات اقتصادية واسعة خاصة مع تنامي المخاوف من تأثير الصراعات الجيوسياسية في استقرار السوق.
وأكد بجرسون على ضرورة تعاون كافة الأطراف على تحقيق استقرار مستمر في السوق وتوازن حقيقي بين العرض والطلب لأن الارتفاعات الحادة أو الانخفاضات الحادة لها آثار سلبية في الجميع سواء منتجين أو مستهلكين.
فيما تقول أمريتا إنج المحللة السنغافورية، إن المكاسب السعرية التي تحققت في الأيام الماضية تعكس الثقة المتنامية في سوق النفط حيث تغلب نمو الأسعار على تأثير العديد من العوامل التي تجذب السوق نحو الانخفاض ومنها قوة الدولار الأمريكي وبيانات ضعيفة عن الاقتصاد الصيني وهو أبرز المستهلكين للنفط عالميا.
وألمحت إنج إلى الاجتماع الذي عقد أخيرا بين وزير النفط الفنزويلي وسفراء أوبك في كاراكاس وهو ما يعني أن مزيدا من التنسيق والتشاور يتم حاليا بين الدول الأعضاء في أوبك قبل الاجتماع الوزاري في حزيران (يونيو) المقبل.
وأوضحت المحللة السنغافورية أن التوقعات تشير إلى زيادة اعتماد السوق العالمية على صادرات أوبك في الفترة المقبلة بعد تراجع الإنتاج الأمريكي المنافس نتيجة انخفاض الأسعار وهو ما يؤكد أيضا أهمية قرار أوبك السابق بالحفاظ على مستوى إنتاجها حيث لم تحتفظ فقط بحصتها السوقية بل من المتوقع زيادتها لتصل إلى مستويات سابقة وتمثل 40 في المائة من المعروض العالمي.
وأشارت إنج إلى استعادة منطقة الشرق الأوسط زخمها الإنتاجي مستفيدة من قربها من مراكز الطلب العالمي وانخفاض تكلفة الإنتاج فيها وهو ما سيؤدى إلى استمرار تعافي الأسعار وسيدعم ذلك أكثر إذا تحقق الاستقرار السياسي في المنطقة وتحجيم الصراعات السياسة.
وفيما يخص الأسعار، سجلت أسعار خام برنت أعلى مستوياتها هذا العام فوق 63 دولارا للبرميل أثناء التعاملات المبكرة في آسيا أمس بعد مكاسب بلغت أكثر من 5 في المائة في الجلسة السابقة، وقال محللون إنه من المرجح أن تواصل الأسعار الصعود على الرغم من وفرة المعروض في الأسواق.
وبحسب "رويترز"، فقد بلغ سعر عقود برنت الآجلة لأقرب استحقاق 63.10 دولار للبرميل بعد أن سجل في وقت سابق مستوى أكثر ارتفاعا بلغ 63.32 دولار.
واستقرت عقود الخام الامريكي عند 56.39 دولار للبرميل بعد أن سجلت أعلى مستوى لها هذا العام عند 56.69 دولار.
وأظهر تقرير وكالة الطاقة الأمريكية ارتفاع مخزونات النفط الخام خلال الأسبوع الماضي بقيمة 1.294 مليون برميل باقل من التوقعات التي أشارت إلى 4.057 مليون برميل، بينما كانت القراءة السابقة تشير إلى 10.949 مليون برميل.
ويعكس الارتفاع المحدود للمخزونات الأمريكية مقارنة بالكميات القياسية خلال الفترة الماضية تراجع عمليات الإنتاج في الولايات المتحدة في ظل إغلاق المنصات النفطية لمواجهة ضعف السعر.
وساعد هذا على ارتفاع أسعار النفط الخام في ظل اعتقاد الأسواق أن الأسوأ قد انتهى وأن النفط الخام قد وجد القاع الذي يبحث عنه ليبدأ في الارتفاع خلال الربع الثاني من العام الجاري.