«الكبدة» وجبة غذائية شعبية لا يتخلى عنها أهالي مكة
الزائر لمنطقة مكة المكرمة خلال شهر رمضان المبارك يلاحظ انتشار بسطات "الكبدة" التي يقبل عليها أهالي المنطقة والمقيمون فيها لتناولها على وجبة السحور، بوصفها وجبة غذائية شعبية عرفها الأهالي منذ عقود قديمة.
ويعزو أصحاب البسطات والزبائن الإقبال الكبير الذي تجده هذه البسطات لندرة توافرها في أوقات أخرى غير الشهر الفضيل، إلى جانب الشعور الذي تمنحه للناس، فيعيشون من خلاله أجواء رمضانية اجتماعية فريدة.
وأكد سعيد المولد أحد الطهاة أن "الكبدة" من الأطباق الرئيسة التي يعشقها أهالي مكة المكرمة خاصة بعد الفراغ من صلاة التراويح، حيث تمثل وجبة خفيفة، تتيح الفرصة لاجتماع الأصدقاء للتمتع بأكلها، وسط أجواء تراثية رائعة، يحرص بائعوها على توفيرها، من خلال وضع الفوانيس وقطع القماش المزخرفة، إضافة إلى أزيائهم الشخصية التراثية، لجذب أكبر عدد من الزبائن.
ومن جانبه أوضح حسين البيشي صاحب بسطة شهيرة لبيع "الكبدة" في مكة، إنه يقوم بهذا العمل كل عام خلال رمضان، بعد أخذ التصريحات اللازمة من البلدية، مؤكدا أن بسطته تشهد إقبالا كبيرا من الزبائن، خاصة من المصلين الذين يفرغون من صلاة التراويح.
وعدّ عبدالله الحربي "الكبدة" من الوجبات الخفيفة التي يمكن تناولها خلال فترة ما بين الإفطار والسحور، مؤكدا أنه اعتاد مع والده منذ الصغر ارتياد مواقع هذه البسطات، حتى أصبحت بالنسبة إليه وإلى كثيرين من أهالي وسكان مكة عادة سنوية يحرص عليها، وباتت تراثا مكيا، أسهم في ذلك الطابع الذي تتزين به، المتضمن المشربيات والرواشين والفوانيس، التي عرفت بها العاصمة المقدسة منذ القدم.
وقال سمير فضل صاحب بسطة رمضانية لبيع الكبدة، "هناك تنافس جميل وودي بين الباعة، تحفه الابتسامة، يتمثل في لفت انتباه الزبائن عبر تزيين بسطات الكبدة، والحرص على أن تكون بسطة كل منهم الأجمل والأروع، في تقليد اعتاد أهالي مكة رؤيته وعيشه كل عام مع إطلالة هذا الشهر المبارك"، مؤكدا أن البسطات تجد إقبالا كبيرا من الأهالي يجعلها مهنة مربحة يصل دخلها اليومي إلى 2000 ريال تقريبا.
وأفاد أبو حسن السليماني وهو من أشهر أصحاب البسطات الرمضانية، "أن تحضير الكبدة يعتمد على مهارات خاصة تبدأ من اختيار نوع الكبدة، وينتهي بطريقة طبخها، فلكل متمرس في هذه المهنة طريقته الخاصة في طبخها، وطريقة تقديمها للزبائن"، مبينا أن الزبائن من جميع شرائح المجتمع.
ويطالب السليماني البلدية بتوفير مواقع دائمة لهذه البسطات، ليمكنها العمل على مدار العام، داعيا إلى استمرار الرقابة الصحية، التي تجعل الزبائن مطمئنين لارتياد المكان بشكلٍ دائم، مؤكدا أن الدخل المادي للمهنة جيد، ويتيح تشغيل عديد من الشباب الراغبين في العمل بها.
ووفقا لـ "واس" أعرب عدد من الزبائن عن إعجابهم بالأجواء الرمضانية التي يحتضنها المكان الذي تباع فيه هذه الأكلة الشعبية، التي ارتبطت شهرتها بشهر رمضان، ويزداد الإقبال عليها بصورة لافتة خلال هذا الشهر.
من جانبه أبان سعد المحياني أن أسعار "الكبدة" لم تتغير منذ سنوات عديدة، وهذا يحسب لنزاهة وقناعة الباعة، حيث إن ثمن الصحن لا يتجاوز عشرة ريالات، فيما يباع الساندويتش بخمسة ريالات، عادا إياها أسعارا مناسبة للجميع، مشيرا إلى أن الأيام المتبقية من شهر رمضان المبارك يشهد فيها الطلب ارتفاعا كبيرا على "الكبدة" ويلاحظ الزحام على البسطات.